-A +A
بدررررر بن سعود
لا شك أن الحسد من أكثر الرذائل التي نالت نصيبا من خشية أفراد المجتمعات القديمة والمعاصرة، وحظي الحديث عنه بمساحات كبيرة من الأثر العربي القديم. ذكر في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وأشعار الحكمة، وحكايات السابقين، وارتبطت به عشرات المعتقدات الخرافية المتعلقة بوسائل دفعه والوقاية منه. كما نال حظا من أعمال فنية تطرقت إليه بأسلوب كوميدي مضحك، ففي مسرحية (الهمجي) التي تقاسم بطولتها كل من الفنان (محمد صبحي) والفنانة (سعاد نصر) لا يسعنا نسيان مشهد الزوجة التي تهتف أمام جهاز تلفاز يمتلكه آخرون: «عيني حتطلع عليه!» فينفجر التلفاز على الفور مخلفا وراءه سحبا من الدخان!! أما فيلم (الآنسة مامي) فقد أجادت فيه الفنانة (إيمان السيد) تقديم دور السيدة التي تحسد سيدة أخرى على صحتها، وزوجها، وأطفالها، وجمالها، وجهاز الـ (آي باد) الخاص بها الذي سرعان ما احترق هو الآخر مخلفا سحابة صغيرة من الدخان فور إلقائها نظرة قصيرة عليه مشفوعة بتعليق ملتهب!
كلما كبرت الفجوة المجتمعية والمادية بين الناس كثر الحسد بينهم، والظروف المجتمعية والاقتصادية المعقدة التي يجتازها الناس اليوم جعلت معظم الناس يحسدون معظمهم على كل النعم وأبسط الفرص؛ يحسدونك على شهاداتك العلمية التي نلتها بشق النفس، ومهنتك التي تكاد تقتلك إرهاقا جسديا ونفسيا، وعلى صحتك وإن كنت عميلا دائما لعيادات الأطباء، وعلى أسرتك إن كنت متزوجا، وعلى راحة بالك إن لم تكن متزوجا، وعلى حذائك الجديد، وكوب الماء الذي تشربه، وعلى وجهك الذي لا يكتسحه حب الشباب! غير عالمين أن الأرزاق كلها تقسم بعدالة رب السماوات، وإذا كان عندي ما ليس عندك؛ فعندك ما ليس عندي.
للتواصل عبر تويتر:
Twitter @zainabahrani

zainabahrani@gmail.com