بعد الخروج من أحد مساجد المدينة، قابلت رجلا أخذني في أحاديث متشعبة، منها ضرر العمالة المنزلية، وكيف أن من نجلبها إلى البيت ونأمنها عليه قد تحدث مضار ومشكلات لا حلول لها، فقد تفرق بين الأخ وأخيه، والأب وابنه، والزوج وزوجه، وأخذ يسرد بعض القصص التي تبرهن على ذلك، لكنه لما تحدث عن إحدى القصص انقبض قلبي ولم تقبلها نفسي، قال: إن أحد معارفه لديه ابنة شابة حدث بينها وبين العاملة سوء تفاهم بقي في نفسها مع تصاعد الخلاف بينهما، وذات يوم طلبت من الأب أن يبعث برسالة إلى أهلها في بلدهم، فلما أخذها شك في الأمر حيث يبدو وزن الرسالة ثقيلا، فاضطر لفتح الرسالة فوجد قطعة من لباس ابنته داخل المظروف، فأصابه وزوجه الذعر مما ظنا أنه سيحدث لابنتهما من عمل تدبره هذه المرأة، فتوصلا إلى خطة فيها مكر وانتقام، حيث أخذا بعض لباس تلك العاملة ووضعاه بديلا للباس ابنتهما داخل المظروف، وبعثا بالرسالة إلى أهلها في تلك البلاد لقلب حالة المكيدة التي كانت تحاك لابنتهما، وبعد شهر من بعث الرسالة بدت التغيرات ــ كما تقول الرواية ــ تطرأ على هذه العاملة من سوء في الصحة وتبدل في الحال وضعف وهزال حتى تم تسفيرها لتلاقي حتفها.. لن أكمل الخبر الذي لا أصدقه ولا أريد أن أصدقه، وإذا أردت أن آخذ به لكمال عقل راويه، فإنني سأتعجب مما يفعله الإنسان بأخيه الإنسان، وما يفعله التشفي بديلا عن العفو ومخافة الله عوضا عن أذى عباد الله، كيف يهنأ من يعلم أن أحدا بسببه سيتعرض للأذى في صحته وبدنه!!؟ كيف يقر له قرار وهو بيده يضع أداة التدمير لحياة سواه، ويكون وسيلة من تعطيل عافيته؟؟ أليس في هذا العمل سوء خلق مع الله قبل أن يكون مع الناس؟ أوليس ما قام به هذا الرجل وزوجه عملا مخالفا للشرع؟ فقد وقعا في ما أنكراه على غيرهما من عمل محرم؟ فهما قاما بالعمل ذاته في امرأة ربما تكون مخطئة أو مجرمة أو جاهلة!! لكن ذلك ليس مسوغا لارتكاب الخطأ ذاته!!
فما ضر لو أنهما قاما بتنبيه العاملة وتوعيتها واستثمار الخطأ لصالح الصواب، وإنقاذها من خطيئة ربما اقترفتها عن جهل.. أين أخلاقنا الإسلامية الحميدة ؟ هل نحن قوم لا نعمل الصواب إلا مع من يرضينا، أين قوله تعالى (.. ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى...) ومن العدل أن تكون سريرة المرء لا تخالف علانيته، وأن ما نقوم به حال الغضب في حق غيرنا يجب أن يكون ما نفعله حال الرضا أمام الآخرين، إن حسن الخلق نتيجة وعي حضاري وثقافة نبيلة، لا يمكن أن تكتفي بسماع شريط أو حضور ندوة، أو أن تظهر في كلامك وسلوكك الخارجي القيم والمبادئ ثم تختفي كلها عند التعامل، مجتمعنا بحاجة إلى ثقافة التطبيق والتعامل مع المعتدي مهما كانت ضآلة حجمه لكن تتعامل مع من هو أهم.
إن لم يكن التطبيق على مستوى الواقع والمعايشة، فكل ذلك مصيره إلى الزوال و الانكشاف!!، لا نريد أعمالنا وأخلاقنا في الفضاء المفتوح أجمل من أخلاقنا في الفضاء المغلق، ليت ذلك الرجل وزوجه راقبا الله ولم يتلذذا بالتشفي من إنسانة غادرت إلى بلدها، عاملة أخطأت وكان يمكن تعديل سلوكها، ليت أنهما أيقظا ضميرهما بدلا من تركه على وسادة الأنانية حين أغلقا عليه إضاءة الضمير.
فما ضر لو أنهما قاما بتنبيه العاملة وتوعيتها واستثمار الخطأ لصالح الصواب، وإنقاذها من خطيئة ربما اقترفتها عن جهل.. أين أخلاقنا الإسلامية الحميدة ؟ هل نحن قوم لا نعمل الصواب إلا مع من يرضينا، أين قوله تعالى (.. ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى...) ومن العدل أن تكون سريرة المرء لا تخالف علانيته، وأن ما نقوم به حال الغضب في حق غيرنا يجب أن يكون ما نفعله حال الرضا أمام الآخرين، إن حسن الخلق نتيجة وعي حضاري وثقافة نبيلة، لا يمكن أن تكتفي بسماع شريط أو حضور ندوة، أو أن تظهر في كلامك وسلوكك الخارجي القيم والمبادئ ثم تختفي كلها عند التعامل، مجتمعنا بحاجة إلى ثقافة التطبيق والتعامل مع المعتدي مهما كانت ضآلة حجمه لكن تتعامل مع من هو أهم.
إن لم يكن التطبيق على مستوى الواقع والمعايشة، فكل ذلك مصيره إلى الزوال و الانكشاف!!، لا نريد أعمالنا وأخلاقنا في الفضاء المفتوح أجمل من أخلاقنا في الفضاء المغلق، ليت ذلك الرجل وزوجه راقبا الله ولم يتلذذا بالتشفي من إنسانة غادرت إلى بلدها، عاملة أخطأت وكان يمكن تعديل سلوكها، ليت أنهما أيقظا ضميرهما بدلا من تركه على وسادة الأنانية حين أغلقا عليه إضاءة الضمير.