سأكون صريحاً مع صحيفة "عكاظ" فأقول: لقد بتّ أضيق ذرعاً بمقالات مطوّلة أقرؤها لكُتاب مرموقين في هذه الصفحة. ولعلم القراء الأكارم فقد همست بهذا الرأي في أذن رئيس التحرير (الدكتور هاشم عبده هاشم) وتمنيتُ استمرار "عكاظ" في تحديد عدد كلمات كل مقال، وهو إجراء أخذت به قبلها صحف متقدمة كثيرة، ثم ما لبثت "عكاظ" أن تنازلت أو تخلت عنه لأسباب أجهلها، مما يدعوني إلى العتب عليها، زاعماً أن قراء الصحف المطبوعة في حاجة إلى "مقالات قصيرة ذات مغزى كبير، على طريقة ما قلّ ودلّ" أما المقالات المطولة فليس مكانها صحيفة يومية معظم قرائها "أصبحوا يبرمون بالبحوث المستفيضة المملة، ويضيقون ذرعاً بالأدبيات المطولة، ويفضّلون الانخراط في مطالعة المقالات الموجزة المكثفة".
أعترف أنني كنت حتى عهد قريب من هواة المقالات المطولة، إذ ذاك نصحني صديق صدوق بالعدول عنها قائلاً: "إن القارئ لا يستسيغ الوجبات الدسمة، والطعام الثقيل"، وكان محقاً، وكنت على خطأ، فتراجعت، وعمدت إلى كتابة هذه الـ"خطرات" أسبوعياً في حدود صفحتي A4 وببنط كبير، تقيداً بتعليمات "عكاظ" وما زلتُ وسأظل ملتزماً بتعليماتها حتى إشعار آخر.
معظم قراء اليوم -وليس كلهم- "عزفوا نسبياً عن الارتشاف من معين ثقافة الصحف" وهو رأي طرحه إعلامي عربي مرموق، مستدلاً على ذلك بانصراف القراء إلى مشاهدة القنوات المثيرة، التي تأسر القلوب، وتفتن الألباب بكلمة واحدة هي: المتعة، مفسراً الكلمة الأخيرة بـ"البث المرئي الذي يتضمن من عناصر المتعة، أكثر بكثير مما تنقله الكلمة المكتوبة الجامدة، مهما كانت مُصورة ومُشوقة" وهو أمر إنْ أسف له البعض لأنه "وضع شاذ يؤدي إلى إضاعة فرص النّهل بعمق، من ينابيع الكلمة المكتوبة الجادة" إلا أن هذه حقيقة لا ينبغي إغفالها، حينما تنشر صحيفة رأياً لكاتب، أو مقالاً يعالج مشكلة، أو قضية ما.
عُدت إلى معاجم الإعلام أبحث عن تعريف لمفهوم مقال (Article) فوجدت أنه تارة "شيء يشبه الخواطر المتناثرة" وتارة "اسم يطلق على الكتابات التي لا يدعي أصحابها التعمّق في بحثها، أو الإحاطة التامة في معالجتها" وتارة "إنشاء كتابي معتدل الطّول في موضوع ما" وتارة أخرى "إنشاء متوسط الطول، يُكتب نثرا عادة، ويعالج موضوعا بعينه" أي أن مقالا كـ"خطرات" لا ينبغي أن يتجاوز هذا المفهوم، ولكن المهم -وهذه تنطبق على كل المقالات- مصداقية الكاتب التي تعتمد على عنصرين هما: الخبرة، وزيادة الثقة، يضاف إلى ذلك الاعتدال، والاهتمام بالقواعد النحوية، فضلاً عن جاذبية الكاتب، وتنظيم أجزاء المقال، وعوامل أخرى لا يستوعبها هذا الحيز المكاني، إذ أسمع نداءً يقول: حوِّل.
أدعو أسرة "عكاظ" إلى الحديث مع نفسها بصوت مسموع، وأقترحُ عليها أن تستطلع آراء قرائها علّهم لا يؤيدون ما ذهبت إليه، وإذ ذاك تضع "عكاظ" أقدامها على الطريق الصحيح، فالقارئ هو الفيصل والحكم، وليست الأصوات التي تغرد من الداخل, يحدوني أمل أن تتخلى "عكاظ" عن الحرف الصغير، وإلا فإن عليها أن تدفع "تعويض فقد نظر" للقراء أمثالي!!
badrkerrayem@hotmail.com
فاكس: 658345410
أعترف أنني كنت حتى عهد قريب من هواة المقالات المطولة، إذ ذاك نصحني صديق صدوق بالعدول عنها قائلاً: "إن القارئ لا يستسيغ الوجبات الدسمة، والطعام الثقيل"، وكان محقاً، وكنت على خطأ، فتراجعت، وعمدت إلى كتابة هذه الـ"خطرات" أسبوعياً في حدود صفحتي A4 وببنط كبير، تقيداً بتعليمات "عكاظ" وما زلتُ وسأظل ملتزماً بتعليماتها حتى إشعار آخر.
معظم قراء اليوم -وليس كلهم- "عزفوا نسبياً عن الارتشاف من معين ثقافة الصحف" وهو رأي طرحه إعلامي عربي مرموق، مستدلاً على ذلك بانصراف القراء إلى مشاهدة القنوات المثيرة، التي تأسر القلوب، وتفتن الألباب بكلمة واحدة هي: المتعة، مفسراً الكلمة الأخيرة بـ"البث المرئي الذي يتضمن من عناصر المتعة، أكثر بكثير مما تنقله الكلمة المكتوبة الجامدة، مهما كانت مُصورة ومُشوقة" وهو أمر إنْ أسف له البعض لأنه "وضع شاذ يؤدي إلى إضاعة فرص النّهل بعمق، من ينابيع الكلمة المكتوبة الجادة" إلا أن هذه حقيقة لا ينبغي إغفالها، حينما تنشر صحيفة رأياً لكاتب، أو مقالاً يعالج مشكلة، أو قضية ما.
عُدت إلى معاجم الإعلام أبحث عن تعريف لمفهوم مقال (Article) فوجدت أنه تارة "شيء يشبه الخواطر المتناثرة" وتارة "اسم يطلق على الكتابات التي لا يدعي أصحابها التعمّق في بحثها، أو الإحاطة التامة في معالجتها" وتارة "إنشاء كتابي معتدل الطّول في موضوع ما" وتارة أخرى "إنشاء متوسط الطول، يُكتب نثرا عادة، ويعالج موضوعا بعينه" أي أن مقالا كـ"خطرات" لا ينبغي أن يتجاوز هذا المفهوم، ولكن المهم -وهذه تنطبق على كل المقالات- مصداقية الكاتب التي تعتمد على عنصرين هما: الخبرة، وزيادة الثقة، يضاف إلى ذلك الاعتدال، والاهتمام بالقواعد النحوية، فضلاً عن جاذبية الكاتب، وتنظيم أجزاء المقال، وعوامل أخرى لا يستوعبها هذا الحيز المكاني، إذ أسمع نداءً يقول: حوِّل.
أدعو أسرة "عكاظ" إلى الحديث مع نفسها بصوت مسموع، وأقترحُ عليها أن تستطلع آراء قرائها علّهم لا يؤيدون ما ذهبت إليه، وإذ ذاك تضع "عكاظ" أقدامها على الطريق الصحيح، فالقارئ هو الفيصل والحكم، وليست الأصوات التي تغرد من الداخل, يحدوني أمل أن تتخلى "عكاظ" عن الحرف الصغير، وإلا فإن عليها أن تدفع "تعويض فقد نظر" للقراء أمثالي!!
badrkerrayem@hotmail.com
فاكس: 658345410