-A +A
عبدالله ابو السمح
أعتقد أن الموقف من المرأة يمثل مشكلة عويصة في برامجنا التنموية. التطور والتعليم يفرضان علينا أن نعتبرها شريك الرجل ومساوية له في الحقوق والواجبات، وأنها شريكة حقيقية له في الحياة. والجميع يقر بأن الإسلام أقر لها هذه الحقوق «ولهن مثل الذي عليهن»، لكن تيارا قويا له مواقف وفهم مختلف يفرض على المرأة كثيرا من القيود والسدود، وهي نظرة أكثر ما يكون مصدرها التقاليد العتيقة التي يحرص تيار معين على بقائها حتى لو أدخلوها غرفة عناية مركزة بكل أجهزة الإنعاش. المرأة بعد تعليمها، والإنفاق بالمليارات على هذا التعليم، ووجود آلاف النسوة يحملن أرقى الشهادات وأوسطها، ما يؤهلهن للقيام بأعمال كثيرة في شتى المهن العلمية والإدارية سواء بسواء مع الرجل مع الالتزام بالزي الإسلامي، ولذلك أمثلة عملية ناجحة في ماليزيا وإندونيسيا ومصر. المرأة في ماليزيا أو جنوب شرق آسيا تعمل وتجد وترتقي إلى مناصب كبيرة وزارية وأعلى، وحققت وتحقق أعلى النجاحات في كل المهن، ونحن هنا ما زلنا نتجادل بل ونتغالظ بالقول والفعل لفرض الأستار والحواجز على تلك المرأة التي انفقنا على تعليمها المليارات لنحرمها قدر جهدنا ــ أو البعض ــ فوائد ذلك التعليم، ونزيد بإنفاق مليارات (حافز) على العاطلات عن العمل.
لقد كان لي صدمة كبيرة ذلك الاجتماع الذي تم بين رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزير العمل، والمنتهى باتفاقية بوجوب وضع حاجز ارتفاعه 160سم يفصل بين أماكن عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية، ولم يوضح البيان كيفية هذا الحاجز، أهو من الحديد المستعمل في الحجز، أو من خشب الرواشين. إنه ــ بلا شك ــ تصرف يسيء إلى المملكة ويعرضها للنقد وربما أكثر من ذلك ما كان اغنانا عنه. صحيح أن قصد الرجلين كان طيبا، وبقصد تطييب خاطر المعارضين، وليتهم اكتفوا بكاونتر أنيق يمنع المتطفلين، أما هذا الحاجز فإنه نوع من «الأبارتهايد» الكريه.

لا بد أن نعيش العصر والتطور الحضاري، وأن نجعل تقاليدنا تتطور وتكون عملية حسب موجبات أساليب العمل الحديث.