-A +A
محمد ناصر الأسمري
قبل بضع سنين دعت الاستخبارات العامة عددا من الكتاب والصحافيين للاجتماع برئيسها حينئذ الأمير مقرن بن عبد العزيز للسماع منهم/ هن عن رؤى ومرئيات عما يهم المجتمع كما أظن. كانت خطوة غير مسبوقة أن تطلب جهة أمنية سرية العمل والتعامل في أغلب البلدان من الكتبة والصحافيين مثل هذا الطلب، لكن هذا حصل في وطننا كسرا للقاعدة.
حضرت مع كوكبة من المدعوين وفي مسرح مدرج، جلس رئيس الجهاز ومعه أركانات الإدارة عسكرا ومدنيين. تحدث الأمير مقرن عن الغاية من الاجتماع أنه الوقوف على الرأي والمشورة! ثم أبدى استعداده وزملائه للإجابة على أي استفسارات. طرحت أسئلة ربما كان أغلبها نمطيا بل وساذجا حتى جاء سؤال الطامة، حين سأل أحدهم قائلا: سمو الأمير هل لك أن تخبرنا عن استراتيجيتكم للعمل خلال السنوات القادمة ؟؟، وهنا قال الأمير: أخي العزيز إذا وجدت أن أي رئيس استخبارات في العالم يخبرك باستراتيجيات عمله فهو إنسان غبي وأنا لست غبيا رعاك الله، وأجاب الأمير على ما طرحت من تساؤلات عن ما جمع من معلومات وتحليلات عن أوضاع الوطن والمواطنين من الفقر والبطالة.

أنا أنظر إلى الكتاب والإعلاميين كما سبق أن قلت ذات مساء من سنوات مضت في لقاء كتاب وصحافيين مع الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله انهم مخبرون مكشوفون يبلغون بما يرونه علنا بعكس ما يدونه رجال المخابرات من السرية في العمل وكان جوابه غفر الله له: إننا كلنا شركاء في خدمة الوطن.
بعد أن عين الأمير مقرن في منصب الرجل الثالث في تسلسل القيادة العليا للوطن، فإني أستعيد ما قلت في ذلك اللقاء في مقر الاستخبارات العامة بالرياض، أنت رجل طيار تعرف النظر من العلو باستشراف أوسع وتدربت ودربت على دقة التصويب والتهديف وعرفت معنى سمو عمل الجندية من الانضباط وكذا الفلاحة في البذار والري والحصاد، وإني أسال رغم كل ما جمعته الاستخبارات من معلومات واسعة عن هموم الوطن والمواطنين وما قامت به من تحليلات لكم المعلومات إلا أن المواطن ما زال يتطلع إلى تحسين احواله وإن لم يكن لما تم من جمع وتحليل للمعلومات من أثر سريع على الوطن إنسانا وأرضا فإن بقاء المعلومات غير مفيد.
وإني أظن أن مسؤولية جهازكم بعد هذا هي وضع الأمر بكل النتائج أمام صناع القرار ليكون القرار متخذا على أساس علمي، فالتوزيع العادل لثروات الوطن البشرية والمادية من أهم متطلبات التحليل الكمي للتخطيط والقياس.
الأمير مقرن أنت مؤهل ومستحق للتهاني لكن الوطن يتطلع إليك في موضع صناعة القرار اليوم للسعي بخطى أوسع ولديك من الأحفاد من ترى فيهم وفيهن تطلعات عن متطلبات المستقبل في توفير سبل حياة أكرم وعيش آمن من العوز فالإرادة من الملك ما عادت أماني بل حقائق تريد التطبيق والتفعيل.. دام لك التوفيق.