-A +A
رندا الشيخ
إن كنت ذا قلب مرهف وإحساس رقيق فلا تكمل قراءة هذا المقال. فما سأتحدث عنه اليوم قد يحزنك ويدمي قلبك أو يعكر صفو يومك أو قد يدفعك للتفكير على أقل تقدير .
جميل .. طالما أنك وصلت إلى هذا السطر، فهذا يعني أنك ترغب في قراءة ما أكتب، حسن .. سأسألك سؤالا إذن، ماذا سيحدث للإنسانية إن مات الضمير ؟ هل سبق وفكرت أو تخيلت الأمر برمته ؟ لا ؟ هيا، تخيل معي عالما مات ضميره، ولنبدأ بأهم عنصرين في تكوين الفرد، الأم والأب، ولنتخيل أبا مات ضميره وأجبر ابنته على البقاء مع زوج يكبرها بعشرات الأعوام بعد أن زوجها إياه رغما عنها لتحقيق مصالح تجارية بينهما، أو أما حرمت ابنتها الوحيدة من الزواج لتبقى في خدمتها حتى يتوفاها الله! لننتقل الآن إلى أصحاب المهن المؤثرة في بنية أي مجتمع، ولنتخيل معلما أشبع طلابه في المرحلة الابتدائية تخويفا وإهانة، لفظية كانت أو فعلية، أو طبيبا يصف أدوية للمرضى دون حاجة كي يحصل على تذاكر سفر مجانية أو دعوات لولائم ومناسبات من شركات الأدوية، أو فني مختبر تهاون في عمله فتسبب في نقل دم ملوث لشخص سليم !.
لنعرج الآن على أصحاب المهن البسيطة، ولنتخيل بائعا لا يدقق في تواريخ الانتهاء على المعلبات في المتجر الذي يعمل به، أو عاملة منزلية تستغل ثقة من تعمل لديهم لسنوات وتنتهز فرصة غيابهم لسرقة ممتلكاتهم ثم الهرب مع أحدهم ! بقي أن نتخيل صديقا اقترض مبلغا كبيرا من المال من صديقه ثم اختفى، وصديقة دمرت حياة صديقتها بالوساوس والشكوك التي زرعتها في رأسها تجاه زوجها حتى طلقها لتتزوجه هي ! يكفي أليس كذلك ؟ حسن.
أخيرا أقول، قد يصاب الضمير الحي بالحمى لأيام، أو يجرفه تيار الرغبات العمياء للحظات، أو يفقد أطرافه في حربه ضد سطوة عرف خاطئ، وهنا يأتي دورنا نحن، فالعالم لم يخلق لي ولك فقط، وهناك الملايين ممن يحلمون بحياة ينعمون فيها بالصحة والأمان والبهجة والقدرة على الإنتاج، لذا علينا علاج الضمير إذا مرض وننتشله إن جرفه التيار حتى يعود قويا ويستعيد نبضه الذي خمد، فالإنسانية تقتات على الضمير الحي، وإن مات الضمير فستفنى الإنسانية.

Randa_sheikh@yahoo.com