علاقة السعوديين بالأخوة (الأجانب) -كما نسميهم في حديثنا الشعبي- علاقة ضاربة في العمق البنائي لهذا المجتمع سواء، فالحديث عن حضور العمال من غير السعوديين حديث يمتد بنا منذ تكوين هذه الدولة قبل حوالي مئة عام إذا ما أردنا مدها إلى بدء ضم البلاد تحت دولة واحدة، حيث كان بعض المستشارين في الدولة من غير السعوديين، وهذا مشهور لمن تتبع تاريخ هذه الدولة.
تطورت هذه العلاقة أكثر حينما كانت الدولة تسير في اتجاه مشروع التنمية منذ السبعينات والثمانينات الميلادية، وكان الاتكاء على الخبرات الأجنبية أحد أهم العوامل التي ساعدت على النهوض، خاصة بعد أن كانت الوظائف الحكومية تتجه باتجاه تحديدها للسعوديين وتبقى المسائل الإنشائية أو الفنية والتخصصية الدقيقة في كل قطاعاتنا الحكومية وغير الحكومية، بيد غير السعوديين لتتكون هذه الدولة على ثنائية مهمة: المال السعودي والخبرات الأجنبية، ولعل أرامكو أكبر شركة سعودية قامت على هذه الثنائية بتنظيم غاية في الدقة التي ما زالت تعمل عليه أرامكو حتى بعد أن أصبح السعوديون فيها ثلثي الأجانب في هذا الوقت، بل حتى على مستوى الإنشاءات البسيطة؛ مثل بناء المنازل السكنية، حتى هذه الأيام كنا وما زلنا نعتمد على العمالة الأجنبية حتى أصبحت هذه العمالة هي التي بيدها كل شيء من الناحية المقاولاتية امتدادا لفكرة رأس المال السعودي والخبرات الأجنبية: يحكي الصديق الوايل في أحد مقالاته أنه عاش في ثلاثة منازل في حياته؛ بيت الطفولة الذي بنته أياد سعودية، وبيت الشباب الذي بنته بالمشاركة للسعوديين عمال غير سعوديين، والأخير بنته بالكامل أيادٍ غير سعودية. هذا التمرحل التاريخي من خلال قراءة سوسيولوجية للعمران السعودي يمكن أن تختصر الكثير من الكلام حول الاعتماد الكلي لدى السعوديين بعد فترة الطفرة على الأيادي غير السعودية، وإن كان مقال صاحبي الوايل يسير في غير اتجاه مقالنا، بل العكس تماما وهو أهمية الاعتماد على الأيادي السعودية أكثر من الأجنبية، وإن كنت أتفق معه في هذه النقطة فلا تقوم البلاد إلا على سواعد أبنائها، إلا أنني أذهب في المقال إلى أبعد من ذلك، وأرفض تكريس الفكرة الشعبية التي تعاضدها بعض مؤسسات الدولة؛ مثل وزارة العمل على أن مشكلة السعوديين في هؤلاء الأجانب، وكأننا نختصر مشاكلنا لنحملها هؤلاء الأجانب. سأسمح لنفسي أن أقول: عفوا أيها السعوديون.. الأجانب ليسوا شرا!! كيف يكونون شرا وهم يخدموننا؟. بعضهم كان له فضل تعليمنا حينما كنا صغارا وبعضهم ما زال كذلك. كيف نسيء لمن أحسنوا لنا في فترة من فترات تكويننا الاجتماعي والعمراني؟!.
إن عقدة الامتياز السعودي هي عقدة هوية في الأساس؛ إذ لا يمكن أن تتحدد هذه الهوية إلا في وجود الآخر، ووجود الآخر يفترض التساوي في العلاقات الإنسانية بين الطرفين. هذه الفكرة غائبة في مسألة الامتياز السعودي. تحاول بعض الوزارات السعودية فرض الفرد السعودي على غيره لمجرد حمله للجنسية السعودية لا أكثر، حتى لو كان هذا السعودي صاحب الامتياز أقل من نظيره غير السعودي في مسألة الإتقان، أو الخبرة، أو الالتزام في العمل، أو غيره.
صحيح أن المجتمع السعودي أصبح أضعاف ما كان عليه من ناحية التعداد السكاني قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت، ويفترض في ذلك أن تكون هناك خطط تنموية تقوم على توزيع الفرص على كافة المجتمع السعودي بحيث يقوم المجتمع على ذاته، لكن هذه الفكرة على رونقها يجب ألا تعني رفضنا للأجانب، أو وصفهم بأنهم هم مشكلة المجتمع حتى أصبح السعوديون يضخمون جرائم بعض الأجانب حتى أصبحوا خطرا أمنيا إلى كونهم خطرا اقتصاديا من قبل بمبالغات ليست أكثر من كونها تكريسا لشرانية المختلف.
إن رؤية السعوديين لغيرهم تتسم بنوع من القسوة، حتى إن نفاها الناس. أكثر ما تسمعه من حكايات عن الأجانب في أحاديثنا اليومية تجدها تصب في تكريس الصورة النمطية عن شر كامن في نفوسهم تجاهنا. هذه الشرانية التي يوصم بها الأجانب هي عقدة هوية لدى السعوديين. ليست مسؤولية الأجانب أن السعوديين لا يشتغلون بأياديهم كما كانوا قبل ثمانين عاما. الأجانب ليسوا إلا أناسا باحثين عن فرصة عمل سواء في السعودية أو غيرها، وهو حق مشروع للجميع بلا استثناء، وليس ذنبهم أنهم لم يجدوا فرصة في بلادهم، فاضطروا إلى الغربة، وتحمل الفقر والعازة والمشاق من أجل لقمة العيش. الإشكالية ليست في وجودهم بيننا، وإنما في تنفيذ القانون والنظام الذي يحفظ للجميع حقوقهم سواء أكانوا سعوديين أم أجانب.
تطورت هذه العلاقة أكثر حينما كانت الدولة تسير في اتجاه مشروع التنمية منذ السبعينات والثمانينات الميلادية، وكان الاتكاء على الخبرات الأجنبية أحد أهم العوامل التي ساعدت على النهوض، خاصة بعد أن كانت الوظائف الحكومية تتجه باتجاه تحديدها للسعوديين وتبقى المسائل الإنشائية أو الفنية والتخصصية الدقيقة في كل قطاعاتنا الحكومية وغير الحكومية، بيد غير السعوديين لتتكون هذه الدولة على ثنائية مهمة: المال السعودي والخبرات الأجنبية، ولعل أرامكو أكبر شركة سعودية قامت على هذه الثنائية بتنظيم غاية في الدقة التي ما زالت تعمل عليه أرامكو حتى بعد أن أصبح السعوديون فيها ثلثي الأجانب في هذا الوقت، بل حتى على مستوى الإنشاءات البسيطة؛ مثل بناء المنازل السكنية، حتى هذه الأيام كنا وما زلنا نعتمد على العمالة الأجنبية حتى أصبحت هذه العمالة هي التي بيدها كل شيء من الناحية المقاولاتية امتدادا لفكرة رأس المال السعودي والخبرات الأجنبية: يحكي الصديق الوايل في أحد مقالاته أنه عاش في ثلاثة منازل في حياته؛ بيت الطفولة الذي بنته أياد سعودية، وبيت الشباب الذي بنته بالمشاركة للسعوديين عمال غير سعوديين، والأخير بنته بالكامل أيادٍ غير سعودية. هذا التمرحل التاريخي من خلال قراءة سوسيولوجية للعمران السعودي يمكن أن تختصر الكثير من الكلام حول الاعتماد الكلي لدى السعوديين بعد فترة الطفرة على الأيادي غير السعودية، وإن كان مقال صاحبي الوايل يسير في غير اتجاه مقالنا، بل العكس تماما وهو أهمية الاعتماد على الأيادي السعودية أكثر من الأجنبية، وإن كنت أتفق معه في هذه النقطة فلا تقوم البلاد إلا على سواعد أبنائها، إلا أنني أذهب في المقال إلى أبعد من ذلك، وأرفض تكريس الفكرة الشعبية التي تعاضدها بعض مؤسسات الدولة؛ مثل وزارة العمل على أن مشكلة السعوديين في هؤلاء الأجانب، وكأننا نختصر مشاكلنا لنحملها هؤلاء الأجانب. سأسمح لنفسي أن أقول: عفوا أيها السعوديون.. الأجانب ليسوا شرا!! كيف يكونون شرا وهم يخدموننا؟. بعضهم كان له فضل تعليمنا حينما كنا صغارا وبعضهم ما زال كذلك. كيف نسيء لمن أحسنوا لنا في فترة من فترات تكويننا الاجتماعي والعمراني؟!.
إن عقدة الامتياز السعودي هي عقدة هوية في الأساس؛ إذ لا يمكن أن تتحدد هذه الهوية إلا في وجود الآخر، ووجود الآخر يفترض التساوي في العلاقات الإنسانية بين الطرفين. هذه الفكرة غائبة في مسألة الامتياز السعودي. تحاول بعض الوزارات السعودية فرض الفرد السعودي على غيره لمجرد حمله للجنسية السعودية لا أكثر، حتى لو كان هذا السعودي صاحب الامتياز أقل من نظيره غير السعودي في مسألة الإتقان، أو الخبرة، أو الالتزام في العمل، أو غيره.
صحيح أن المجتمع السعودي أصبح أضعاف ما كان عليه من ناحية التعداد السكاني قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت، ويفترض في ذلك أن تكون هناك خطط تنموية تقوم على توزيع الفرص على كافة المجتمع السعودي بحيث يقوم المجتمع على ذاته، لكن هذه الفكرة على رونقها يجب ألا تعني رفضنا للأجانب، أو وصفهم بأنهم هم مشكلة المجتمع حتى أصبح السعوديون يضخمون جرائم بعض الأجانب حتى أصبحوا خطرا أمنيا إلى كونهم خطرا اقتصاديا من قبل بمبالغات ليست أكثر من كونها تكريسا لشرانية المختلف.
إن رؤية السعوديين لغيرهم تتسم بنوع من القسوة، حتى إن نفاها الناس. أكثر ما تسمعه من حكايات عن الأجانب في أحاديثنا اليومية تجدها تصب في تكريس الصورة النمطية عن شر كامن في نفوسهم تجاهنا. هذه الشرانية التي يوصم بها الأجانب هي عقدة هوية لدى السعوديين. ليست مسؤولية الأجانب أن السعوديين لا يشتغلون بأياديهم كما كانوا قبل ثمانين عاما. الأجانب ليسوا إلا أناسا باحثين عن فرصة عمل سواء في السعودية أو غيرها، وهو حق مشروع للجميع بلا استثناء، وليس ذنبهم أنهم لم يجدوا فرصة في بلادهم، فاضطروا إلى الغربة، وتحمل الفقر والعازة والمشاق من أجل لقمة العيش. الإشكالية ليست في وجودهم بيننا، وإنما في تنفيذ القانون والنظام الذي يحفظ للجميع حقوقهم سواء أكانوا سعوديين أم أجانب.