-A +A
رندا الشيخ
أميل في علاقاتي الإنسانية للاستماع أكثر من الحديث، لكن هذا الاستماع الذي يتحول إلى إنصات في الكثير من المواقف وحسب وقتي وطبيعة علاقتي بالمتحدث وأهمية الموضوع، لا يخلو من أسرار! وسأخبرك يا قارئي العزيز بأحدها. وهو أني أعشق السرد، ويأسرني الحديث إن بدأ بحكاية. ففي تلك اللحظة، تصحو الطفلة النائمة بداخلي لتتربع في جلوسها بعد أن حبست أنفاسها وهي تنظر بعينين فضوليتين إلى الحروف المتناثرة من الشفاه الناطقة، وتحلق بخيالها مستمعة ومستمتعة بالتفاصيل. في بعض الأحيان أجد نفسي أرسم علامات استفهام كثيرة على رأس المتحدث، وفي أحيان أخرى أتخيل بأن هناك أزرارا أكبس عليها كي أعيد المقاطع الجميلة في ذلك الحديث أو أمحو تفاصيل دخيلة، أو أحتفظ بنسخة للذكرى! لكني لا أطيق الاستماع ولو لدقيقة للصوص الهوى! فأنا لم أفهم حتى الآن، لماذا اختار البعض اللون الأسود رمزا لهم؟ ولماذا وافقوا وبكامل قواهم العقلية أن يجسدوا تلك الشخصيات؟
إن لصوص الهوى، هم أناس متطفلون، لا يتعمدون الإيذاء لكنهم يفعلون. يتحدثون بالسوء كثيرا عن الحب رغم أنهم لم يعرفوه. لا يلقون بالا لأيام حياتهم التي تنساب من بين أصابعهم، فقد انشغلوا بطرق الأبواب، لا ليدخلوا.. بل ليسترقوا النظر إلى الداخل! يجتهدون في ابتكار نظريات ذابلة عن الحياة، ويؤمنون بها! لكنهم لا يكتفون بذلك، بل يحرصون على نثرها في طريقك. اكتشفت مؤخرا بأن أكثر الأدوار التي يستهويهم تجسيدها هي البطولة في مسلسلات الحب الوهمية! فتجدهم يتسابقون باسم الهوى في الدوس على طين قلبك المستوي، فقط ليتركوا آثار أقدامهم ويرحلوا بزهو زائف. لذا إن حدث والتقيت بهم، فلا تطمع في أن يلتفتوا إليك بعد رقصة رحيلهم، فهم لا يعترفون بما نسميه في قاموسنا بالمسؤولية! ولتكن شجاعا في تقبل حقيقة أنك لم تكن سوى هدف جديد في مرماهم!
أخيرا أقول، إني أشعر بالحزن على لصوص الهوى، فهم لا يعلمون أن لقاءنا بأرواحهم الصدئة وعقولهم اليابسة وقلوبهم المصابة برهاب الحب، لم يكن سوى درس ثمين في كتاب حياتنا.


Randa_sheikh@yahoo.com