-A +A
من البدء، وعبر كل السياقات الدينية والاجتماعية والأخلاقية، كان التطوع والإيثار والمبادرة من القيم العليا التي راهنت عليها الإنسانية طوال مشوارها، ولكن مع دورة الزمن الحديث وتحول العمل الفردي إلى عمل مؤسساتي تحول التطوع إلى فعل خلاق يبدأ من المحيط القريب ولا شي عند الفضاء البعيد.
ولنا في المملكة دروس وممارسات عدة في هذا الاتجاه، كان أنموذجها الأكبر ما تجلى في حادثة سيول جدة، وما تلا ذلك من أحداث في الرياض أو في العيص أو جازان أو الشرقية.

وأقرب مثال لذلك مبادرة المبتعثين السعوديين في أمريكا، الذين بادروا إلى المساعدة في مواجهة الحادثة التي تعرضت لها مدينة بوسطن، حيث تطوعوا بالتبرع بالدم لآخرين لا يعرفونهم ولا يقاسمونهم تفاصيل حياتهم، ولكن يشتركون معهم في الجانب الإنساني.
هذا الفعل وما سبقه وما سيتلوه هو المحرك الأول للفعل الإنساني في معناه العميق، ولذلك فإن قيام الملتقيات بتبني هذا الفعل إنما هو تكريس لهذا الفعل على أبعد مستوى وتحفيز للجميع أن ينتموا له، لا في أوقات الأزمات، بل في كل الأوقات، والأهم طبعاً كلما كانت الحاجة ملحة له.
فالإنسان إنما يعزز مكانته بتعاونه وتفاعله مع محيطه، وإيجابيته هي المعنى الأكبر لوجوده وإنسانيته.