-A +A
عبدالله عبيان
عادت بي الذاكرة، وأنا أزور منطقة جازان للمرة الأولى هذا الأسبوع، إلى مدينة روشستر الأمريكية تلك المدينة الصغيرة التي حققت بوجود مستشفى مايو كلينك العالمي شهرة واسعة، لتصبح مركزا جاذبا للعديد من الاستثمارات التجارية المختلفة، وخصوصا في مجالي الفنادق والمراكز التجارية، وطرأ في بالي سؤال ملح حول آلية توزيع المشاريع الكبرى على مستوى الدولة في المجالات الصحية والأمنية والتعليمية والصناعية والبيئية.. وغيرها. وتساءلت: لماذا تستأثر المناطق المركزية الكبرى بنصيب الأسد من تلك المشاريع، رغم ما تعانيه من اختناقات مرورية وسكانية، ولماذا لا تستغل مثل تلك المشاريع في زيادة فرص الاستثمار في المناطق الطرفية مثل جازان وغيرها من المناطق المماثلة.
إن وجود مثل تلك المشاريع الكبرى في الأطراف يخفف الضغط التنموي على المناطق المركزية ، ويشجع على الهجرة المعاكسة، فضلا عن فتح العديد من الفرص الاستثمارية داخل المدن الصغيرة ومنحها فرصة النمو لتصبح مدنا مكتملة البناء والبنية، وهذا ــ بدوره ــ يفتح العديد من الفرص الوظيفية لأبنائها، ويسهم في تحسين مستواهم المعيشي ، ولو نظرنا للجامعات التي أقيمت في مناطق الأطراف لأدركنا أنها كانت النموذج الحي والأمثل، لتحريك مثل تلك المناطق والمساهمة إلى جانب دورها التعليمي في تنميتها وجذب المزيد من الاستثمارات التجارية المختلفة لها.

نحن ندرك أهمية الدور الذي تقوم به وزارة الاقتصاد والتخطيط، ونطالبها بمضاعفة الجهد لرسم الخطط التنموية والتنسيق مع جميع الجهات الحكومية لتحديد الأولويات في كل منطقة، وإجراء الدراسات الاقتصادية اللازمة في المواضيع التي تتطلب ذلك، وتقديم التوصيات التي تنتهي إليها، كما أن مساعدة الوزارات والجهات الحكومية الأخرى في المسائل المتعلقة بالتخطيط، وتقديم المشورة الفنية لهم، يعد أمرا بالغ الأهمية في هذا العصر الزاهر الذي تشهد دورة التنمية فيه تسارعا لم يسبق له مثيل، وهذا يتطلب مضاعفة الجهد ورسم المزيد من الخطط المحددة والقابلة للتطبيق بأسرع وقت ممكن.