-A +A
عبدالله عبيان
تؤكد عدد من الأحداث الدموية التي حدثت في بعض دول العالم، مؤخرا، أن الصورة النمطية عن المواطن السعودي ما زالت سلبية لدى بعض من المجتمعات الأخرى، فبالرغم من ثبوت عدم تورط أي سعودي في تلك الأحداث، إلا أن أصابع الاتهام ما زالت تطارده وتشير إليه. ومن بين الأحداث التي تؤكد تلك النظرة السلبية تجاه مجتمعنا اعتقال أحد الطلاب السعوديين، السبت الماضي، في مطار ديترويت بولاية ميتشيغن الأمريكية لحيازته قدر ضغط، ومحاصرة الـ«إف بي آي» لطالب آخر وتفتيش منزله واستجوابه لنفس السبب، على خلفية تفجيرات بوسطن، فضلا عن احتجاز أحد السعوديين في تنزانيا بتهمة تفجير كنيسة كاثوليكية، ويتضح من تلك المواقف التي تعرض لها السعوديون الثلاثة خلال الأسبوع الماضي أننا ما زلنا بحاجة لدراسة الأسباب التي كرست تلك النظرة، ومحاولة معالجتها في الداخل والخارج، إعلاميا وثقافيا وفكريا. ليس صحيحا بأن أحداث 11 سبتمبر هي السبب الوحيد في تكريس تلك النظرة التي حاصرت المواطن السعودي في دائرة الإرهابي المتعصب، الذي يعشق الدم ويسعى لإقصاء الآخر، ولن نبالغ ونقول إننا مجتمع ملائكي منزه من الأخطاء، لكن هذه النظرة تعود إلى اختلالات عميقة في استقراء الغرب لثقافة مجتمع الجزيرة العربية في فترة كان مجتمعنا يعيش فيها عزلة ثقافية وإعلامية عن المجتمعات الغربية منذ عدة قرون، وقد أسهم هذا الفهم المغلوط في ظهور نظرة عربية متطرفة تجاه الغرب من قبل بعض التيارات المتشددة ، وهذا ــ بدوره ــ جعل الغرب ينظرون لنا بكثير من التوجس والحذر، وتعمقت تلك النظرة السلبية بعد تفجيرات أبراج التجارة العالمية، وأسهم في تكريسها الإعلام الغربي الذي عمم التشدد على كل سعودي، فضلا عما أنتجته هوليود من أفلام سينمائية رسخت أحكاما عامة، وغازلت مزاج المشاهد الغربي الذي بنى أحكامه على ما يروجه الإعلام. نحن ندرك بأننا مطالبون في داخل مجتمعنا بتصحيح هذا الفكر الذي نشأ بسبب عوامل كثيرة، ونؤمن أيضا بأن المواطن السعودي، وخصوصا المتواجد في الخارج، يتحمل مسؤولية كبيرة في تصحيح الصورة النمطية لدى المجتمعات الأخرى؛ لذا على الطلاب المبتعثين للدراسة في أوروبا وأمريكا استغلال فترة تواجدهم للاندماج في حياة تلك المجتمعات ثقافيا واجتماعيا، دون التفريط بقيمهم للمساهمة في إبراز صورتنا الحقيقية التي تتوافق مع سماحة ديننا الإسلامي الحنيف.