-A +A
ياسر المطيري «الرياض»

منفوحة من الأحياء الأقدم في العاصمة الرياض، يصفه البعض بأنه الغارق في العشوائية، ويراه آخرون بؤرة لتكدس المخالفين ومرتكبي الجريمة، منفوحة الحي القابع وسط الرياض يتسع لأنماط معيشية عدة وأساليب مختلفة للحياة الاجتماعية فيه.

ويتميز حي منفوحة بالبساطة ومتانة العلاقات الاجتماعية بين الأهالي في وقت سابق حسب ما ذكره سكان الحي وكبار السن فيه لـ «عكاظ الاسبوعية» عن الحي إلا أنه الآن أصبح هاجساً مخيفا ومسرحاً للجريمة. بداية طالب الأهالي ومن الجهات ذات العلاقة حمايتهم من العمالة غير النظامية التي تحمل بحوزتها «شواكيش» وآلات حادة حيث تتجمع بأعداد كبيرة وبشكل مريب، من الساعة الرابعة عصراً حتى ساعات متأخرة من الليل.

وأوضح عدد من سكان منفوحة لـ «عكاظ» إن الحافلات تحضر العمالة السائبة ومعظمهم من جنسيات مختلفة وتضعهم بالقرب من جامع الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، مؤكدين أنهم يخشون على أبنائهم وأطفالهم ونسائهم من تحرشات هؤلاء الأفارقة وأشاروا إلى أنهم باتوا مصدر خوف لهم، كونهم يحملون جميعاً آلات حادة.

وذكر الأهالي أنهم أبلغوا الجهات المختصة من الجوازات والبلدية والهيئة والشرطة عن هذه التجمعات المريبة، خصوصاً أن الكثيرين منهم لا يحملون إثباتات ولا إقامات ولا أي شيء يدل على هويتهم، مطالبين بسرعة التحرك لضبط المخالفين، ومنع تجمع هؤلاء أمام منازل الأهالي وسكان الحي.

وسبق أن دهمت دوريات منطقة الرياض معملا لتصنيع الخمور يديره اسيوي في حي منفوحة عثرت في الدور الأول على 14 برميلاً لتصنيع الخمور فيما استخدمت باقي الغرف للتخزين قبل الترويج، كما أحبطت دوريات الأمن 62 عبوة من الخمور والمسكر كان المروج على وشك حملها في سيارته الخاصة التي يستخدمها في ترويج منتجاته من الخمور المصنعة محلياً.

وجاء التحرك الأمني لدوريات الأمن بالرياض بعد ان وردت معلومات من احد المصادر داخل حي منفوحة تفيد بوجود وافد اسيوي مستأجر منزلا كاملا بمفرده وتنبعث من داخل المنزل روائح كريهة لم يتم تحديد نوعها، بعد تلقيها للمعلومات باشرت دوريات الأمن برصد تحركات المتهم وجمع المعلومات والتحري عن وضعه والمنزل الذي يقطنه، وقد دلت الإجراءات المتخذة إلى انه يمتلك سيارة نوع «اكسنت» بيضاء اللون يقوم بترويج الخمور عليها وبفضل الله تم القبض عليه وهو يستقل سيارته وبتفتيشها وجد بها مجموعة من العبوات داخل كراتين مليئة بمادة العرق المسكر وكميات من مواد تصنيع الخمور، وعند مساءلة المتهم عن مصدر تلك الموجودات اقر بأنه يقوم بتصنيعها داخل منزله ولديه مصنع مجهز بالكامل، وقد اتضح أن منزله عبارة عن دور داخل الحي شبه مهجور ماعدا غرفة واحدة حولها الجاني لمصنع متكامل يحوي 14 برميلا من الحجم الكبير لعملية تقطير الخمور وبرميل للتصفية إضافة إلى وجود برميل التصريف في غرفة أخرى كما ضبط داخل المنزل مجموعة عبوات المياه الصحية مليئة بمادة العرق المسكر جهزت داخل مجموعة كبيرة من الكراتين بلغت 10 كراتين بها أكثر من 62 عبوة كان المروج على وشك حملها في سيارته الخاصة لترويجها قبل عملية القبض عليه، تم التحفظ على المضبوطات وسلم الشخص لمركز شرطة منفوحة الذي فتح تحقيقاً مع المتورط في القضية تمهيدا لإحالته للجهات القضائية.

عمالة وافدة تبيع الأسلحة

وكانت قوة المهمات والواجبات الخاصة بشرطة منطقة الرياض قد أطاحت باثنين من مخالفي نظام الإقامة إثر تورطهما في بيع الأسلحة بحي منفوحة وقال مساعد الناطق الإعلامي بشرطة منطقة الرياض العقيد فواز بن جميل الميمان في تصريح له سابق أن فرقا من قوة المهمات والواجبات الخاصة بشرطة منطقة الرياض نجحت في نصب كمين أمني للمتورط في بيع الأسلحة والقبض عليه بعد أن توفرت معلومات مؤكدة لدى قوة المهمات والواجبات عن قيام شخص يحمل جنسية أجنبية يقوم ببيع الأسلحة من نوع مسدس بحي منفوحة تم إعداد كمين أمني محكم للقبض عليه متلبساً بالجرم المشهود.

وأضاف أن الكمين أسفر عن ضبط شخص أثيوبي الجنسية أثناء قيامه ببيع مسدس بلغاري الصنع وبداخله مخزن به عدد (7) طلقات نارية حية عيار 9 ملم، كما قبض على شخص من جنسيته تبين أنه شريك له وكلاهما مخالف لنظام الإقامة والعمل.

مخازن للمخلفات

تستخدم البيوت المهجورة بشكل سيئ من قبل ضعاف النفوس من المخالفين لأنظمة الإقامة، فيحولونها إلى مخازن للأجهزة التالفة والمخلفات والملابس القديمة والأطعمة التالفة ما يشكل هاجسا للأهالي في ظل تحول منفوحة إلى ظلام دامس مع غياب الشمس.

ابن قاسم والعشوائية

حراج ابن قاسم يقع جنوب حي منفوحة هو عالم مستقل بذاته فتحتويه العشوائية في مناطق والتنظيم في مكان آخر ليصبحا ضدين لا يجتمعان، فلا تحكمه قوانين ولا ضوابط إلا ما وضعها الباعة أنفسهم، فهناك يجد الجميع حاجاتهم ما بين الجديد والمستعمل دون تعب، المنظر العام للمكان نجده حيث رجال ونساء يفترشون الأراضي يبيعون كل شيء دون استثناء (أثاث - مستلزمات المطبخ - ألعاب - كتب - إكسسوارات – مواد كهربائية وغيرها الكثير من الكماليات) قسمت المكان الحياة إلى أقسام غير منظمة فالرجال يقفون أمام سياراتهم القديمة لعرض بضاعتهم والنساء يفترشن الأرض، هذا عدا وجود المباني الحديثة التي أنشئت خلال السنوات العشر الماضية واستغلال الحياة المزدحمة في الحراج، فالمباني الجديدة احتوت على معارض لأسماء شركات معروفة مختصة لبيع الأجهزة الإلكترونية ومستلزمات المطابخ التي أخذت مكانها في السوق كذلك المعارض التي خصصت لها منطقة كاملة لبيع الأثاث وغرف النوم والمفروشات الجديدة.

بيع عشوائي

تكثر في حي منفوحة بسطات البيع العشوائي وهذا ما يدق ناقوس الخطر حيث تكثر في الحي بيع الممنوعات بشتى أنواعها والمواد الغذائية التالفة والخضار والمواد المكشوفة والتي تسممت بسبب تلوثها أمام حرارة الشمس وملوثات أخرى والأجهزة المخالفة وتتعمد بيعها مجموعة من مخالفي نظام الإقامة وطالبت أعداد من أهالي الحي بوضع حد لهذه المعضلة كون الخطر على أبنائهم وبناتهم لا مصد عنه .

استياء كبير

يقول المواطن عبدالله الحمد أن ظروفي المادية أجبرتني على السكن في حي منفوحة، ونعاني من المشاكل الموجودة في الحي من خلال كثرة العمالة الآسيوية المقيمة وغيرها وسلبياتها وما تولده من تبعات سيئة ولكننا تأقلمنا رغماً عنا ونتمنى أن نخرج من الحي حيث أنه لا يصلح للسكن الآدمي برأيه.

ويقول محمد الشهراني أحد سكان منفوحة منذ خمس سنوات أن الأهالي يعانون من مشكلة العمالة الوافدة السائبة، وتشكل خطرا على المواطنين والمقيمين بسبب المشاكل والمضاربات التي تحدث يوميا، مناشدا الجهات ذات الاختصاص بإيجاد حلول عاجلة للظاهرة. وحمل المواطن سعيد العمري أمانة الرياض مسؤولية ما يحدث من إهمال في الحي، لافتا إلى ضرورة قيام الأمانة بجهود كبيرة لتطوير الحي والتخلص من البيوت المهجورة والمهملة التي أصبحت مصدر جذب للمخالفين، حيث يحولونها إلى مخازن للأجهزة التالفة والمخلفات والملابس القديمة والأطعمة التالفة، وتشكل هاجسا لأهالي الحي، خاصة في ظل غياب الإنارة، حيث تتحول منفوحة إلى بقعة مظلمة بعد غروب الشمس.

يشاركه الرأي إبراهيم فلاتة من سكان الحي، حيث أضاف أن شوارع الحي مهملة وتنتشر النفايات والأتربة بسبب تدني مستوى النظافة وعدم رصف الطرق والشوارع، منوها بضرورة استحداث أماكن للترفيه للشباب والعائلات، خاصة أن الحي يتوسط عددا من الأحياء الفقيرة التي تحتاج إلى شيء من الاهتمام، مطالبا الجهات المعنية بإيجاد حلول عاجلة لإنهاء معاناة المواطنين.

أما سلمان النمشي فيؤكد أن المعاناة تزداد يوما بعد يوم بانتشار السيارات والمركبات في الحي في ظل ضيق الشوارع والممرات، كما أن ذلك يؤدي بشركات النظافة إلى إهمال الحي بذريعة عدم إمكانية دخول سيارات النظافة إلى الشوارع، لافتا إلى افتقاد أهالي الحي الذين يشكلون كثافة سكانية كبيرة إلى الرعاية الصحية المتكاملة في ظل وجود مركز صحي وحيد في المنطقة. وفي الاتجاه نفسه يرى النمشي أن الحفريات الكثيرة التي تمتلئ بها جنبات الحي وافتقاد شبكة صرف صحي تظل أكبر المشاكل، خاصة أن الأهالي خاطبوا المجلس البلدي عدة مرات لإيجاد حلول عاجلة إلا أن الوضع ما زال قائما.