هل ما يجري في الجيش الأمريكي من صور الفساد سيؤدي إلى انهيار هذا المارد الأمريكي، لأنها تتعلق بالعمود الفقري للقوة الأمريكية، والذي يستخدم كأداة إرهابية (وفزاعة) لإرغام الدول وإخضاعها للجبروت الأمريكي.
كشف تقرير جديد لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن انتشار الجرائم الجنسية بشكل كبير في صفوف الجيش الأمريكي، حيث قدر عدد هذه الجرائم بنحو 26 ألف حالة خلال عام 2012، الأمر الذي أحرج وزير الدفاع الأمريكي، بل والرئيس أوباما نفسه، ما جعلهما يعلنان، بل ويتوعدان بعدم التسامح في كل من يرتكب هذه الجرائم داخل صفوف الجيش.
وأشار تقرير البنتاجون إلى أن عدد الجرائم الجنسية التي تتضمن أفرادا من القوات المسلحة من العام الماضي بنسبة 37% مسجلا 26 ألف جريمة تتراوح بين الاغتصاب والتحرش، وأشار التقرير إلى أن 70 اعتداء يحدث في اليوم الواحد في صفوف الجيش الأمريكي، مع الأخذ في الاعتبار أن حالات عديدة من الاعتداءات لا يتم الإبلاغ عنها.
عجائب الأمريكان أن الضابط المسؤول عن مكتب مكافحة الاعتداء في سلاح الجو الأمريكي قدم استقالته مؤخرا، وقبيل صدور تقرير البنتاجون، بعد اتهامه بالتحرش بمواضعة في جراج للسيارات قرب وزارة الدفاع، وهو ما أثار كبار المسؤولين بالنتاجون والكونجرس والرئيس أوباما نفسه، الذي قال للصحفيين إنه لا تسامح في هذا، وحذر بأن تورطه في جريمة من هذا النوع سيواجه محاكمة عسكرية وإقالة وتسريحا من الخدمة، وقال إن الاعتداء إهانة وجريمة، سواء بين صفوف القوات أو المجتمع بأسره.
ومن العجيب أن يناشد الرئيس أوباما العسكريين في بلاده بضرورة محاكمة من يرتكبون هذا الفعل الذي ليس من طبيعة الجيش الأمريكي، أو الولايات المتحدة، وكأننا نحن الذين صدرنا هذه الاعتداءات والسلوكيات المشينة إليهم، مع أن المجتمع الأمريكي المدني يزخر بكل صور الفساد الأخلاقي، ومن بينها الاعتداءات التي لم تسلم منها النساء ولا الأطفال.
ومن العجيب أيضا أن تصدر الهيئات والجمعيات الأمريكية ــ حكومية وأهلية ــ تصريحاتها، وأحيانا تهديداتها للمجتمعات العربية المسلمة التي لا تضع حدا للتحرش بالنساء، وهي تغض الطرف عما يحدث في بلادها.
لقد أصبحت الاعتداءات في الجيش الأمريكي، وفقا لتصريح وزير الدفاع الأمريكي نفسه، تمثل أخطر التحديات التي تواجه القوات المسلحة الأمريكية، حيث تشكل تهديدا لجذب المواطن الأمريكي للعمل بتلك المؤسسة، كما تهدد سلامة ورفاهية الجنود وقوة وسمعة هذه المؤسسة العسكرية والثقة فيها.
أنا لا أرى في هذا كله سوى انعكاس للحالة الأخلاقية السائدة في المجتمع الأمريكي بشكل عام، وهو ما يجعلني أوجه سؤالي للمعجبين بالنموذج الأمريكي: هل ترضون نقل هذا الانحلال؟ هل ترضون أن يتعرض أبناؤكم وإخوانكم لمثل هذه الاعتداءات الهمجية؟!
مطلوب إعادة النظر في كثير من مواقفنا وآرائنا، والحديث عن مثالب وعيوب النموذج الأمريكي، وعدم التركيز على عيوبنا وتمجيد الآخرين دون معرفة الحقائق وأننا ننعم بأشياء هم يفقدونها ويتمنون زوالها، ولكن لا نرضى إلا بجلد الذات، أنا لا أنكر بأن لدينا الكثير من العيوب والمفاسد، لكن لنعرف فقط أننا الأفضل على المستوى الأخلاقي ــ كمسلمين ــ ويكفينا ما ذكرته، ففيه عبرة لأولي الألباب.
Dr.rashhed17@gmail.com
كشف تقرير جديد لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن انتشار الجرائم الجنسية بشكل كبير في صفوف الجيش الأمريكي، حيث قدر عدد هذه الجرائم بنحو 26 ألف حالة خلال عام 2012، الأمر الذي أحرج وزير الدفاع الأمريكي، بل والرئيس أوباما نفسه، ما جعلهما يعلنان، بل ويتوعدان بعدم التسامح في كل من يرتكب هذه الجرائم داخل صفوف الجيش.
وأشار تقرير البنتاجون إلى أن عدد الجرائم الجنسية التي تتضمن أفرادا من القوات المسلحة من العام الماضي بنسبة 37% مسجلا 26 ألف جريمة تتراوح بين الاغتصاب والتحرش، وأشار التقرير إلى أن 70 اعتداء يحدث في اليوم الواحد في صفوف الجيش الأمريكي، مع الأخذ في الاعتبار أن حالات عديدة من الاعتداءات لا يتم الإبلاغ عنها.
عجائب الأمريكان أن الضابط المسؤول عن مكتب مكافحة الاعتداء في سلاح الجو الأمريكي قدم استقالته مؤخرا، وقبيل صدور تقرير البنتاجون، بعد اتهامه بالتحرش بمواضعة في جراج للسيارات قرب وزارة الدفاع، وهو ما أثار كبار المسؤولين بالنتاجون والكونجرس والرئيس أوباما نفسه، الذي قال للصحفيين إنه لا تسامح في هذا، وحذر بأن تورطه في جريمة من هذا النوع سيواجه محاكمة عسكرية وإقالة وتسريحا من الخدمة، وقال إن الاعتداء إهانة وجريمة، سواء بين صفوف القوات أو المجتمع بأسره.
ومن العجيب أن يناشد الرئيس أوباما العسكريين في بلاده بضرورة محاكمة من يرتكبون هذا الفعل الذي ليس من طبيعة الجيش الأمريكي، أو الولايات المتحدة، وكأننا نحن الذين صدرنا هذه الاعتداءات والسلوكيات المشينة إليهم، مع أن المجتمع الأمريكي المدني يزخر بكل صور الفساد الأخلاقي، ومن بينها الاعتداءات التي لم تسلم منها النساء ولا الأطفال.
ومن العجيب أيضا أن تصدر الهيئات والجمعيات الأمريكية ــ حكومية وأهلية ــ تصريحاتها، وأحيانا تهديداتها للمجتمعات العربية المسلمة التي لا تضع حدا للتحرش بالنساء، وهي تغض الطرف عما يحدث في بلادها.
لقد أصبحت الاعتداءات في الجيش الأمريكي، وفقا لتصريح وزير الدفاع الأمريكي نفسه، تمثل أخطر التحديات التي تواجه القوات المسلحة الأمريكية، حيث تشكل تهديدا لجذب المواطن الأمريكي للعمل بتلك المؤسسة، كما تهدد سلامة ورفاهية الجنود وقوة وسمعة هذه المؤسسة العسكرية والثقة فيها.
أنا لا أرى في هذا كله سوى انعكاس للحالة الأخلاقية السائدة في المجتمع الأمريكي بشكل عام، وهو ما يجعلني أوجه سؤالي للمعجبين بالنموذج الأمريكي: هل ترضون نقل هذا الانحلال؟ هل ترضون أن يتعرض أبناؤكم وإخوانكم لمثل هذه الاعتداءات الهمجية؟!
مطلوب إعادة النظر في كثير من مواقفنا وآرائنا، والحديث عن مثالب وعيوب النموذج الأمريكي، وعدم التركيز على عيوبنا وتمجيد الآخرين دون معرفة الحقائق وأننا ننعم بأشياء هم يفقدونها ويتمنون زوالها، ولكن لا نرضى إلا بجلد الذات، أنا لا أنكر بأن لدينا الكثير من العيوب والمفاسد، لكن لنعرف فقط أننا الأفضل على المستوى الأخلاقي ــ كمسلمين ــ ويكفينا ما ذكرته، ففيه عبرة لأولي الألباب.
Dr.rashhed17@gmail.com