-A +A
محمد الحربي
من أغرب الأشياء التي مرت علي وعجزت عن إيجاد تفسير منطقي لها يقنعني أن العيب في «مخي» أنا، وفي تفكيري القاصر العاجز عن إدراك حقيقة الأشياء كما هي في الواقع، هو رقم «1919» المخصص للإبلاغ عن حالات العنف الأسري، فهذا الرقم الذي استبشرنا أن يكون حلا مؤقتا «نص العمى ولا العمى كله»، لحين الإفراج عن نظام حماية المرأة والطفل، اتضح أنه رقم لا يختلف كثيرا عن أرقام شركات الاتصالات والخطوط السعودية، وكأنهم جميعا متقاولون مع نفس الشخص الذي يرد على هذه الأرقام، والذي ليس لديه سوى عبارة واحدة: «الموظفون مشغولون في خدمة عملاء آخرين، الرجاء الانتظار لحين تمكن الموظف من الرد عليك»، ولم أجد سببا واحدا يقنعني أن هذا الرد الذي ترغم على سماع تكراره ليس لدقائق بل لساعات قادر على حمايتك من العنف، وربما إنقاذك من الموت.
وليست الطامة هنا، ولكن المصيبة العظمى عندما تتصل بعد الساعة العاشرة مساء، ليصعقك المجيب الآلي بأبرد رد يمكن لك أن تسمعه في حياتك: «انتهى وقت الدوام الرسمي، اتصل من الساعة 8 صباحا وحتى 10 مساء لنتمكن من خدمتك»، وكأنك تتصل على شركة جوالات أو مكتب سفريات وليس على جهة حكومية معنية بتلقي البلاغات ضد العنف الأسري!!.
فهل هذه رسالة من الشؤون الاجتماعية أن العنف الأسري مسموح ما بين العاشرة مساء وحتى الثامنة صباحا، أم ماذا؟! وإلا ما سر عدم استقبال البلاغات في هذا التوقيت؟! هل أجرت الوزارة بحثا ميدانيا تأكدت من خلاله أن لا حالات عنف أسري في هذا التوقيت؟! أشك في ذلك.
ما المعجز في أن يستقبل الرقم البلاغات على مدار الأربع وعشرين ساعة طيلة أيام الأسبوع؟! أليس هذا هو المنطقي؟!
هل هو نقص في إمكانيات الوزارة عن إيجاد موظفين؟! أشك في ذلك أيضا، ولكن إن كان كذلك، لماذا لا تتعاقد الوزارة مع شركة على الأقل لتولي الرد على البلاغات؟!.
العنف الأسري خطر حقيقي يهدد أرواح أبرياء، وقد تسلب منهم حياتهم في لحظة غفلة مسؤول، أو تهاون موظف، أو حتى عدم مبالاة جار لم يستنصر لمظلوم في جواره.
هذا الخطر الحقيقي لا يجب أن نتعامل معه ببلادة، لأن أرواح الناس ليست رخيصة.

m_harbi999@hotmail.com