-A +A
احمد عائل فقيهي

غالبا ما تحيل كلمة الفساد إلى معان ودلالات، وعندما تلفظ كلمة فاسد تبدو مقززة خاصة إذا تم تناولها وتداولها بلغة تسويقية وسوقية في نفس الوقت.a

ولكن لكي نعرّف ونعرف أولا ما هو الفساد ينبغي أن يكون حديثنا عن الفساد علميا ودقيقا للبحث عميقا في هذا المعنى، إنه يعني «مكاسب أو فوائد شخصية وعلى الأخص فوائد مالية يطلبها الشخص أو يحققها لقاء استعمال نفوذه أو منصبه الرسمي»، وتعني الكلمة أيضا «حصول شخص في مركز ثقة وائتمان وخصوصا الموظف الحكومي على أموال وأشياء أخرى ذات قيمة عن طريق صفقات أو معاملات غير قانونية تنطوي على الخداع أو قلة الأمانة في العمل».

تعزيزا لهذا المعنى العلمي لابد من القول بأن الفساد حالة عامة لا تقتصر على الفساد الأخلاقي ولا الفساد المالي ولا الفساد المنظم الذي يبدو فيه الظاهر والمستتر ولكن ثمة فساد آخر هو فساد منظومة القيم داخل المجتمع، وهو ما يعني أن هناك شرخا عميقا وجذريا في الأخلاق والمبادئ والأدبيات التي يقوم عليها بعض أفراد المجتمع.

من هنا لا يمكن قراءة حالة الفساد بوصفها حالة تقف على السطح فقط، إذ لا بد من الذهاب بعيدا وعميقا في قراءتها، وأحيانا يتحول المظهر العام من حيث السلوك لكثير ممن يمارسون الفساد خاصة الفساد المالي والإداري والسطو على المال العام إلى غطاء لهذه الممارسات، لذلك يمكن النظر إلى الفساد المالي والإداري والأخلاقي من رؤى وزوايا مختلفة، فثمة فساد ثقافي وعلمي واقتصادي واجتماعي.

هناك عبارة للمفكر الجزائري الراحل محمد أركون وهي «الجهل المؤسس»، وهو يشير هنا إلى حالة الجهل التراكمي الذي تحول إلى مؤسسة ويمكن لي أن أستعيد هذه العبارة لأقول إن هناك فسادا يمكن تسميته «الفساد المؤسس».

لكن السؤال: هل يمكن أن نتحدث عن حالة عامة اسمها الفساد أم هناك ممارسات فردية لا يمكن وصفها بالظاهرة وهل يمكن أن نقول إن لفظة الفساد هي لفظة واسعة وشاملة لا يمكن حصرها واختصارها في الفساد المالي والإداري فقط؟!.





a_faqehi@hotmail.com