بعد 12 سنة من سيطرتهم اضحى الجمهوريون أقلية في الكونجرس الجديد مع بداية العام القادم، نتيجةً للانتخابات التشريعية ( النصفية ) التي جرت يوم الثلاثاء الماضي. حصل الديموقراطيون، في الانتخابات على المقاعد الستة التي كان يحتلها الجمهوريون ويسيطرون بها على مجلس الشيوخ، ليصبح مجلس الشيوخ الجديد 51 للديموقراطيين مقابل 49 للجمهوريين.. كما نجح الديموقراطيون في الحصول على 27 مقعداً في مجلس النواب، من الـ 29 مقعداً التي كان يتفوق بها الجمهوريون عليهم، في الكونجرس الماضي، ليصبح الفارق بينهما في مجلس النواب الجديد 27 مقعداً، لصالح الديموقراطيين. نجاح مماثل حققه الديموقراطيون على مستوى حكام الولايات، ليقلبوا المعادلة من 28 حاكماً جمهورياً مقابل 22 حاكماً، في الفترة الماضية، ليسيطروا على حكم 28 ولاية مقابل 22 حاكماً جمهورياً.
نجاح باهر للديموقراطيين حققوه في انتخابات الكونجرس وانتخابات حكام الولايات، يوم الثلاثاء الماضي، في ما اعتُُبر استفتاء ضد إدارة الرئيس جورج بوش الجمهورية، انتظاراً للقصاص من الجمهوريين، بصورة حاسمة، في انتخابات الرئاسة عام 2008. استطلاعات الرأي أظهرت أن 37% من جمهور الناخبين الأمريكيين كانوا يعبرون وهم يدلون بأصواتهم، في انتخابات الثلاثاء الماضي، عن عدم رضاهم عن سياسة الرئيس بوش، فيما كانت النسبة 18% في انتخابات 2004. في فترة السنتين الماضيتين تضاءلت شعبية الرئيس الأمريكي جورج بوش بمستوى يفوق الضعف، عما كان عليه الحال قبل سنتين مضتا.ولم يجد الرئيس غير وزير دفاعه، المثير للجدل ( دونالد رامسفيلد )، ليقدمه كبش فداء، لهذه الهزيمة السياسية النكراء التي لحقت بإدارته وبالجمهوريين، بصورة عامة في انتخابات الكونجرس، يوم الثلاثاء الماضي.
إعلان استقالة وزير الدفاع كانت التفاتة، من الرئيس جورج بوش، لأول امرأة تتزعم مجلس النواب في تاريخه النائبة الديموقراطية ( نانسي بيلوزي ) التي عبرت عن رغبتها في التعاون مع البيت الأبيض والأقلية الجمهورية في الكونجرس القادم، بروح التعاون، بعيداً عن الانتماءات الحزبية. روح إيجابية يفتح بها الديموقراطيون عهدهم الجديد في الكونجرس وعلاقتهم القادمة مع الإدارة، ما كان للرئيس الأمريكي إلا أن يبدي ارتياحه منها، ليتقدم هو الآخر خطوة إلى الأمام في اتجاه الديموقراطيين ويقصي وزير دفاعه النافذ عن البنتاجون، من باب الاعتراف الضمني بأخطاء قرار غزو العراق.. والصعاب التي تعترض الحرب الشاملة التي تخوضها الإدارة الأمريكية، على ما تسميه الإرهاب.
بالرغم من قضية التورط العسكري في العراق التي تقف وراء هزيمة الجمهوريين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إلا أن الديموقراطيين أنفسهم، ليست لديهم خطة للخروج من مستنقع العراق. استراتيجية الديموقراطيين في حملات الانتخابات ركزت على المشكلة إلا أنها لم تطرح حلولاً لها. لعب الديموقراطيون، على ورقة الخسائر المادية والبشرية التي يتكبدها الأمريكيون في العراق، دون أن يقدموا حلولاً عملية للخروج من المستنقع العراقي... وهذا يفسر، إلى حدٍ كبير، هذه اللهجة التصالحية من قِبَلِ الديموقراطيين لعرض التعاون مع البيت الأبيض، في الفترة القادمة، حتى لا يُفاجأ الديموقراطيون، في انتخابات الكونجرس القادم والرئاسة في خريف 2008، أن عليهم وحدهم يقع عبء الخروج من المأزق.
ولكن القضية التي كانت تسبق قضية مأزق العراق، في استطلاعات الرأي لها علاقة بذمة ونزاهة مؤسسات الحكم في واشنطن المالية والأخلاقية. خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية من سيطرة الجمهوريين على الكونجرس، منها ست سنوات من سيطرتهم على البيت، ظهرت فضائح فساد مالي وأخلاقي طالت البيت الأبيض، إلى مستوى نائب الرئيس والكونجرس، إلى مستوى زعامة الأغلبية الجمهورية فيه، معاً. هذا أدى بزعيمة مجلس النواب الجديدة الديموقراطية ( نانسي بيلوزي ) أن تصرح، أثناء حملتها الانتخابية: أن المجلس في حاجة إلى امرأة لـ “تنظيفه” في إشارة إلى ظاهرة الفساد المتفشي بين أعضاء الأغلبية الجمهورية فيه بعد 12 سنة من سيطرتهم عليه..!؟
اثنتا عشرة سنة من السيطرة على الكونجرس، منها 6 سنوات من عهد الرئيس جورج بوش جمع الجمهوريون خلالها بين سيطرتهم على البيت الأبيض والكونجرس، هي فترة طويلة، في عرف وتاريخ التجربة السياسية الأمريكية، كافية لتفشي الفساد في مؤسسات الحكم بواشنطن. كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الجمهورية محظوظة أنها حكمت ست سنوات، في ظل سيطرة جمهورية على الكونجرس... أمرٌ نادر الحدوث في تجربة صيغة الفصل بين السلطات في النظام السياسي الأمريكي. عادةً ما يفضّل الناخب الأمريكي أن يمارس سيطرته ورقابته على أداء الحكومة عن طريق تقسيم السيطرة عليها بين الحزبين الرئيسيين فيها الجمهوري والديموقراطي، كأفضل وسيلة لضمان أداء أكثر فاعلية وكفاءة لمؤسسات الحكم في واشنطن.. والحيلولة دون استشراء الفساد بين الساسة في البيت الأبيض والكونجرس.
كان من المفترض أن يتم ذلك، منذ ست سنوات في بداية فترة الرئيس جورج بوش الأولى، ولكن الجدل الذي ثار حول نتيجة انتخابات الرئاسة في ولاية فلوريدا، حال دون الشعب الأمريكي وانتخاب رئيس ديموقراطي مع وجود كونجرس أمريكي، آنذاك.. الأمر الذي تأكد عند تجديد رئاسة الرئيس الأمريكي لفترة حكم ثانية، تحت خوف هاجس الإرهاب.. وكان أن احتفظ الجمهوريون بالأغلبية في الكونجرس، حتى انتخابات يوم الثلاثاء الماضي، لتعود السيطرة من جديد للجمهور الأمريكي على الحكومة عن طريق فرض صيغة الفصل بين السلطات، بمستواها السياسي العام، وليس الدستوري الشكلي.
علينا أن ننتظر حتى انتخابات الرئاسة والكونجرس 2008 القادمة، لنرى هل يقع الناخب الأمريكي في نفس الخطأ الذي وقع فيه في انتخابات 2000، فيختار رئيسا وكونجرس من نفس الحزب.. أم أنه يكون أكثر حذراً في الالتزام بصيغة الفصل بين السلطات، بمستوياتها السياسية والدستورية الواسعة، تحقيقاً لسيطرة أكبر على أداء الحكومة، بفرعيها التنفيذي والتشريعي، من أجل ضمان مستويات أكثر نزاهة لها.. واستقرار أكبر على مستوى حركة السياسة الخارجية الأمريكية.
نجاح باهر للديموقراطيين حققوه في انتخابات الكونجرس وانتخابات حكام الولايات، يوم الثلاثاء الماضي، في ما اعتُُبر استفتاء ضد إدارة الرئيس جورج بوش الجمهورية، انتظاراً للقصاص من الجمهوريين، بصورة حاسمة، في انتخابات الرئاسة عام 2008. استطلاعات الرأي أظهرت أن 37% من جمهور الناخبين الأمريكيين كانوا يعبرون وهم يدلون بأصواتهم، في انتخابات الثلاثاء الماضي، عن عدم رضاهم عن سياسة الرئيس بوش، فيما كانت النسبة 18% في انتخابات 2004. في فترة السنتين الماضيتين تضاءلت شعبية الرئيس الأمريكي جورج بوش بمستوى يفوق الضعف، عما كان عليه الحال قبل سنتين مضتا.ولم يجد الرئيس غير وزير دفاعه، المثير للجدل ( دونالد رامسفيلد )، ليقدمه كبش فداء، لهذه الهزيمة السياسية النكراء التي لحقت بإدارته وبالجمهوريين، بصورة عامة في انتخابات الكونجرس، يوم الثلاثاء الماضي.
إعلان استقالة وزير الدفاع كانت التفاتة، من الرئيس جورج بوش، لأول امرأة تتزعم مجلس النواب في تاريخه النائبة الديموقراطية ( نانسي بيلوزي ) التي عبرت عن رغبتها في التعاون مع البيت الأبيض والأقلية الجمهورية في الكونجرس القادم، بروح التعاون، بعيداً عن الانتماءات الحزبية. روح إيجابية يفتح بها الديموقراطيون عهدهم الجديد في الكونجرس وعلاقتهم القادمة مع الإدارة، ما كان للرئيس الأمريكي إلا أن يبدي ارتياحه منها، ليتقدم هو الآخر خطوة إلى الأمام في اتجاه الديموقراطيين ويقصي وزير دفاعه النافذ عن البنتاجون، من باب الاعتراف الضمني بأخطاء قرار غزو العراق.. والصعاب التي تعترض الحرب الشاملة التي تخوضها الإدارة الأمريكية، على ما تسميه الإرهاب.
بالرغم من قضية التورط العسكري في العراق التي تقف وراء هزيمة الجمهوريين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إلا أن الديموقراطيين أنفسهم، ليست لديهم خطة للخروج من مستنقع العراق. استراتيجية الديموقراطيين في حملات الانتخابات ركزت على المشكلة إلا أنها لم تطرح حلولاً لها. لعب الديموقراطيون، على ورقة الخسائر المادية والبشرية التي يتكبدها الأمريكيون في العراق، دون أن يقدموا حلولاً عملية للخروج من المستنقع العراقي... وهذا يفسر، إلى حدٍ كبير، هذه اللهجة التصالحية من قِبَلِ الديموقراطيين لعرض التعاون مع البيت الأبيض، في الفترة القادمة، حتى لا يُفاجأ الديموقراطيون، في انتخابات الكونجرس القادم والرئاسة في خريف 2008، أن عليهم وحدهم يقع عبء الخروج من المأزق.
ولكن القضية التي كانت تسبق قضية مأزق العراق، في استطلاعات الرأي لها علاقة بذمة ونزاهة مؤسسات الحكم في واشنطن المالية والأخلاقية. خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية من سيطرة الجمهوريين على الكونجرس، منها ست سنوات من سيطرتهم على البيت، ظهرت فضائح فساد مالي وأخلاقي طالت البيت الأبيض، إلى مستوى نائب الرئيس والكونجرس، إلى مستوى زعامة الأغلبية الجمهورية فيه، معاً. هذا أدى بزعيمة مجلس النواب الجديدة الديموقراطية ( نانسي بيلوزي ) أن تصرح، أثناء حملتها الانتخابية: أن المجلس في حاجة إلى امرأة لـ “تنظيفه” في إشارة إلى ظاهرة الفساد المتفشي بين أعضاء الأغلبية الجمهورية فيه بعد 12 سنة من سيطرتهم عليه..!؟
اثنتا عشرة سنة من السيطرة على الكونجرس، منها 6 سنوات من عهد الرئيس جورج بوش جمع الجمهوريون خلالها بين سيطرتهم على البيت الأبيض والكونجرس، هي فترة طويلة، في عرف وتاريخ التجربة السياسية الأمريكية، كافية لتفشي الفساد في مؤسسات الحكم بواشنطن. كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الجمهورية محظوظة أنها حكمت ست سنوات، في ظل سيطرة جمهورية على الكونجرس... أمرٌ نادر الحدوث في تجربة صيغة الفصل بين السلطات في النظام السياسي الأمريكي. عادةً ما يفضّل الناخب الأمريكي أن يمارس سيطرته ورقابته على أداء الحكومة عن طريق تقسيم السيطرة عليها بين الحزبين الرئيسيين فيها الجمهوري والديموقراطي، كأفضل وسيلة لضمان أداء أكثر فاعلية وكفاءة لمؤسسات الحكم في واشنطن.. والحيلولة دون استشراء الفساد بين الساسة في البيت الأبيض والكونجرس.
كان من المفترض أن يتم ذلك، منذ ست سنوات في بداية فترة الرئيس جورج بوش الأولى، ولكن الجدل الذي ثار حول نتيجة انتخابات الرئاسة في ولاية فلوريدا، حال دون الشعب الأمريكي وانتخاب رئيس ديموقراطي مع وجود كونجرس أمريكي، آنذاك.. الأمر الذي تأكد عند تجديد رئاسة الرئيس الأمريكي لفترة حكم ثانية، تحت خوف هاجس الإرهاب.. وكان أن احتفظ الجمهوريون بالأغلبية في الكونجرس، حتى انتخابات يوم الثلاثاء الماضي، لتعود السيطرة من جديد للجمهور الأمريكي على الحكومة عن طريق فرض صيغة الفصل بين السلطات، بمستواها السياسي العام، وليس الدستوري الشكلي.
علينا أن ننتظر حتى انتخابات الرئاسة والكونجرس 2008 القادمة، لنرى هل يقع الناخب الأمريكي في نفس الخطأ الذي وقع فيه في انتخابات 2000، فيختار رئيسا وكونجرس من نفس الحزب.. أم أنه يكون أكثر حذراً في الالتزام بصيغة الفصل بين السلطات، بمستوياتها السياسية والدستورية الواسعة، تحقيقاً لسيطرة أكبر على أداء الحكومة، بفرعيها التنفيذي والتشريعي، من أجل ضمان مستويات أكثر نزاهة لها.. واستقرار أكبر على مستوى حركة السياسة الخارجية الأمريكية.