-A +A
احمد عائل فقيهي
في الحياة اليومية المعاشة، وفي زحمة الواقع، بكل تفاصيله لا بد أن تلتقي كل الأجناس وكل الأطياف بالكبير والصغير بمن تشعر بالميل إليه والحب له ومن لا يجمع بينك وبينه أي شيء. من أنت في حالة اقتراب معه ومن هو في حالة ابتعاد عنك، وفي هذه العلاقة مع الناس ثمة «كيمياء» غريبة وعجيبة تتحدد من خلالها مساحة الاقتراب أو الابتعاد معا بين من تحب وبين من تكره.
إن الذين تتاح لهم فرصة الاندماج والانغماس في العلاقات الإنسانية لابد أن يمتلكوا تجربة حياتية واسعة وثرية من حيث كونها تجربة تجعل الإنسان أكثر وعيا بالناس وكيفية التعامل مع أمزجتهم وطرائق تفكيرهم، وأساليب حياتهم وما هي ردات الفعل عندهم ومستويات الانفعال عندهم.
هكذا يمكن فهم الواقع وقراءته وبالتالي فهم وقراءة وجوه وعقول الناس ذلك أن تراكم معرفة هؤلاء الناس يؤدي بالضرورة إلى تراكم معرفة الحياة، ولذلك لا غرابة أن يقول شاعر عربي حكيم:
والنفس تعرف من عيني محدثها
إن كان من حزبـها أو من أعاديـها
نعم النفس تقرأ عين الآخر وتدرك مدى المحبة والكراهية في هذه العين التي هي مرآة عاكسة لأعماق هذا الآخر إلى حد يصل إلا أن البعض قادر على فهم الطرف الذي أمامه أكثر من فهمه لنفسه، لذلك وفي وسط العلاقات الإنسانية في زحمتها وزخمها تختلط وتتشابك درجات الوعي والإدراك بالناس والحياة وأمام هذا وذاك أنت بالمقابل تقرأ الوجوه والأقنعة كيف يمكن لك أن تقرأ هذا الوجه وتزيل هذا القناع، ولكن لن يتأتى ذلك إلا بالقدرة على سبر غور هؤلاء الذين تلتقي وتتلاقى بهم يوميا وتصل وتتواصل معهم باستمرار.
كل إنسان في داخله وفي أعماقه أكثر من شخصية، وثمة أناس لهم عدة وجوه وعدة أقنعة أيضا.


a_faqehi@hotmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548
الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701
زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة