-A +A
فهيم الحامد
ليس هناك شك في الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تعقد غدا، وتعتبر الأولى منذ اندلاع شرارة الاحتجاجات للطعن في نزاهتها عام 2009، ليس فقط لمستقبل الشعب الإيراني، وإنما لتحديد سياسات إيران في المنطقة، إن كانت تتجه نحو مزيد من التدخلات الإيرانية وتكريس الفكر الطائفي البغيض والاستمرار في دعم النظام القمعي الأسدي.
جميع المؤشرات تدل على فوز جليلي (مرشح المرشد الإيراني)، الأمر الذي يضع المنطقة على فوهة بركان، وسيعمل على إذكاء الطائفية؛ لأن فوزه يعني تكريس سياسة التشدد التي انطلقت مع بداية مرحلة نجاد، وبالتالي مزيدا من التورط والتدخلات الإيرانية الخارجية في سوريا والعراق ولبنان، إلا إذا حدثت المفاجأة وفاز روحاني مرشح الإصلاحيين، وهذا مستبعد؛ لأن مجرد رفض ترشيح رفسنجاني من قبل مجلس صيانة الدستور على الرغم من أن رفسنجاني هو ابن النظام وخارج من عباءته، إلا أن المرشد لم يتقبل فكرة وجود شخصية معتدلة إصلاحية مرشحة للانتخابات. وهذا ــ بحد ذاته ــ يعطينا مؤشرا حقيقيا للنتيجة التي ستؤول إليها العملية الانتخابية، والتي تعكس قرارا لدى المؤسسة الدينية التي يمسك بها خامنئي والحرس الثوري، حيث لديهما قناعة بعدم السماح لأي إصلاحي أن يصل إلى سدة الرئاسة.

وخلال فترة الحملات الانتخابية، شاهدنا المناظرات المتعددة بين المرشحين للرئاسة، ولكن الحقيقة التي يعلمها العالم والإيرانيون أن هذه الحملات والمناظرات هي عملية هزلية صورية ليس لها علاقة بالعمل الديمقراطي؛ لأن جميع المرشحين اختارهم المرشد، والاختلاف بينهم هو درجة الولاء المطلق للمرشد، والذي سيكون جليلي صاحب الحظ الأوفر، وبالتالي سيكون هو الرئيس الجديد، خصوصا أن المرشد يعي جيدا أن إيران تخوض معركة حاسمة في المنطقة، ولا يمكن التنازل عن منصب الرئاسة لأي شخص لا يحظى بالولاء الكامل له ولملالي قم؛ لأنهم يعلمون أن فوز مرشح إصلاحي سيعيد التوازن لإيران، خصوصا أن الإصلاحيين مثل رافسنجاني وخاتمي رموا بثقلهم وراء روحاني، حيث يأملون أن تتحقق المعجزة في حالة عقد انتخابات حرة ونزيهة.
إيران اليوم في مفترق الطرق، أزمات سياسية واقتصادية خانقة، قمع للحريات، وخرق لحقوق الإنسان، وإعلام إيراني مكمم الأفواه، وشعب يعيش في قفص حديدي قمعي محاصر بما يسمى بولاية الفقيه الذي ألهب الصراعات في المنطقة، وأدخل بلاده في أتون صراعات طائفية وحروب ستكون إيران في النهاية هي حطبها ووقودها وضحيتها.