-A +A
شتيوي الغيثي
أن تكون هناك ثقافة، يعني أن تظهر كل مقومات المجتمع الثقافية من فكر وأدب وفن وقيم سلوكية وعلاقات اجتماعية.. وغيرها على السطح، من غير أن نفرض عليها أن تكون حين لا يكون لها أصل ثقافي أو نقمعها لدعوى الخصوصية، أو أنها لا تليق بمجتمعنا المحافظ حتى لو كان لها أصل ثقافي في بيئتنا، بل نترك الثقافة تتشكل كما هي وبكل مؤثراتها الداخلية والخارجية من عملية تصدير أو استيراد، حتى لو رفضها البعض منا على اعتبار أنها دخيلة على مجتمعنا، فعملية التأثير والتأثر هي صلب العمل الثقافي شئنا أم أبينا.
منذ سنوات ظهرت ظاهرة العواصم الثقافية، فكانت الرياض عاصمة للثقافة العربية عام ألفين ميلادي، إضافة إلى العواصم الثقافية التي سبقتها أو تلتها بسنوات التي نظمتها اليونسكو. هذه السنة كانت المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية، وقد تم اختيارها من قبل منظمة التعاون الإسلامي، وفي ألفين وخمسة كانت مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية. هذا غير العواصم الثقافية الأخرى من الشرق والغرب وأفريقيا.

ابتداء، ومن حيث الفكرة، فهي جميلة ورائعة ومحفزة للنهوض الثقافي، لكن الإشكالية تظهر فيما بعد هذا الاختيار للعاصمة هذه أو تلك. تأتي الفعاليات بأقل من المأمول في فتح المجال الثقافي على مصراعيه، من غير أية وصاية أو حتى تحفيز. فقط فتح الفضاء الثقافي على أوسع أبوابه وتركه يعمل كما يشاء كفيل بإنجاز الكثير من الفعاليات الثقافية التي تبعث روح العمل الثقافي لدى الجميع.
ما يحصل أن عواصم الثقافة تتحول إلى فعاليات رسمية يغيب فيها العمل الثقافي الحقيقي، ويصبح أقرب إلى خطابات ثقافية، أو فعاليات تمجيدية لذلك العلم أو ذلك المثقف دون أن يكون هناك عمل حقيقي جمعي يصب في صالح الثقافة.
أرادت جمعية الثقافة والفنون في المدينة، بمناسبة المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية، أن تضع ضمن فعالياتها دورات تدريبية تتصل بطبيعية عملها في الجمعية، لكن قوبلت برفض الكثيرين، ما اضطرها لإلغاء الفعاليات، والسبب في نظر الرافضين لها هو «خصوصية المدينة».
هذا الكلام ينطبق على جميع الفعاليات الثقافية في المملكة، سواء أكانت عواصم ثقافية، أم مهرجانات ثقافية، أو غيرها، حيث تحاصر الثقافة أيما حصار لتتحول إلى عمل روتيني بحت لا علاقة له بالثقافة إلا بالاسم.