-A +A
ادار الندوة: علي فقندش - عبدالله عبيان تصوير: سعيد الشهري
تباينت آراء المشاركين في ندوة عكاظ الاسبوعية التي طرحت محوراً يتناول: دور الفنان في الازمات والحروب والكوارث الكبرى! ..ففيما اكد جانب من المشاركين على اهمية المشاركة من خلال احياء الحفلات والمهرجانات لدعم الضحايا والمنكوبين رأى جانب آخر تخوفا من ذلك حيث سيفسره البعض بأنه «رياء» فضلاً عن الحالة النفسية السيئة التي تكون عامة جاثمة على الفنانين والناس معاً.هذه الاشكالية التي طالما طرحت في الاعلام الفني المقروء حول دور الفنان استطعنا ان نتدارسها مع مجموعة من نجوم الفن من شتى ضروب الابداع فهناك الممثل والملحن والمغني والشاعر الغنائي ، وفيما يلي تفاصيل الندوة:

«عكاظ»: ايهما اكثر فاعلية في الحالتين الغياب المعلن ام الحضور في الازمات؟

عبدالستار صبيحي: الفنان العربي بشكل عام كان مقصراً ليس في المملكة فقط بل في كل العالم العربي واوجه القصور كانت نحو امته تجاه كل الكوارث الطبيعية والحروب التي يصنعها الانسان .. بينما في خارج العالم العربي نجد ان الفنانين يقومون بجولات ومهرجانات كان مدخولها كتبرع يدعم ضحايا هذه الكوارث واذا لم يكن كذلك تجدهم يذهبون بأنفسهم وجهدهم ونجوميتهم وفنهم الى اولئك المنكوبين ليدخلوا البهجة في قلوبهم مما يعني قيامهم بالدور الترفيهي وليس الدعم المادي فقط، ذلك كي لا يصابوا بنكسة بعد انفراج الازمة ومحاولة ان ينسى هؤلاء المأساة لاسيما اذا كانت الكارثة مفاجئة لهم مثل (تسونامي).

محمد شفيق: ان دور الفن فاعل في مناحي حياتنا ومطلوب منا كلنا ان نتعامل بفن وروح عالية وجميلة واخلاق فالفن له دور كبير في قيام شأن دول كبيرة واذا ما عدنا: ذاكرتنا الى ماضى مصر مثلاً نجد ان سيد درويش قام بإبداع اعمال فنية غنائية ملحمية ساعدت وشجعت بعض الشعوب في طرد المستعمر وهناك لون هام من الوان الفنون الغنائية والموسيقية وهو المونولوج الذي كان يوّعي وينصح وينتقد كذلك كان للمونولوج فائدته وايجابيته العظمى في تربية النشء يومها .. الذي لم ينجرف لثقافة وفنون الغرب الابعد توقف هذا اللون من الفنون واقصد هنا بالثقافة .. كل شىء بما فيه المأكل (فاست فود) والملبس والذوق العام واخشى ان بعضاً من ابناء جيل اليوم انه لا يعرف (الفول) او انه يحاول ان يتذكر ما هو اذا جاء ذكره .. الذي اريد ان اصل اليه ان الفن موجود في المآسي والافراح ومختلف الحالات لكن السؤال هو كيف نقدم الحالة المطلوبة من الوان فنوننا .. لكن للاسف الشديد استطيع القول ان الفن خرج من محرابه بمعنى انه كان (محترماً) في المسرح او الاغنية او غيرهما ولم يكن يتخلل العرض او الحفل (بائع لب) او مباشرون او عشاء او ماشابه ..كان الفن فناً بمعنى الكلمة لكن للاسف جاءت الطفرة وكنا نحن ابناء الخليج السبب في تحويل (الفن) بشكل عام من مكانه اللائق به الى شارع الهرم من اجل النقطة .. حتى ان الراحلين عبدالحليم حافظ وفايزة احمد غنيا في الاريزونا وشارع الهرم ثم امتد الى النوادي وهكذا .. وهنا ظل سؤالي كموسيقى وملحن قائماً كيف تستمع الى فن موسيقى وغنائي وانت تأكل؟؟

لذا ارى انه لا مانع ان يسعى الفنان لدعم الشعوب العربية اثناء الحروب والكوارث بإقامةالحفلات والمهرجانات وغيرها فهو دور مطلوب منه ..



العدوان الثلاثي

حسن مصطفى:كانت مشاركة الفن والفنانين العرب للشعوب العربية اثناء الحروب والكوارث بارزة وواضحة ومطلوبة في نفس الوقت واذكر انني كنت اتابع مشروعاً من هكذا نوع اسمه (قطار الرحمة) وكان من قام بالفكرة وتأسيسها الراحل وجيه اباظة حيث جمع الكثير من نجوم ومشاهير الفن ليتجولوا في مختلف المحافظات في مصر من خلال هذا القطار .. وكان اتجاهه من القاهرة وحتى الاسكندرية ومن القاهرة حتى اقصى الصعيد جنوباً واذكر انه كان يشارك في هذا القطار وحملاته نجوم التمثيل والغناء والموسيقى وكل الوان الفنون حيث يتوقفون في جميع المحافظات لاداء عروض واحياناً الاكتفاء بالتواجد الامر الذي يرفع معدلات التبرع وكان الأمر الثاني في حرب 56 (العدوان الثلاثي) حيث تضاعف دعم الفنان لصالح المجهود الحربي ..و تكررت الظاهرةبشكل كبير حيث كنت ارى صلاح جاهين وكمال الطويل وبليغ حمدي وعبدالرحمن الابنودي واحمد شفيق كامل ومحمد العزبي كما انك تجد كل هؤلاء وقد سكنوا ستوديوهات الاذاعة حيث تجد الكلمة تكتب في لحظتها وتلحن في نفس الوقت لتنفذ وتلحن وتغنى وهكذا .. بمعنى اننا نجد ان الدور للفنان والمثقف والاعلامي كان واضحاً كما هو في المستفشيات وغيرها ولا ننسى موسيقار الاجيال الراحل محمد عبدالوهاب في تجميع ابرز الاصوات العربية يومها في (الوطن الاكبر) ..



نص تحفيزي

صبيحي: اعتقد انه ينقص الفنانين العرب تركيزهم في العطاء من هذه الاحداث والنكبات بمعنى لم لا يكتب نص تحفيزي يجمع المطربين والممثلين في عمل اشبه بالاوبريت التي يتداخل فيها التمثيل بالغناء لاذكاء روح الحماس للعامة وان يكون المبدعون واعنى الكاتب والملحن يعون دورهم بالفعل في تصوير الكوارث (المشكلة .. والحل) في الاعمال الفنية الكبيرة ..

جواد العلي: كثير من فنانينا العرب اثناء الحرب الاسرائيلية اللبنانية الاخيرة قاموا بواجبهم بشكل بدا ملحمياً مثل الموسيقار حلمي بكر الذي قام بعمل كبير رشح له الكثير من ابرز المطربين العرب لدعم لبنان في موقف المعتدى عليه .. كما ان كثيراً من المطربين العرب قاموا باحياء حفلات كانت بنسب متفاوتة لصالح ودعم لبنان في الحرب واعادة الاعمار

عكاظ: هل ترون اختلافاً في دعم الحكومات للفنانين اثناء الحروب؟

شفيق: تختلف اساليب دعم الحكومات والشعوب اثناء الحروب في عالمنا العربي اليوم عنها بالامس اما كيف فهذا لان الفنانين بالامس - واقصد معظمهم - كانوا يحبون الفن للفن وكثيرون منهم ماتوا فقراء بينما معظم فنانين اليوم لا يهمهم الا التجارة والكسب المادي فأول كلمة تجدها تصدر عقب واثناء اي اتفاق كم؟! وهكذا .. يجتمع في هذا الممثل والمغنى فعندك مثلاً رجل الكوميديا الشهير اسماعيل ياسين اضحك الملايين ومات معدماً كذلك عبدالفتاح القصري وزينات صدقي ..

مصطفى: اسماعيل ياسين مات وهو نجم سينما والقاسم المشترك الاعظم في الافلام السينمائية وهو شارلي شابلن العرب كان يأخذ ثلاثة آلاف جنيه .. (مع الفارق طبعاً بين قيمتها اليوم وبالامس) خذ ايضاً هذا المثل نجم النجوم الراحل رشدي اباظة كان آخر اجر اخذه (7000) جنيه بينما اليوم (مفعوص) يأخذ مالا يخطر على بال مقابل العمل الفني ..

العلي: كان هناك حب بين المنظم والمتعهد وبين الفنان من جانب وبينهما والمتلقي من جانب آخر .. المتعهد اليوم في اقامته وتنظيمه لهذه الحفلات تجد انه غير صادق في اعلانه ان المناسبة سواء كانت حفلاً او مهرجاناً خيرية او لصالح جهة ما .. نكتشف في النهاية نحن المغنين والملحنين بشكل او آخر انها لم تكن كذلك الأمر الذي جعلنا نتردد في التعامل مع اي منهم خشية ان يكون عمله تجارياً يستثمرفيه نجوميتنا دون ان يكون من الدخل شيء مخصص للعمل الخيري او المواقف الانسانية تجاه الحروب والكوارث.



مشاركات واهية

شفيق: انا مع الفنان وبوضوح في دعم الجانب الذي يهمه قومياً ومن حيث المبدأ وذلك بالعمل متبرعاً في اقامة حفلات يعود مدخولها لصالح هؤلاء الضحايا كذلك تقديم اغنيات تترجم البعد الاخوي والامر الذي يرفع المعنويات لدى هؤلاء الضحايا وللاسف كان قليلاً عدد الفنانين الذين شاركوا في الغناء للبنان واللبنانين في حربهم الاخيرة مع اسرائيل وكانت تفسيراتهم و تعليل عدم مشاركاتهم واهية.

عادل الصالح: نعم اثني على كلام استاذنا محمد شفيق بالفعل عندما بدأت في الاستوديو الخاص بي في جدة خطوات من هكذا نوع وجدت ان الكاتب مثلاً يقول اذن من سيدفع لي وكذلك الذي سيلحن والذي سيغني الجميع يسأل ما هو المردود ولا يعلم ان عليه دورا يجب ان يقوم به تجاه امته في قضاياها المصيرية سواء كانت طبيعية كالكوارث اوالحروب التي بدا واضحا ان لا استقرار سيشهده العالم قبل زمن طويل سيجيء تتطاحن فيه الامم والشعوب ولا سيما في منطقتنا التي لم يقدر لها هدأة الانفس وسلامة الديار والاموال منذ غرس و نشأة اسرائيل هذا الكيان البغيض في المنطقة ..

حمد الاسمري: استغرب بشدة تساؤل البعض عن المردود المادي لاي عمل يقوم به دون وعي وادراك منه في التفريق بين ما هو واجب عليه مشاركة فيه بل والمساهمة في تحمل التكاليف اذ انها احد جوانب الواجب عليه تجاه الامة .. وبين تلك الاعمال العادية التي يدفع له مقابلها وتعتبر من صميم عمله ..

صبيحي: وهل من فنانينا اليوم من نعده من الفقراء والمعدمين وعلى وجه الخصوص نجوم الغناء آه لو اننا تعرفنا على مخزونهم من الملايين في حساباتهم البنكية التي اعمت بعضهم للدرجة التي لم يعد يرى غير تنمية هذه المبالغ الضخمة والتي انسته دوره الاجتماعي والسياسي والانساني ..



يد الفنان

العلي: دعونا نحسبها بوجهة نظر اخرى فلنفترض انني قمت بعمل اغنية (سينجل) وحيدة بمجهود مني واقدمها كهدية ومساهمة مني في دعم موقف عام .. ربما تجدني هنا في موقف قد لا احسد عليه اذ يعتبرني البعض في (موقف رياء) .. ارى هنا ا الحل في يد الفنان للتعامل مع القضية وتسجيل موقف بصورة مباشرة يعني ان يقوم الفنان بهذا مباشرة من خلال زيارته للضحايا في لبنان او فلسطين او غيرها ليقول كلمته دون ان يكون قد عرض نفسه لرياء او شبهة ..

الاسمري: لست معك في هذا .. فالأمر مشروع فالمطلوب من الجميع ابراز دورهم في دعم القضايا ومساعدة المحتاج والضحية .. كما ان نشر وتعريف الناس بهذه الخطوات يجعل الخير يعم ومن ناحية اخرى يحفز بقية زملائه الفنانين الى الدخول في المعترك والتسابق من اجل الدعم حتى لو رافق ذلك رياء بغية تسجيل حضور في مهمة ما ..



الحلم العربي

دور الفنان اثناء الازمات اكثر من كبير وهام واعجبني على وجه التحديد العمل الكبير الذي قدم بعد الانتفاضة الثانية بعدد كبير من نجوم الفن (الحلم العربي) والذي شارك فيه عدد كبير من نجوم الفن العرب واعتبره ايجابياً حتى لو صادفته بعض المشكلات الاعلامية او المادية او غيرها عموماً كانت خطوة جمع كل اولئك النجوم في عمل قومي ايجابية كبيرة ..

صبيحي: لكن طريقة التنفيذ لهذ العمل وعرضه ايضاً لم تكن جيدة.

العلي: دعوني اقول ان العمل منع في دورته الثانية وقيل ان ذلك عمل تحريضي واعتقد انه سينسحب عليه ما كان على اعمال هامة في هذا السياق مثل اعمال دريد لحام ومحمد صبحي الذي عانى كثيراً في مسلسله (فارس بلا جواد) لجديته ..



حرب لبنان

هل كان لك دور في حرب لبنان الاخيرة! والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان؟!

العلي: عن نفسي كنت اتواصل مع زملاء في لبنان لم يكن بيني وبينهم علاقة وتابعت هذه العلاقة التي كان من الممكن ان تثمر اعمالاً جيدة لكني نفسياً لم اكن لاستطيع الغناء او المشاركة لقد انعدم المزاج وذلك كون الجرح في لبنان ذكرنا بالجرح القديم في فلسطين .. اصبح عندي حالة اكتئاب. وشخصياً ارى ان جلستنا هذه ومناقشة ما تعيشه الامة اليوم ومناقشة اوضاعهم وادوارنا كفنانين ودعاءنا لهم في المحن والازمات ارى انه امر جيد واننا لسنا بعيدين عن قضايانا.



حمل الرسالة

«عكاظ»: هل اثرت الاعمال الفنية لفنانينا العرب في وجدان الناس كما اثرت رواية (كوخ العم توم) والتي كانت سبباً في انتصار الحرب ضد العنصرية هناك ؟ هل كان لاعمالنا العربية ذلك التأثير / هل فناننا يعي تماماً حمل الرسالة التي هي ملقاة على عاتقه وهل ضحى الفنان في هذا السبيل بغض النظر عن علاقتي مع المتعهد والمنظم .. عندما اقدم اغنية واشعر بمسئوليتي تجاه المجتمع والوطن سأجد حتماً من يتبناها؟

شفيق والصالح: ان اول كلمة يقولها الفنان هنا وفي عالمنا العربي بشكل عام من المنتج ؟ يريد ان يعرف من المنتج ليعرف كم او هل هو سيأخذ مقابلاً ام لا؟

العلي: ارى ان دور الفنان لا ينتهي فقط عند هذا الحد بل المتابعة وان يكون له حضوره والسعي لتقديم هذا العمل هنا وهناك.

مصطفى: دور الفنان العربي ليس مغفلاً فمن البدء كان موسيقار الاجيال قد صور قضايا الامة بأعمال لعل من اهمها تلحينه قصيدة (فلسطين) لعلي محمود طه .. استطاع بالفعل ان يستغل عاطفة، المتلقي العربي في توظيف الفن لصالح القضايا .. لقد استطاع فنان الامس ترجمة تلك المواقف الى دعم واضح للقضايا .. دعوني اقول لكم ان المطلوب اليوم في هذا الدعم اكبر من اغنية او عمل فني لقد اعجبني موقف المملكة ودعم خادم الحرمين الشريفين للبنان بمبلغ مليار ونصف المليار دولار منها ما هو هبة ومنها ما هو وديعة في مصرف لبنان المركزي لدعم الاعمار اضافة الى تبرعات اخرى مختلفة وهذا لا يلغي بطبيعة الحال دور الفنان في دعم القضايا سواء كانت القدرة المادية او مقدار نجوميته.



المطلوب من الفنان

عكاظ: ما هو المطوب من الفنان اثناء الحروب هل يواصل ارتباطاته المسبقة ويقيم حفلاته سواء كان متبرعاً بدخلها ام لا؟او انه يلغيها ويتوقف عن القيام بحفلاته؟

صبيحي: ارى ان اقوم بعمل ما انا مرتبط به من نشاط فني واجير مدخوله لصالح ضحايا الحرب واعادة الاعمار.

شفيق: لكل فنان جمهوره والفنان اذا تعاطف مع اي مشكلة ويدعو للتبرع لها تجدنا نكسب الكثير حيث ان معجبيه وجمهوره ربما ساروا على طريقه وازداد الدعم لهذه القضية وتلك وعندما ينادي الفنان بمثل هذه (دعوة) تجد ان 40% على الاقل من جمهوره يتبع خطواته وتجد ان الدعم اصبح معقولاً ..وانني اعرف ان هنا الكثير من الفنانين اوقفوا حفلاتهم اثناء الحرب الاخيرة سواء كان ذلك لدعم لبنان واعادة الاعمار او غير ذلك لقد كانت انفس الناس والفنانين على وجه التحديد اكثر من سيئة.لقد كانت ام كلثوم بشخصيتها عظيمة ونجوميتها واسمها الكبير وبموقعها في قلوب الناس وتسعت الناس لدعم الجهو الحربي المصري وكانت فكرة جميلة في اواخر عمرها .. وذلك حين قامت بالجولات الفنية الكبيرة التي زارت خلالها معظم نواحي العالم العربي واقامت فيها الكثير من الحفلات لدعم المجهود الحربي المصري والعربي كان من هذه الدول السودان والكويت وتونس والمغرب وغيرها وكذلك بعض العواصم العالمية .. لذا ارى ان على الفنان دوره الفاعل اياكان شكل هذا الدعم في الحروب والكوارث.



المشاركون في الندوة



- الموسيقار محمد شفيق

- حسن مصطفى (ممثل مصري)

- عبدالستار صبيحي (فنان اذاعي)

- عادل الصالح (ملحن ومنتج)

- حمد الاسمري (شاعر غنائي)

- جواد العلي (مغني)