-A +A
صيغة الشمري
اذا افترضنا جدلا أن القوى العظمى في العالم هما أمريكا، وروسيا والصين، وأوهمونا أنهما قطبان متناحران لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يجتمعا، فإن ما يحدث على أرض الشرق الأوسط يؤكد أن أمريكا تخدع روسيا والصين بشكل لا يمكن تخيله، وخصوصا في الموقف السوري، أحداث الشرق الأوسط منذ أكثر من خمسين عاما تؤكد بشكل قاطع أن الأمريكان محرك أساسي للأحداث وفق مصالحهم الاستراتيجية، ومن يقرأ حدثا ويفسره ضمن زمنه فهو لا يعرف السياسة الأمريكية، قراءة بسيطة لأحداث الشرق الأوسط تكشف لك مدى بعد وطول زمن التخطيط الاستراتيجي الأمريكي، كل ما يحدث الآن يستطيع معرفته وتحليله شخص متوسط المعرفة بالسياسة، حيث لم يعد هناك مجال للشك أن إيران إحدى أذرعة التخطيط الأمريكي في المنطقة ومصدر ثقة لها منذ زمن الحرب العراقية الإيرانية وفضيحة «إيران قيت»، السكوت عن النووي الإيراني وإقناع إسرائيل بالسكوت عنه، وهي التي لا تسمح تحت أي ظرف بامتلاك أي دولة شرق أوسطية للنوي، يؤكد أن المخطط الأمريكي مبني على أن تكون إيران رأس حربه وقائدته، ساعد في هذا التحالف الخفي المتين مهارة السياسة الإيرانية تجاه قدرتها في اللعب على كافة المصالح وتغلغلها داخل الكثير من الدول العربية والخليجية عبر استغلال البعد المذهبي، بالمقابل هشاشة السياسة العربية وافتقادها إدراك الأبعاد الاستراتيجية للتخطيط الأمريكي وخوفها من تحولها إلى دول ديمقراطية جعلها أحجار قطع الدومينو في مخططات أمريكا الشرق أوسطية، دعم إيران للقاعدة وكلام ياسر الحبيب ــ وهو أحد كبار شيعة الكويت الذي أعلن اكتشافهم لدعم إيران للشيعة وللقاعدة في نفس الوقت ــ يؤكد أنها ذات الخطة الأمريكية المزدوجة، وقوف روسيا والصين ضد القرار الأمريكي في نووي إيران وفي سوريا هو قرار من صنع أمريكا نفسها ومعرفتها بطريقة تفكير الروس، ليس شيعة العرب وحدهم سيكتشفون استخدام إيران لهم لخدمة مصالحها الاستراتيجية، وليس الخليجيون وحدهم سيكتشفون خديعة أمريكا بصداقتها الزائفة لهم، بل حتى روسيا ستكتشف أنها بين فكي كماشة أقوى وأشرس من الكماشة التي أوقعتها بها في أفغانستان!.