-A +A
عبدالله ابو السمح
كنا في منزل صديق في دعوة عشاء جلوسا نتبادل أطراف الحديث الذي جرى عن شؤون عامة محلية وخارجية، بادرني أحدهم بما يشبه اللوم على مقال قبل أسابيع أطالب فيه بتجديد المبادرة السعودية للسلام، بعد تخليصها من الأسافين والألغام والمعوقات والتحريفات التي أضافها الرئيس اللبناني السابق أميل لحود بإيعاز من بشار الأسد في مؤتمر القمة العربي الذي عقد حينها في بيروت، والتي اعتمدت بكل ما أصابها كمبادرة سلام عربية، وطبعا رفضت تلك المبادرة، فلم يكن معقولا قبولها بكل الأسافين المعيقة التي بثت بها، لم يترك في تلك المبادرة أي فرصة للمفاوضات مع إسرائيل، بسبب عدة عقبات كان يمكن تجاوزها بحلول الأمر الواقع، حيث اللاجئون يوطنون في دول تقبلهم ويضيفون لها، قال المعترض: كأنك تؤيد السلام مع المغتصبين و.. و.. وأصابه تشج، كعادة كثيرين لا يفكرون في حل إلا بالحرب والممانعة إلى آخر «الجعجة» المكررة من نصف قرن، قلت: نعم أنا من المؤيدين للسلام، فقد ثبت أن الحرب مستحيلة علينا، وقد جربناها عدة مرات من أيام فوزي القاوقجي وما بعدها وحروب عبدالناصر والهزيمة النكراء عام 1967م، حتى حرب رمضان أيام السادات التي هي أشبه بالمسرحية أعدها كيسنجر الوزيـر الأمريكي تمهيدا لمعاهدة كامب ديفيد التي أرادها الرئيس السادات أن تكون آخر الحروب مع دولة إسرائيل، وقد نجح في ذلك لسبب واضح بسيط لا يلتفت إليه المغالون والمتشدقون هو أننا لا نملك وسائل الحرب من سلاح وغذاء واقتصاد. قلت: إن من لا يصنع سلاحه ولا يرتكز على اقتصاد قوي لا يمكنه أي انتصار في الحرب، وجاء العشاء الفاخر فاصلا.
إن ما يجري من تدهور في ثورة سوريا هو بسبب أن العرب لا يملكون حقيقة سلاحا يصنعونه ويؤازرون به الثوار، وما زالوا يرجون الحصول على موافقة من الغرب لإمداد الثوار بالسلاح الذي هو بمالهم المشترى بشروط مانعة.

كم أتمنى مِن كل من يرفع عقيرته مجلجلا بالمقاومة والتحريـر والممانعة أن يعرف أنها كذبة كبرى للتدليس وكسب الكراسي والوجاهات، فمن لا يملك صناعة سلاحه المتقدم والاقتصاد القوي، فعليه أن يلجأ إلى حلول سلمية وإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم التي استنفدت قوانا وتطورنا وحبستنا في مصيدة القضية.