-A +A
فهيم الحامد
لم يكن روحاني الرئيس الإيراني الجديد يعلم أنه عندما اختار المفتاح رمزا لحملته الانتخابية أنه سينجح في حسم نتائج الانتخابات في جولتها الأولى وفتح عقول الجيل الإيراني الجديد، والتي تعد مؤشرا قويا على رغبة الشعب القوية فى التغيير، والانتقال من حقبة التشدد التي عاشوها في المرحلة الماضية لمرحلة الاعتدال القادمة.
وما من شك أن روحاني صاحب تجربة طويلة، حيث جال في أروقة الجمهورية وكواليسها ابتداء من البرلمان ومجالس صناعة القرار والجيش والإعلام والأمن القومي وانتهاء بحمله وزر ملف إيران النووي الجدلي.

وتمكن روحاني بحنكته من نسج علاقة قوية مع رفسنجاني وحاز على ثقة خاتمي الذي اختاره لقيادة التفاوض مع الغرب في الملف النووي. ولكن علينا الانتظار لفترة لمعرفة قصة مفاتيح روحاني وكيفية تعامله مع الملفات الساخنة الإقليمية، لأن التركة التي ورثها روحاني من نجاد ثقيلة، وتتركز ما بين الأزمات الداخلية الخانقة، والصراعات الخارجية التي احتدمت بسبب سياسة طهران الطائفية، والتي قد لا توفر له فرصا هادئة لاستخدام مفاتيحه التي سحر بها مؤيديه في الانتخابات، لأن أمامه خطوط تماس داخلية شائكة وصراعا من نوع آخر بين الإصلاحيين والمتشددين.
ورغم موجة التفاؤل التي تشهدها المنطقة بفوز الإصلاحي روحاني، إلا أنه لا يمكن الحزم قطعيا بإمكانية حدوث تغيير جذري في سياسة إيران المقبلة حيال الأزمة السورية.
ومن المؤكد أن العرب يحاولون من جانبهم قراءة مفاتيح روحاني قراءة ماعنة، والغوض في أدواته الجديدة حيال الأزمة السورية التي تغلغلت إيران في مفاصلها وأصبحت المحرك الرئيسي والحاكم بالوكالة نيابة عن بشار.
ومن المؤكد أن مراكز صناعة القرار الإيرانية وهي الحاكمة الفعلية، ستصوغ سياسة إيران «الجديدة - القديمة» لأن القرار السياسي الخارجي لم يكن في الماضي ولن يكون في المستقبل في يد الرئيس، وكان تاريخيا في يد المرشد الأعلى. ولهذا فإنه من المتوقع أن يعطي روحاني الألولوية في المرحلة الأولى للتعامل مع الأزمات الداخلية الخانقة التي تشهدها إيران وخاصة تعامله مع ما كان في الماضي يسمى بالمعارضة التي تم محوها بالقوة من قبل النظام السابق، وأصبحت الآن بعد عودة الإصلاحين للحكم «الموالاة» والتي يقبع منظراها موسوي وكروبي رهن الإقامة الجبرية منذ عدة سنوات.
علينا أن نكون متفائلين ولكن بحذر، لأن صلاحيات روحانى ستكون محدودة وسلطاته ضعيفة، فضلا عن ضرورة طاعته لتوجيهات المرشد الأعلى خاصة أنه سيصطدم ما بين وعوده بتحسين علاقات إيران بالغرب ودول الجوار، والتعامل مع المجتمع الدولى بخصوص الملف النووى وبين فرض المرشد لإملاءاته عليه وبالتالي مواجهة اعتدال روحاني ومفاتيحه السحرية بتصلب ملالي قم.