-A +A
احمد عائل فقيهي
في ندوة أخيرة أقيمت في المجلس الأعلى للثقافة في مصر وتحدث فيها باحثون ومتخصصون حول «مستقبل الإبداع الفني» لفت نظري تعبير أحد المشاركين في الندوة وهو الدكتور المفكر المصري مراد وهبة الذي قال بأن «الحضارة نشأت من الإبداع.. وأن أي تدهور لهذه الحضارة سببه تدهور الإبداع»، وقال أيضا «إن الإبداع مرتبط عضويا بإنسانية الإنسان وإذا توقف الإنسان عن الإبداع يكون قد توقف عن إنسانيته».
أحد الباحثين والمشاركين في هذه الندوة وهو الدكتور شاكر عبدالحميد قال: «هناك 90 تعريفا للإبداع».

هذه الندوة التي أقيمت حول الإبداع أثارت في ذهني قضية الإبداع وماذا نعني بالإبداع ومن هو المبدع، ذلك أن الحديث عن الإبداع وصل إلى حد أن كل من كتب نصا سواء أكان هذا النص شعريا أو قصصيا أو روائيا يوصف بالمبدع، وأصبح هذا التوصيف اعتياديا ومبتذلا، فلم تعد هناك مواصفات ومعايير للمبدع، فكل يوم نحن أمام هذا المبدع وذاك المبدع وتحول المجتمع كله إلى مبدعين ومبتكرين ومجددين في حين أن لفظة إبداع تحمل دلالات ومعاني بحيث لا يمكن أن نطلق على أي أحد كائنا من كان بأنه مبدع إلا إذا كان مبدعا حقيقيا وقدم إضافة وإضاءة جديدة لحقل الكتابة والفن وأن يكون مبتكرا ومجددا.
ويقدم ما لم يكن مؤلوفا ومتداولا في حقل اللغة وأن يلعب الخيال دورا كبيرا ومفصليا في الكتابة والفن وعبر عقل خلاق وعبقري ووجدان محلق بأجنحة الخيال، إنه الإبداع الإنساني الذي هو قادر على إحداث نقلة وقفزة في تاريخ «الإبداع».
من أين يأتي الوعي؟ من أين يأتي الإبداع؟ ومن أين تأتي العبقرية إذا لم تكن هناك موهبة حقيقية وتراكم معرفي وما لم يكن هناك إيمان مطلق بأهمية صقل الموهبة ورعايتها وصونها وصيانتها، ذلك أن مبدعين حقيقيين يتيهون ويضيعون هناك في زحمة الحياة ووسط الجموع والناس دون أن يجد من يرعى مواهبهم ويصون هذه المواهب.
نقرأ لعشرات الشعراء وكتاب القصة القصيرة والرواية ونسمع لكل الفنانين ويقال لكل هؤلاء مبدعون ونتساءل من هو المبدع وعلى من تنطبق كلمة مبدع بدلا من هذا الابتذال في إطلاق المسميات والألقاب دون أن ندرك خطورة إطلاق هذه المسميات وهذه الألقاب.
إن الإبداع كما قال المفكر المصري مراد وهبة «مرتبط بالحضارة إذا غاب الإبداع، غابت الحضارة ».
إذن الإبداع حضارة وليس مجرد كلمة مبتذلة وعابرة.
a_faqehi@hotmail.com