-A +A
خالد السليمان
من الاعتقادات الخاطئة التي نشأنا عليها في مجتمعنا أن أواصر العلاقات العائلية في الأسرة الغربية مفككة، لكن الحقيقة أنني رأيت على مدى سنوات طويلة من السفر والتعايش والتعارف في المجتمعات الغربية أن العلاقات الاجتماعية لدى العديد من الأسر الغربية لا تقل حميمية ودفئا وترابطا عنها في المجتمعات العربية والإسلامية، وإن اتخذت أنماطا مختلفة في وسائل التعبير والتواصل!
ودائما ضرب لنا مثال بدفع الأسر أبناءها للاستقلالية عند تجاوز سن الثامنة عشرة على أنه قطيعة، لكنه في واقع الأمر هو دفع للأبناء للاعتماد على الذات وتحفيز لهم على مواجهة مسؤوليات الحياة، كما أنه وهذا الأهم الذي نفتقده في مجتمعنا أحيانا إشعار عادل بأن مسؤولية الوالدين المادية تقف عند هذا الحد، بينما تستمر العلاقة الاجتماعية بمستويات مختلفة، في حين نجد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن بعض الأبناء يستمرون في الاعتماد ماديا على الوالدين مهما تقدم بهم العمر، بينما يرزح الآباء تحت عبء هذا الاعتماد حتى نهاية العمر، وهذا ــ برأيي ــ اختلال لا عدالة فيه بحق الوالدين!

وإذا كان البعض يتخذ من حالات القطيعة في المجتمعات الغربية نماذج لتصوير الحالة الأسرية المتفسخة والمفككة في الغرب، فإن في مجتمعنا نماذج للعقوق والقطيعة لا تقل قسوة وقبحا عنها، بل إنها أشد قسوة وقبحا؛ لأنها تأتي من خلفية دينية واجتماعية رسخت مبادئ احترام الوالدين والبر بهما، وجعلته من طاعة الله والتقرب إليه!