-A +A
واس (مكة المكرمة)
منذ سعي (هاجر) عليها السلام بين الصفا والمروة، وخطوات الحجاج والمعتمرين تتوالى في إيقاع إيماني يتواصل يوما بعد يوم، راسما معنى إيمانيا بالغ الطهارة، لا يكتمل الحج والعمرة إلا بالسعي بين الصفا والمروة، هو المكان الذي سعت فيه (هاجر) زوجة نبي الله إبراهيم عليه السلام بين جبلي الصفا والمروة بمكة المكرمة، بحثا عن الماء لرضيعها إسماعيل، ويقع في الجزء الشرقي من المسجد الحرام، ويبلغ طوله 375 مترا.
ومنذ فجر الإسلام والمسلمون يتبعون هدى النبي صلى الله عليه وسلم في السعي بينهما، ومنذ ذلك الحين شرف المسلمون بخدمة ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء مناسكهم بيسر وسهولة.

في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عام 1344هـ تمت أول عملية ترصيف للمسعى بحجر الصوان حماية للحجاج والمعتمرين من الغبار والأتربة، كما تمت إعادة طلاء وترميم الأبواب المحيطة بالمسعى، إضافة لتجديد سقف المسعى حماية لزوار بيت الله من الشمس وحرارتها.
وفي عهد الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- شرع في بناء الطابقين الأول والثاني من المسعى، تنفيذا لرؤية الملك المؤسس رحمه الله.
أما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- فقد تمت توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، إضافة إلى هدم وإزالة بعض المباني حول منطقة المروة وأصبحت المساحة 375 مترا مربعا بزيادة تقارب 130 مترا عن المساحة السابقة.
وعلاوة على ذلك، أضيفت أبواب جديدة في الطابقين الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.
وقد أسهمت التسهيلات التي تزداد يوما بعد يوم ووسائل النقل الحديثة بشكل واضح بتضاعف أعداد الحجاج والمعتمرين عاما بعد عام.
وحتى يكمل الملايين من ضيوف الرحمن أحد أركان الحج والعمرة سيحتاجون إلى السعي بين الصفا والمروة لإتمام حجهم أو عمرتهم في مسافة 375 مترا بين الجبلين ما يعني أن ملايين الزوار سيسعون بين الصفا والمروة في ظروف مناخية مختلفة، وفي مساحة محددة.
وانطلاقا من رغبة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بتطوير المسعى بوقت قياسي لم يتجاوز السنتين، ليسهل على ضيوف بيت الله أداء نسكهم في أجواء روحانية، وفي طراز معماري فريد يراعي عظمة المكان وحرمة المشاعر وسلامة الحجاج والمعتمرين وحاجات الزوار المختلفة حتى يؤدوا نسكهم في راحة وطمأنينة، وليعودوا بذكرى إيمانية لا تفارق أذهانهم.
وبطراز معماري فريد نفذت أعمال البناء في توسعة المسعى في وقت قياسي باستخدام أحدث تقنيات وأنظمة البناء الحديث. وتعد توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمسعى المسجد الحرام أكبر توسعة يشهدها المسعى في تاريخه في مشروع متميز يهدف لتسهيل مناسك الحجاج والمعتمرين مراعيا الاعتبارات الشرعية والجغرافية.
وجاءت التوسعة الجديدة لتضاف إلى إنجازات سابقة فقد زاد عرض المسعى الكلي إلى الضعف، فبعد أن كان عرض المسعى 20 مترا تمت توسعته ليصل إلى 40 مترا، مستغلا المساحات الملاصقة للحرم وبلغ عدد الطوابق 4 طوابق بمساحة إجمالية تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، أي بزيادة تجاوزت 43 ألف متر مربع قبل التوسعة، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكافة الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالى 125 ألف متر مربع، وهو ما يعني بالتأكيد تخفيف الازدحام بشكل ملحوظ، وبالتالي ضمان سلامة الحجاج والمعتمرين.
وجاءت التوسعة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مهتمة بأدق التفاصيل حيث يوفر هذا الإنجاز الكبير لزوار بيت الله الحرام 3 أدوار و4 مناسيب للسعي تتصل مباشرة بأدوار التوسعة السعودية الأولى للحرم، فيما يرتفع دور سطح المسعى الجديد عن أدوار الحرم الحالي ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم متحركة ومصاعد، إضافة إلى 3 جسور علوية، وممر للجنائز من قبو المسعى إلى الساحة الشرقية عبر منحدر ذي ميول مناسبة لتوفير الراحة.
ولأن خدمة ضيوف الرحمن لا حدود لها، فقد اشتمل المشروع على توسعة منطقتي الصفا والمروة بشكل يتناسب مع التوسعة العرضية والرأسية وتركيب 4 سلالم كهربائية جديدة من جهة المروة، لنقل الزوار خارج المسعى، حتى يتمكن الحجاج والمعتمرين من الخروج بيسر بعد الفراغ من نسكهم وتؤمن التوسعة الجديدة ممرات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى توفير مناطق للتجمع عند منطقتي الصفا والمروة.
كما بدئ البناء لمئذنة جديدة بارتفاع 95 مترا ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى.