-A +A
محمد سميح (مكة المكرمة)
نسب اسم حي الشهداء بمكة المكرمة إلى معركة «فخ» التاريخية في يوم التروية في عام 169هـ ويعد من أهم المواقع التاريخية بمكة المكرمة، وقد ارتبط في تسميته بمعركة فخ الشهيرة، وتبدأ حدود الحي من شارع الحج الموازي للورش الصناعية إلى ميدان الشهداء، يحده من الشمال وادي التنعيم ومن الجنوب حي الزاهر ومن الشرق شارع الحج ومن الغرب جبل الشهيد ويتقارب حيا الزاهر والشهداء تقاربا شديدا في شماله حتى أن بعض المؤرخين خلط بينه وبين حي الزاهر.
وبين الباحث والمؤرخ في تاريخ الحجاز بدر اللحياني أن وادي الشهداء سمي بهذا الاسم نسبة إلى معركة تاريخية حاسمة جرت في وقت مبكر من التاريخ الإسلامي وتحديدا في يوم التروية سنة 169هـ.

وقال اللحياني: إن الحي يقع اليوم بين جبال مرتفعة أهمها جبل البرود والثنية البيضاء وهي أول ما يواجه الداخل إلى مكة من طريق العمرة، وغالب الحي شعاب صدعية داخل تلك المرتفعات الصخرية وتغلب عليه العشوائية، ويعد هذا المكان من أهم الأماكن التاريخية لكونه ذكر على نحو واسع في المراجع والمصادر التاريخية والأدبية، كما ظل حاضرا بقوة في المعاجم وسبب ذلك كما أشرت سلفا إلى المعركة التاريخية المعروفة بفخ التي أثرت هذا المكان ثراء لا حدود له لدرجة أن أحمد بن سهل الرازي المتوفى في الربع الأول من القرن الرابع الهجري أفرد له كتابا سماه «أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله» جعله خصيصا لنتائج هذه المعركة وامتداداتها التاريخية نحو المغرب.
وأوضح المؤرخ اللحياني أن هذه المعركة وقعت في يوم التروية سنة 169هـ.
وأشار اللحياني إلى أنه لا توجد أي دراسات حديثة موثقة عن هذا الوادي، إذ لم يقدم أي باحث دراسة علمية تاريخية موثقة لهذا الوادي وأبرز ما كتب عنه هي المقدمة التمهيدية للنسخة المحققة لكتاب أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله لأحمد بن سهل الرازي ولكن جهد المحقق انصب بشكل رئيس على التأريخ السياسي ولم يلتفت كثيرا للمكان لأن الكتاب أصلا يؤرخ لحقبة سياسية وما جاء فهو ملامسة للجانب التاريخي بشكل غير مباشر.
وبين اللحياني أن موقع المعركة لا خلاف عليه وهو المكان المعروف اليوم بالشهداء وبالتحديد شمال جبل الشهيد ببضعة أمتار ويقع اليوم غربي ميدان الشهداء بنحو 100م وتقع هناك ساحة كانت مسرحا لهذه المعركة، حيث إن الموقع اليوم أغلبه أصبح منازل عامرة ولكن المتأمل يهتدي لموقع المعركة عند رؤيته لسفح جبل الشهيد، وهناك تقع مقابر هؤلاء وعليها سور. وقد ظل يحيط بها سور صخري بسمك 1م وبارتفاع 2م تقريبا إلى عام 1420هـ ويعود بناؤه على الأرجح لعام 805 هـ وهي السنة التي جدد فيها الحسن بن عجلان هذا البناء وما حوله، وقد ذكر ذلك تقي الدين الفاسي في العقد الثمين، وقد سبق الحسن بن عجلان كل من قتادة بن إدريس سنة 605هـ وعلي بن قتادة سنة 640هـ.