-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
كنت أتتبع السجال الدائر بين الكتاب في صحافتنا المحلية قبل نصف قرن حول أهمية التوقيت الزوالي واستبدال ما اعتدنا عليه من توقيت ننفرد به بين دول العالم، وهو التوقيت الغروبي.. وكان من المتحمسين لهذه الدعوة معالي الدكتور حمود البدر عندما كان مديرا لتحرير جريدة (اليمامة)، عندما كانت هي الجريدة الوحيدة التي تصدر بالعاصمة الرياض بداية عام 1384هـ، وكان يعدد فوارق التوقيت بين مناطق المملكة.
وكذا ما يصيب المستمع للإذاعة من ذهول، خصوصا إذا كان خارج المملكة كيف يعرف المتتبع لها هذا التوقيت الغريب عليه. ولعلنا نستشهد بجزء من أحد المقالات، وهو: وقال حمود البدر في مقالة: (فكرة الأسبوع.. التوقيت الزوالي) بجريدة اليمامة العدد 9، 11/1/1384هـ.
«.. إن التوقيت عندنا يعتمد على غروب الشمس.. وهو موعد يختلف من مكان إلى آخر بمعدل أربع دقائق لكل خط من خطوط الطول، كما أن الغروب يخضع للعوامل الجوية في أكثر الأحوال.. أما التوقيت الزوالي فهو قائم على فكرة وقوف الشمس في كبد السماء، بحيث لا يكون الظل مائلا لا إلى جهة الغرب ولا إلى جهة الشرق، ولا يتأثر الزوالي بفكرة طول النهار أو قصره، وإنما يتأثر بذلك الغروب والشروق، وهذا لا يؤثر على التوقيت بشيء ما دمنا نأخذ بفكرة التوقيت الزوالي.
فالتوقيت الزوالي له فضائل كثيرة، من أهمها:
1 ــ أنه ليس هناك نص ديني يحرمه أو يمنعه.
2 ــ أنه يمكن أن يسير فيه العمل الحكومي منتظما لا يتأثر بازدياد النهار أو نقصه كتأثر التوقيت القائم على الغروب.
3 ــ يمكن أن تقوم عليها برامج الإذاعة وهي مطمئنة إلى أن كل مستمع في شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها لديه الفرصة ليستمع إلى البرنامج الذي يريد في وقته المحدد.
4 ــ لن تتأثر أوقات الصلوات باتباع التوقيت الزوالي، بل فرصة ضبط مواعيد الصلاة في هذه الحالة أكبر من حالة التوقيت الغروبي..».
واليوم، ونحن متمسكون بالتاريخ الهجري في معاملاتنا الرسمية فقط ومخاطباتنا في الداخل والخارج.. وعند توثيقنا لما نكتبه أو نستشهد به.. والبعض أو الغالبية منهم يكتفي بوضع التاريخ الهجري ويهمل التاريخ الميلادي رغم أن جميع دول العالم، بما فيها الدول العربية والخليجية، تعتمد على التاريخ الميلادي فقط.
صحيح أن هناك دولا اختطت لنفسها منهجا أو تاريخا خاصا لم يعمر طويلا، وانتهى بنهاية صاحبه؛ مثل التواريخ التي اعتمدها معمر القذافي في ليبيا. وتمسك بعض الدول بتاريخ ذكرى أو مناسبة أو عهد تفتخر به مثل التاريخ القبطي بمصر، ولكنه يوضع إلى جوار التواريخ الأخرى كالميلادي والهجري، وخصوصا في ترويسات الصحف والمجلات وغيرها.
ولكن مراسلاتنا الرسمية والخاصة تقتصر على التواريخ الهجرية، وعندما ترسل للجهات الرسمية خارج الوطن التي لا تتعامل معه تصاب بالارتباك والذهول، وتبحث عن وسيلة كيفية مقابلة هذا التاريخ بما هو متبع لديهم ــ الميلادي ــ ولهذا أقترح أن تلزم المؤسسات والدوائر الحكومية بالاهتمام بهذا الجانب، وأن تكون مراسلاتهم تؤرخ بالتاريخين الهجري والميلادي، فالمتبع الآن في المراسلات الرسمية أن تكون خطاباتهم مقتصرة على: الرقم....... التاريخ...... المرفقات...... ويقابلها اسم الدولة واسم الوزارة أو المؤسسة. ولهذا لو تلزم المؤسسات الرسمية والخاصة، بما هو متبع في الصحف والمجلات المحلية، بإضافة ما يقابل التاريخ الهجري بالتاريخ الميلادي حفاظا على تاريخنا وتوثيقا لمساره الصحيح وحتى لا نشذ عن الركب.

Abo-yarob.kashami@hotmail.com