-A +A
محمد أبو داود
إن صليت العيد، وهذا الطلب للرجال والنساء، فهنئ أو هنئي الأخوة الوافدين أو الأخوات الوافدات كما تهنئون المواطنين ممن لا تعرفون. ربما هذا أهم إيماءة أو حركة أو تصرف حضاري في يوم تتمثل فيه أرقى المثل من رسول بعث للإنسانية جمعاء، ولها أثر جم على هذا الإنسان المسلم. إن من أسوأ ما نقوم به التهنئة للمواطن أو المواطنة بعد الصلاة وتجنب الوافد، وكأن العيد مقصور علينا وهم ضيوفنا. وكم أكره تجاهلنا لهم في يوم فضيل مثل يوم العيد. أرجوكم من القلب أن تتعمدوا تهنئة الجميع بقدر المستطاع، وأن نذهب إليهم، فهم ينظرون إلينا وكأننا من سكان المريخ ويعتقدون أننا متكبرون وبنا أنفة، وهم لا يعرفون حقيقة تواضعنا وحبنا للخير لكل المسلمين.
أعتقد أن جمال عيد الفطر لا يتعداه عيد أو مناسبة أخرى إلا عيد الأضحى خلال السنة، وخصوصا أن أعيادنا محدودة واحتفالاتنا تقلصت إلى مناسبات خاصة، أما العامة فلم تعد كما كانت، فأذكر أننا كنا نشاهد الكثير من المناسبات والاحتفالات الوطنية التي كانت تدخل السرور على الناس، وتشمل الرقصات الشعبية والمزمار الراقي، وليس ما نشاهده الآن في اليوتوب، والسرادقات الاحتفالية الجميلة، حتى المدارس واحتفالياتها والتي كان يحضرها كبار المسؤولين في البلاد مثل مدارس الثغر ومعهد العاصمة. بصفة عامة يختلف الاحتفال بالعيد من دولة لأخرى ومن منطقة لأخرى حسب العادات. ولكن أكبر توجيه هو الاحتفال من كل الناس وكل فئات المجتمع وخروج الجميع إلى مصليات العيد، وخصوصا النساء والأطفال وحتى الخدم. التحدي هو صعوبة ذلك وعدم فهم البعض للأهداف الأسمى من الخروج. الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ يريد للمجتمع أن يعي أهمية ــ أولا ــ الاحتفال بمناسبة عظيمة تتجلى فيها عظمة هذا الدين، وثانيا الاحتفال من جميع أفراد المجتمع، وثالثا مشاهدة من أدى الركن الرابع من أركان الإسلام وصام معك ودعا الله وتعبد له حتى صغار السن. وهذا الاحتفال أتى بعد عبادة جميلة وجليلة تحث على الرحمة وصفاء النفس وكأنها صيانة للقلب والروح وحتى الجسد.

هذا العيد الذي يفرح به كل مؤمن بالله ورسوله شرع الله ــ عز وجل ــ فيه آدابا وسننا حتى يقتدى بها. وأولها الغسل والتجمل والتزين في هذا اليوم مسنون. والتطيب بأحسن الطيب.
وكما روي في البخاري أن الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ كان يأكل قبل أن يخرج إلى المصلى في عيد الفطر تمرات، كما قال أنس ــ رضي الله عنه: كان النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا.(ثلاث أو خمس وما إلى ذلك)، والخروج إلى المصلى ماشيا، فإن عاد ندب له أن يسير من طريق آخر غير التي أتى منها، فعن جابر ــ رضي الله عنه ــ قال: «كان رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا كان يوم العيد خالف الطريق». ويخرج إلى العيد مكبرا مهللا، ممتثلا قول ربه ــ تبارك وتعالى: «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» (البقرة).
ويبدأ تكبير عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد إلى خروج الإمام، وقد ورد عن أصحاب النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ ألفاظ في التكبير بأنه كان يكبر «الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد»، ويسن الجهر به للرجال في الطرقات والمساجد والبيوت. وأما النساء فيخفضن أصواتهن به.
وكان ــ صلى الله عليه وسلم ــ يأمر بإخراج الزكاة قبل الغدو للصلاة يوم الفطر.
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يأمر بناته ونساءه أن يخرجن في العيدين.
من السنة أن يصلي ركعتين بعد صلاة العيد في بيته، كما ثبت في سنن ابن ماجة من حديث أبي سعيد ــ رضي الله عنه ــ أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ كان لا يصلي قبل العيد شيئا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين.
استمتع بعيدك مع كل من تحب.. وكل عام وأنتم بخير وعيدكم سعيد وعساكم من عواده.