-A +A
منصور الطبيقي
في البداية، يطيب لي أن أتقدم لمقام والدنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والشعب السعودي الكريم والمسلمين جميعا بأطيب التهاني بحلول عيد الفطر المبارك ــ أعاده الله علينا أعواما مديدة وبلادنا تنعم بالأمن والخير والازدهار.
ثانيا، جاهدت نفسي أن يخرج مقالي لطيفا خفيفا، خصوصا في هذه الأيام المباركة، ولكنني لم أستطع، ولا سيما أن عيني أبصرت ما نشر في «عكاظ» قبل أيام قليلة بعنوان «مدير جامعة طيبة: من سرب خطاب الديوان خان الأمانة».

خطاب الديوان المذكور مرسل لوزير التعليم العالي بالإضافة إلى مدير جامعة طيبة، ويعرض فيه جملة من المخالفات التي رصدها الديوان في مجال القوى البشرية، ومنها صرف بدلات مخالفة للأنظمة تقدر بعشرة ملايين لأعضاء هيئة التدريس غير السعوديين، ومنهم من تجاوز السن النظامي وهو على رأس العمل، ومتعاقدون تم تجديد عقودهم لأكثر من عشر سنوات وآخرون يشغلون وظائف يمكن أن يشغلها أبناء الوطن.
كنت لا أحبذ أن يرد معالي مدير جامعة طيبة على تسريب هذه الوثيقة بتغريده في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» يذكر فيها أن من سرب هذا الخطاب للإعلام خان الأمانة، وهو الذي أحسبه والله حسيبه وأعرفه شخصيا ويعرفه الآخرون يعمل بصمت، حسن الخلق وجاد في عمله.
وفي اعتقادي أن من سرب هذا الخطاب ليس خائنا للأمانة مع عدم اتفاقي معه، وهو كما قرأته ومنشور في الإنترنت لا يحمل صفة السرية ولا يحمل جديدا عن واقع جامعاتنا المؤلم، وأعتقد أن من سربه يائس وخائف أن يذهب هذا التقرير مثل غيره بدون أثر إيجابي على واقع جامعاتنا.
ولم أستفز ــ بصراحة ــ مما حمله ثنايا التقرير ،ومنها أن هناك 664 وظيفة شاغرة في الجامعة، ونصف وظائف هيئة التدريس في جامعة طيبة هي لغير السعوديين!!
بالله كيف يكون ذلك وآلاف الخريجين السعوديين الذين ابتعثوا في أرقى الجامعات العالمية لا يجدون وظائف في جامعات وطنهم، بل يمارس ضدهم أقسى أنواع «التطفيش» والحجج الواهية التي لا يستوعبها العقل الإنساني.
لم يستفزني كل ذلك ليقيني أن هذه المخالفات المالية والإدارية موجودة في كل جامعات المملكة ولكن بنسب متفاوتة، ولو سربت تقارير أخرى عن جولات ديوان المراقبة العامة لجامعات مثل الملك عبد العزيز أو أم القرى ــ على سبيل المثال ــ لرأينا العجب!
لا شك أن ديوان المراقبة العامة له محاولات جيدة في الآونة الأخيرة لحفظ مقدرات وأموال الدولة، ويتضح ذلك أيضا في تقريره المقدم لمجلس الشورى بطلب تمكينه من فحص الحساب الختامي للدولة وأرصدته الإجمالية ليتمكن من تقديم رؤيته وتقييمه وتحليله لبيانات وأرقام الحساب الختامي للدولة بكل حيادية وموضوعية وشفافية.
وفي الختام، أتمنى أن تنشر مثل هذه التقارير المشرفة والمضيئة لديوان المراقبة العامة في الصحف الرسمية، وأن يتعامل معها المسؤول بمصداقية وأمانة وبطريقة عملية مثمرة وبلغة الأرقام، ولنترك لغة النفي والتخوين فقد عفا عليها الزمن.