-A +A
احمد عائل فقيهي
الحياة معركة كبرى.. وهذه المعركة لا تتحقق أهميتها ومشروعيتها إلا بوجود ما يؤكد وجودك كإنسان.. وككائن، ذلك أن الإنسان في حياته اليومية والمعيشية هو في لهاث دائم.. وفي بحث مستمر عن ما يعزز حضوره في مشوار الحياة الدراسي والعلمي والمعرفي والعملي.
وفي معركة الحياة أنت أمام محبين وكارهين وأحباء وأعداء.. خصوم شرفاء وخصوم عكس ذلك تماما.. هناك الصغار والهامشيون والذين يعملون في الخفاء والذين يحيكون المؤامرات والدسائس، وهناك الخصوم الكبار والنبلاء الذين وإن اختلفت معهم واختلفوا معك يرتفعون عن الصغائر والخوض في التوافه ويكبرون على الخصومة العابرة بمواقفهم قولا وعملا.
والذين يختلفون معك على المستوى الشخصي وأولئك الذين يختلفون معك في تلك القضايا والمسائل الكبرى والمتعلقة بالفكر والثقافة والسياسة دون إلغاء وإقصاء ومصادرة، والاختلاف لا بد أن يستند على خلفية معرفية وعلمية، والذي لا يؤدي إلى خلاف لكي يصغر أفق الاختلاف.. ولا تتسع دوائر الخلاف.. في واقع الحياة.. وفي سبيل الوصول إلى ما تتمناه وتحلم به وتبتغيه أنت أمام معركتين وجهادين:
معركة وجهاد الحياة، ومعركة وجهاد الذات.
يقول الشاعر العربي أحمد شوقي عن المعركة الأولى والجهاد الأول في شطر بيت شهير:
«إن الحياة.. عقيدة وجهاد».
فيما يقول شاعر فرنسا رامبو: «إن المعركة مع الذات أخطر معارك الرجال».
وبين جهاد الحياة.. ومعركة الذات عالم من الجسارة والمكابدة والتعب ومحاولة بلوغ المبتغى والمأمول.. وتحقيق بعض الطموحات والآمال.
إن تحقيق الطموح الثقافي والعلمي والمعرفي يحتاج إلى إيمان حقيقي بأهمية أن تكون فريدا واستثنائيا وناجحا.. وأن تكون رقما مهما.. في المنظومة الاجتماعية وفي الحقل الذي تنتمي اليه، وأن تكون فردا فاعلا من خلال ما تقدمه للوطن.. والأمة.
ومعركة الذات تحتاج إلى مقاومة كل ما يفسد هذه الذات من أوساخ وأدران وما يجعلها عرضة لكل عارض وطارئ.. ذلك أن الذات هي التي تمثل مع العقل والروح هوية الإنسان.
كيف يمكن أن يكون هذا الإنسان مجاهدا ومناضلا في هذه الحياة وسط كل تناقضاتها واحتراقاتها، وأن يكون قاسيا مع ذاته ضد كل رغباتها وشهواتها.. ونزقها وجنونها.
وبين جهاد الحياة. ومعركة الذات سفر في الكون ورحلة في الواقع.

a_faqehi@hotmail.com