-A +A
مفرح السبيعي (الرياض)
اتفق أعضاء مجلس إدارة الجمعية السعودية للطب الوراثي، على أن حجم الامراض الوراثية كبير جدا وأن عدد الأمراض الوراثية تزيد عن 5000 مرض وراثي معروف طبيا، اكتشف منها ما لا يقل عن 0053 جين مسبب لهذه الامراض الوراثية، ويتوقع ان يزيد العدد بشكل كبير مع ظهور التقنيات الحديثة لتشخيص هذه الأمراض، والمملكة العربية السعودية تواجه مشكلة حقيقية، حيث أثبتت الإحصاءات أن نسبة حدوث هذه الأمراض أعلى بمراحل مما هو مسجل عالميا والسبب يعدو إلى ارتفاع نسبة زواج الاقارب مما يكلف الدولة وأهالى المرضى المصابين الكثير من العناء المادي والمعنوي.
وأوضح كل من الدكتور زهير رهبيني رئيس مجلس ادارة الجمعية السعودية للطب الوراثي واستشاري طب الاطفال والطب الوراثي، والدكتور ماجد الفضل نائب رئيس مجلس ادارة الجمعية السعودية للطب الوراثي استشاري طب الاطفال والطب الوراثي والاستقلابي، والدكتور فؤاد المطيري رئيس اللجنة الاعلامية بالجمعية السعودية للطب الوراثي استشاري طب الاطفال والطب الوراثي والاستقلابي، أن الأمراض الوراثية هي مجموعة من الأمراض الناتجة عن خلل أو اضطراب في جين واحد أو أكثر أو في الكروموسومات، وتكون مورثة بحيث تنتقل من جيل إلى آخر.
«عكاظ» أجرت حوارا مع أعضاء الجمعية للتعرف على مخاطر الأمراض الوراثية، وفي ما يلي التفاصيل :



• ما هي أنواع الأمراض الوراثية ؟
ـــ انواع الأمراض الوراثية كثيرة ولكن بشكل عام تنتج عن خلل في عدد أو وظيفة الكروموسومات أو خلل في الجينات المورثات التي تؤدي إلى التأثير على وظائف الجسم الحيوية وبالتالي تؤثر على اكثر من عضو في جسم الإنسان وبعضها على عضو وحيد في الجسم على حسب نوع المرض، حيث اثبتت الدراسات الحديثة ارتباط أمراض نفسية وعصبية معروفة مثل التوحد والفصام بالعامل الوراثي كمسبب لهذه الأمراض لم تكن معروفة مسبقا، وبشكل عام فإن هذه الأمراض قد تظهر بأعراض مختلفة، فمثلا تضخم الكبد والطحال ممكن ان يكون سببه أمراض الدم ولكن في نفس الوقت ممكن ان يكون سببه وراثيا نتيجة خلل في جين أو اكثر ومثال على ذلك الأنيميا المنجلية وانيميا حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذلك ينطبق هذا المثال على الصمم حيث يمثل الصمم الوراثي ما يزيد عن 60 % من الحالات في السعودية، ومما تجدر الإشارة إليه ايضا أن الخلل الجيني يمثل مابين 60 الى 90 % من حالات العمى الخلقي عند الأطفال وأن 10 % من اسباب الفشل الكلوي لدى الاطفال تنتج من اضطرابات وراثية، أضف إلى ذلك ان ما يقارب 80 % من امراض العضلات العصبية للاطفال ناتجة عن امراض الحثل العضلي او ضمور العضلات الشوكي والتي تنتج عن خلل جيني معروف، ولا يقتصر حدوث الأمراض الوراثية على الأطفال بل ينطبق الحال على كبار السن كالسمنة والسكر والموت المفاجئ والجلطات القلبية وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
• ما هي طرق تشخيص الأمراض الوراثية ؟
ـــ ذكر الدكتور فؤاد المطيري أن تشخيص الامراض الوراثية يمر بمراحل كثيرة تبدأ من تقييم المريض عن طريق الاطباء غير المختصين في الطب الوراثي ومن ثم استشارة الطبيب الوراثي ليقوم بفحص كامل وأخذ معلومات عن حالة المريض والتاريخ المرضي للعائلة ومن ثم فحوصات تجري للكروموسومات للتاكد من سلامة عددها وتكوينها من ثم الانتقال إلى فحوصات ادق بتحليل الحمض النووي DNA للجين المسؤول المسبب للمرض وفي أحيان اخرى يقوم الطبيب المعالج بالقيام بتحليل الإنزيمات الناقصة عن طريق اخذ عينات من الدم او الجلد او العضلة للشخص المصاب على حسب نوع المرض، ولعل المشكلة التى توجه الأطباء المختصين بهذا المجال النقص الحاد للمختبرات المختصة بهذا المجال والكثير من العينات يتم إرسالها إلى خارج المملكة لمختبرات متقدمة حول العالم، وكم نتمنى أن تكون مثل هذه المختبرات متوفرة في المملكة.
• ما هي طرق العلاج للأمراض الوراثية ؟
ـــ يمر علاج مثل هذه الحالات بمراحل تبدأ بالتشخيص المبكر حيث ان الاكتشاف المبكر لمثل هذه الحالات يخفف من أضراره المستقبلية على المريض وللأسف فإنه لا يوجد علاج ناجع يقضي على هذه الأمراض والوقاية منها يلعب دورا كبيرا في تحجيم المضاعفات، فبعض الامراض قد تحتاج الى حمية غذائية والبعض الآخر يمكن علاجها من خلال زراعة كبد او خلايا جذعية.
• ما أهم المستجدات في طرق تشخيص وعلاج الأمراض الوراثية ؟
ـــ ذكر الدكتور ماجد الفضل أن تشخيص الأمراض الوراثية تطور تطورا مذهلا في العقد الأخير، حيث انه مع اكتشاف تقنيات جديدة ساعدت العلماء على اكتشاف وتفسير الكثير من الأمراض ومعرفة الجينات المسببه لها حيث تم اكتشاف اكثر من 3800 جين كمسبب لهذه الأمراض والتي ساهمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة من تشخيص كثير من الحالات غير المشخصة مسبقا ومن هذه التقنيات الحديثة ما يعرف بتقنية تسلسل الجين الثالث next generation sequencing وفحص تسلسل الإكسونات whole exome sequencing وتقنية تسلسل الجينوم بالكامل whole genome sequencing.
ولم يقتصر التطور في هذا المجال على طرق التشخيص بل شمل طرق العلاج حيث إن هناك اكثر من 86 مرضا وراثيا لها علاج حاليا مع تقدم العلم الطبي مثل العلاج بالإنزيمات البديلة وزراعة الخلايا الجذعية والمعالجة الجينية.
• ما هي طرق الوقاية من هذه الأمراض ؟
ـــ أوضح الدكتور ماجد الفضل أنه بما أن هذه الأمراض هي أمراض وراثية فان تكرار الإصابة وارد في الحمل القادم للزوجين او في داخل الاسرة الواحدة عند تكرار زواج الأقارب، ولكن تتوفر الآن طرق للوقاية منها بعد تحديد الجين المسبب للمرض، ومن اهم هذه الطرق فحص الجنين في الحمل القادم، وهناك ثلاث طرق للكشف عن الاصابة ومنعها في الحمل القادم، فحص المشيمة ويعمل على عينة من المشيمة تؤخذ خلال الحمل في الاسبوع العاشر من الحمل، وهي تعتمد على فحص الجين المسبب للمرض، وفحص ماء الجنيني السائل الامينوسي ويعمل على عينة من الخلايا الموجودة في الماء المحيط بالجنين، وتؤخذ العينة في الاسبوع 16، وهي تعتمد على فحص الجين او المواد الكيميائية في العينة، والفحص الوراثي قبل الغرز وهي تجرى عن طريق ما يعرف بطفل الانابيب حيث يؤخذ من الزوجين نطف حيوانات منوية وبويضات وتلقح في المختبر ثم يتم فحصها جينيا، ومن ثم يتم اختيار البويضات الملقحة السليمة وتغرز في الرحم وإذا كتب الله لهذا الغرز النجاح يكون الجنين بإذن الله سليما.
• ما هي أهمية الفحص قبل الزواج وهل له دور في التقليل من الأمراض الوراثية ؟
ـــ أشار الدكتور فؤاد المطيري إلى أن البرنامج الوطني للفحص المبكر قبل الزواج عن الأمراض الوراثية والذي أقر بمرسوم ملكي عام 1423هـ، يشتمل على مرضين وراثيين فقط هما الانيميا المنجلية وأنيميا حوض البحر المتوسط ولا يشمل الأمراض الوراثية الأخرى، ويضاف الى ذلك ثلاثة التهابات فيروسية هي التهاب الكبد الوبائي ب والتهاب الكبد الوبائي ج والايدز.
وفي حقيقة الأمر فإن الفحص المبكر قبل الزواج حد بشكل كبير من الأمراض المشمولة بالفحص ولكن لم يحد من انتشار الأمراض الوراثية الأخرى واتفق الجميع أن أفضل وقت لإجراء فحص ما قبل الزواج يكون في المرحلة الدراسية الثانوية أي في عمر 18 سنة لأنه في الغالب فإنه في فحص الزواج الحالي يكون الطرفان متفقين على الزواج وإن اكتشف عدم مطابقة الطرفين لحملهما لمرض وراثي فإن احتمال استمرار قرار الزواج كبير جدا لأن معرفتهم بحمل المرض الوراثي يكون متأخرا نسبيا.
• ما هي اهمية ودور فحص المواليد المبكر في الحد من خطورة الأمراض الوراثية ؟
ـــ شدد الدكتور ماجد الفضل على أهمية البرنامج الوطني لفحص المواليد المبكر والذي يشمل 18 مرضا وراثيا من أمراض التمثيل الغذائي الاستقلابية والغدد الصماء للحد من مضاعفات تلك الأمراض حيث إن التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب قبل ظهور الأعراض يساعد بشكل كبير على التقليل من خطورة هذه الأمراض ومشاكلها الصحية على المريض.
• ما هي التحديات الراهنة التي تواجه مرضى الأمراض الوراثية والعاملين بهذا المجال ؟
ـــ أكد الدكتور زهير الرهبيني أن التحديات التي تواجه مرضى الأمراض الوراثية كبيرة جدا، اهمها ندرة الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال في المملكة، وعدم وجود مراكز متخصصة فقط بمرضى الأمراض الوراثية والتي تقدم لهم كل خدمات التشخيص والعلاج كما هو الحال في مرضى التخصصات الأخرى كالسرطان والقلب والكبد والكلى والتوحد وغيرها، أضف إلى ذلك أن المرضى المصابين بهذه الأمراض لا يتم علاجهم بكفاءة عالية نتيجة ندرة ذوي الاختصاص من جهة وايضا معاملتهم كمعاملة اي مريض آخر عند دخولهم للطوارئ مع ان حالتهم تستدعي التدخل السريع والمباشر وعدم التأخير، وقلة وجود مراكز مختبرية متخصصة في المملكة لندرة المتخصصين ولتكلفة التحاليل لتشخيص هذه الأمراض مما يستدعي إرسال تحاليلهم إلى خارج المملكة. وكذلك الكلفة العلاجية الباهظة لعلاج هذه الأمراض حيث ان علاج المريض الواحد قد يصل إلى مليون ريال في السنة كما هو الحال في المرضى المصابين بمرض عديدات السكريات المخاطية الوراثي ولا يغطيها التأمين الطبي، وكذلك غياب سجل وطني لإحصاء وتسجيل الحالات المصابة بالأمراض الوراثية
ولذلك فإن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لمركز وطني تخصصي كبير مجهز بالكامل بالكفاءات الوطنية المؤهلة والتجهيزات الطبية والعلاجية المتقدمة لتشخيص وعلاج هذه الأمراض من جميع النواحي التأهيلية والعلاج النفسي والسلوكي والتخاطبي وأن تكون اهلية العلاج في هذا المركز متاحة لجميع الحالات من شتى انحاء المملكة، وقد سبقتنا دول في الجوار بإنشاء مثل هذه المراكز المتخصصة في بلادهم.
• ما هو دور الجمعية السعودية للطب الوراثي ؟
ـــ أكد الدكتور زهير الرهبيني أن الجمعية السعودية التي أسست في عام 1429هـ، تهدف إلى تنمية وتطوير الفكر والأداء العلمي والمهني للمختصين بالأمراض الوراثية، والإسهام في حركة التقدم العلمي والمهني في هذا المجال وتبادل الإنتاج العلمي بين المؤسسات والهيئات العلمية والمهنية داخل وخارج المملكة وتقديم الاستشارات والدراسات اللازمة لرفع مستوى الأداء في مجالات الطب الوراثي والإسهام في وضع معايير لممارسة المهنة ورفع مستوى الوعي الصحي لدى المجتمع ومساعدة المرضى المصابين بالأمراض الوراثية، وحماية أسرهم من انتشار هذه الأمراض الخطيرة والمساعدة بشتى الطرق للحد منها.
• من أين تحصل الجمعية السعودية للطب الوراثي على الدعم المادي للقيام بمهامها ؟
ـــ أوضح عضو الجمعية محمد ابوثنين أن الجمعية لا تحصل على دعم، حالها حال الجمعيات التطوعية الأخرى في البلد ولعلنا في هذا الإطار ومن هذا المنبر نحث رجال الأعمال وأهل الخير دعم الجمعية ومساندتها للقيام بمهامها على الوجه الأكمل.