-A +A
فهيم الحامد
ملك عادل يتلمس المخاوف ويشعر عن قرب بهواجس واحتياجات الأمة ويضع مصالحهم وهمومهم فوق أي اعتبار، ويتحدث بشفافية وبصراحة متناهية حين تكبر مصائبهم .. الملك الصالح تؤلمه دماء أمته وآلامها وجروحها الغائرة، وما كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية حول ما يجري في مصر والتي تلقفتها القيادات المصرية الواعية والشرفاء في هذه الأمة بكل تقدير، إلا دليل إضافي لاهتمامه بالعمق العربي بشكل عام وشؤون مصر التي نحبها وتحبنا بشكل خاص، ولقد اتفق الجميع على أن كلمة الملك عبدالله تضمنت الحكمة والحنكة وبعد النظر والأهم من ذلك هو الحرص على مصلحة مصر وأمنها واستقرارها وسلامة الشعب المصري وأبعادها من خطر الحرب الأهلية والفتنة، إذ يدرك المصريون ذو العقل والحكمة والسياسة والفطنة مدى حرص المملكة قيادة وشعبا على وحدة واستقرار مصر.
ومن يتمعن في كلمات خادم الحرمين، يرى فيها الكثير من المعاني السياسية العميقة، والرؤى الاستراتيجية المستقبلية، إذ يستشف المرء من خلالها كيف ينظر زعيم الأمة بقلق وبحزن وأسى على ما يجري في مصر، فحين يقول خادم الحرمين «وليعلم كل من تدخل في شؤونها الداخلية أنهم بذلك يوقدون نار الفتنة»، فإن هذا يعني أن جزءا لا يستهان به من الأزمة المصرية الحالية هي نتيجة تدخلات خارجية لا تريد الخير لمصر وللمصريين، بل وصف هذا السلوك بأنه فتنة.. «والفتنة أشد من القتل».

ما يحصل الآن في مصر مصاب جلل وأمر عصيب يدمي القلب ويبكي العين، إذ ليس من السهل أن يرى الإنسان العربي والمسلم إخوته بالدم يتنازعون ويتقاتلون وتذهب ريحهم ويفشلون وينزفون دما غاليا على كل عربي ومسلم غيور على أمتيه العربية والإسلامية.
ومن هنا كانت المملكة وما تزال ترى في وحدة المصريين والالتفاف حول الشرعية، سبيلا للخلاص من هذه الفتنة التي تضرب البلاد .. وما الخلاص منها إلا بتحكيم صوت العقل والحكمة وإعلاء مصلحة الوطن على الحزبية والفئوية الضيقة.
وليس سرا أن ما يحصل الآن في مصر له تداعيات كبيرة على أمن واستقرار المنطقة، في ظل ما يجري عموما في المنطقة العربية، فما تزال سوريا تعيش أزمة خانقة أحرقت البلاد والعباد وكذلك العراق الذي يستيقظ كل يوم على وقع حمامات الدم، وأخيرا في لبنان القلق والمضطرب، ومن هنا فإن الدور التاريخي والريادي للمملكة في العالم العربي، يتجلى في كلمة الملك عبدالله .. رجل المواقف وترياق الأمة بحنكته ونظرته الثاقبة ورؤيته الاستراتيجية السياسية لما يدور من حول المملكة من اضطرابات. وهي من يتمعن في تفاصيلها وصفت الأزمة المصرية على حقيقتها .. بل ورسمت خارطة الطريق للخروج من الأزمة .. حيث أثلجت الكلمة التاريخية صدور المصريين الخائفين على بلدهم وساندتهم بكل وضوح للخروج من أزمتهم.
إن أكثر ما يحتاجه المصريون اليوم الالتفاف حول قيادتهم الجديدة الآن ونبذ كل أشكال التحزب لغير الدولة المصرية الشرعية، وإنهاء الفرقة ونبذ العنف ورفض الإرهاب المقيت. فمصر هي بمثابة الرأس من الجسد من العالم العربي واستقرارها مهم جدا لكل العرب.