هذا عنوان كتاب عن المساجد السبعة في المدينة المنورة أو مساجد الفتح أو الأحزاب عند المؤرخين، وإنما سُميت بمساجد الفتح لقوله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا بفتح الله ونصره» على ما روى البيهقي في دلائل النبوة (3/403) لما جاءه خبر نقض بني قريظة للعهد في غزوة الأحزاب، وهي المساجد الواقعة غربي جبل سلع، وأضيف إليها الآن جامع كبير سُمي جامع الأحزاب لم يُفتتح بعد.
ومؤلف الكتاب هو أبوجابر عبدالله بن محمد الأنصاري، ولم يسبق لي أن اطلعت على عناية له بتاريخ المدينة، وإن كان كتابه هذا يدل على عدم دراية بتاريخها بل بعلم التاريخ وعلم الآثار، ومع ذلك فإنني سأقتصر على ما في هذا الكتاب من تدليس علمي وبخاصة في تطبيق منهج المحدثين على علم التاريخ وعلم الآثار.
الكتاب حديث الصدور في هذا العام 1427هـ/ 2006م ولا توجد عليه معلومات عن إيداعه في مكتبة الملك فهد الوطنية، ويقع في (127) صفحة، وأول ما استوقفني ما بذله المؤلف من جهد في محاولته تضعيف حديث جابر بن عبدالله الوارد في مسند أحمد (3/332) وغيره وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم «دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرف البشر في وجهه» فبالرغم من أن الهيثمي قال في مجمع الزوائد (4/12) «رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات» فقد راح يتعقب ذلك ليخرج بإضعافه، وله ذلك مادام محدِّثاً، ولكن المغالطة في إعراضه عن تخريج الشيخ ناصرالدين الألباني حين أحاله إلى هامش الكتاب، ولم يدرجه في المتن؛ لأنه لا يوافق ما يريد الوصول إليه في تضعيف الحديث، حيث قال في الهامش ص/11 «وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد ص/262 ورقم 542 ثم ص/12 علق على عبارة «هذا الإسناد جوّده الحافظ عبدالعظيم المنذري في الترغيب والترهيب» فقال في الهامش «وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب أيضاً 2/49/1185» ومادام أنه اطلع على ما قاله الألباني فلماذا لم يناقشه كما ناقش أقوال الآخرين، ولماذا أحاله إلى الهامش مع المعرفة بالباع الطويل للشيخ الألباني في علم الحديث، فهل من الموضوعية مناقشة ما يوافق الرأي فقط؟!
وفي ص/15 بدا أنه يميل إلى آراء الإمام ابن تيمية، لكنه هنا لم يعجبه حين لم يؤيد رأيه، فقد أشار إلى أن شيخ الإسلام غمز حديث جابر في اقتفاء الصراط المستقيم ص/429 ثم أورد قول الشيخ «وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم فيتحرون الدعاء في هذا المكان كما نقل عن جابر، ولم ينقل عن جابر أنه تحرى الدعاء في المكان بل تحرى الزمان»، فعلق المؤلف بقوله: «وقوله كما نقل ولم ينقل، من صيغ التمريض تشعرنا بتضعيفه لهذا الحديث، وعدم ارتياحه لما نقل عن جابر» فهل ابن تيمية الذي ملأ رفوف المكتبة قاصر في التعبير عن رأيه..؟
وفي ص/35 علق على إيراد ابن زَبالة للحديث في أخبار المدينة «بأنه لم يطلع على الأسانيد لفقدان كتاب ابن زبالة من عالم المطبوعات بل والمخطوطات» وختم بأن أهل الحديث كذبوا ابن زبالة، وهذا حق في علم الحديث باطل في علم التاريخ، فابن زبالة ثقة عند المؤرخين كذاب عند المحدثين، ومثله ابن الكلبي كذاب عند المحدثين ثقة عند النسابين، والعالم في أي علم يؤخذ منه في تخصصه ولا يعيبه إن أخطأ في غيره، لكن ذلك لا يقدح في عدالته في علمه، ثم إن كتاب ابن زبالة طبع ما وجد منه في مركز بحوث ودراسات المدينة (1424هـ) في رسالة علمية نفيسة للباحث صلاح سلامة، وفيها تناول تساهل ابن زبالة في رواية أحاديث الفضائل وغيرها مما لا يتعلق بالعقائد والأحكام مثله مثل غيره من المؤرخين وأهل الحديث.
وأكثر ما في الكتاب فيه مبالغة وتدليس علمي لبعد المؤلف فيما يبدو عن علم التاريخ، ولكن مما يستوقف الفصل العاشر عن حكم الصلاة في المساجد السبعة (ص/115) حيث قال: «لا تجوز الصلاة في أحد المساجد السبعة إلا فيما يقال له مسجد بني حرام؛ لأن هذا هو المسجد الوحيد الذي أحاط به العمران واحتاج أهل ذلك الحي إلى الصلاة فيه» وهذا حكم غريب والأغرب منه دليله؛ لأن المساجد كلها أحاط بها العمران ثم ماذا عن حكم الصلاة في المسجد الجديد الذي يعمر الآن هل سيأخذ الحكم نفسه؟.
المساجد السبعة تحت أي اسم هي مساجد أثرية وإذا كان الحكم مبنياً على التسمية كما ورد ص/57؛ فإن معظم مساجد المسلمين في المدينة وغيرها ذات أسماء حادثة، وهذا حَمَلَ من الآراء ما فيه مبالغة كتشبيهها بمسجد الضرار ص/91 وغيره من مبالغات وتدليس وعبارات جانحة كقوله ص/16 «فلا تغتر بقولهما ولا بمن تبعهم على هذا التوثيق» وكقوله ص/19 «ولكن الجزم بذلك دونه خرط القتاد» والرأي محترم إذا سلك المسلك العلمي لا مسلك الهوى أو التدليس العلمي أو مصانعة الآخرين.
ص.ب 45209 الرياض 11512 فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM
ومؤلف الكتاب هو أبوجابر عبدالله بن محمد الأنصاري، ولم يسبق لي أن اطلعت على عناية له بتاريخ المدينة، وإن كان كتابه هذا يدل على عدم دراية بتاريخها بل بعلم التاريخ وعلم الآثار، ومع ذلك فإنني سأقتصر على ما في هذا الكتاب من تدليس علمي وبخاصة في تطبيق منهج المحدثين على علم التاريخ وعلم الآثار.
الكتاب حديث الصدور في هذا العام 1427هـ/ 2006م ولا توجد عليه معلومات عن إيداعه في مكتبة الملك فهد الوطنية، ويقع في (127) صفحة، وأول ما استوقفني ما بذله المؤلف من جهد في محاولته تضعيف حديث جابر بن عبدالله الوارد في مسند أحمد (3/332) وغيره وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم «دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرف البشر في وجهه» فبالرغم من أن الهيثمي قال في مجمع الزوائد (4/12) «رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات» فقد راح يتعقب ذلك ليخرج بإضعافه، وله ذلك مادام محدِّثاً، ولكن المغالطة في إعراضه عن تخريج الشيخ ناصرالدين الألباني حين أحاله إلى هامش الكتاب، ولم يدرجه في المتن؛ لأنه لا يوافق ما يريد الوصول إليه في تضعيف الحديث، حيث قال في الهامش ص/11 «وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد ص/262 ورقم 542 ثم ص/12 علق على عبارة «هذا الإسناد جوّده الحافظ عبدالعظيم المنذري في الترغيب والترهيب» فقال في الهامش «وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب أيضاً 2/49/1185» ومادام أنه اطلع على ما قاله الألباني فلماذا لم يناقشه كما ناقش أقوال الآخرين، ولماذا أحاله إلى الهامش مع المعرفة بالباع الطويل للشيخ الألباني في علم الحديث، فهل من الموضوعية مناقشة ما يوافق الرأي فقط؟!
وفي ص/15 بدا أنه يميل إلى آراء الإمام ابن تيمية، لكنه هنا لم يعجبه حين لم يؤيد رأيه، فقد أشار إلى أن شيخ الإسلام غمز حديث جابر في اقتفاء الصراط المستقيم ص/429 ثم أورد قول الشيخ «وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم فيتحرون الدعاء في هذا المكان كما نقل عن جابر، ولم ينقل عن جابر أنه تحرى الدعاء في المكان بل تحرى الزمان»، فعلق المؤلف بقوله: «وقوله كما نقل ولم ينقل، من صيغ التمريض تشعرنا بتضعيفه لهذا الحديث، وعدم ارتياحه لما نقل عن جابر» فهل ابن تيمية الذي ملأ رفوف المكتبة قاصر في التعبير عن رأيه..؟
وفي ص/35 علق على إيراد ابن زَبالة للحديث في أخبار المدينة «بأنه لم يطلع على الأسانيد لفقدان كتاب ابن زبالة من عالم المطبوعات بل والمخطوطات» وختم بأن أهل الحديث كذبوا ابن زبالة، وهذا حق في علم الحديث باطل في علم التاريخ، فابن زبالة ثقة عند المؤرخين كذاب عند المحدثين، ومثله ابن الكلبي كذاب عند المحدثين ثقة عند النسابين، والعالم في أي علم يؤخذ منه في تخصصه ولا يعيبه إن أخطأ في غيره، لكن ذلك لا يقدح في عدالته في علمه، ثم إن كتاب ابن زبالة طبع ما وجد منه في مركز بحوث ودراسات المدينة (1424هـ) في رسالة علمية نفيسة للباحث صلاح سلامة، وفيها تناول تساهل ابن زبالة في رواية أحاديث الفضائل وغيرها مما لا يتعلق بالعقائد والأحكام مثله مثل غيره من المؤرخين وأهل الحديث.
وأكثر ما في الكتاب فيه مبالغة وتدليس علمي لبعد المؤلف فيما يبدو عن علم التاريخ، ولكن مما يستوقف الفصل العاشر عن حكم الصلاة في المساجد السبعة (ص/115) حيث قال: «لا تجوز الصلاة في أحد المساجد السبعة إلا فيما يقال له مسجد بني حرام؛ لأن هذا هو المسجد الوحيد الذي أحاط به العمران واحتاج أهل ذلك الحي إلى الصلاة فيه» وهذا حكم غريب والأغرب منه دليله؛ لأن المساجد كلها أحاط بها العمران ثم ماذا عن حكم الصلاة في المسجد الجديد الذي يعمر الآن هل سيأخذ الحكم نفسه؟.
المساجد السبعة تحت أي اسم هي مساجد أثرية وإذا كان الحكم مبنياً على التسمية كما ورد ص/57؛ فإن معظم مساجد المسلمين في المدينة وغيرها ذات أسماء حادثة، وهذا حَمَلَ من الآراء ما فيه مبالغة كتشبيهها بمسجد الضرار ص/91 وغيره من مبالغات وتدليس وعبارات جانحة كقوله ص/16 «فلا تغتر بقولهما ولا بمن تبعهم على هذا التوثيق» وكقوله ص/19 «ولكن الجزم بذلك دونه خرط القتاد» والرأي محترم إذا سلك المسلك العلمي لا مسلك الهوى أو التدليس العلمي أو مصانعة الآخرين.
ص.ب 45209 الرياض 11512 فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM