اليوم الأربعاء يتذكر العالم دولة تشيلي في درس تاريخي من أهم دروس القرن العشرين..
قبل أربعين سنة، وبالتحديد يوم 11 سبتمبر عام 1973 أمسك رئيس تشيلي سماعة الهاتف، وبدأ يلقي خطابه الأخير بعد أن نجح مؤيدوه في وصل أسلاك الهاتف بالإذاعة، أزاح الرئيس سلفادور أليندي ربطة العنق وأخذ نفسا بطول تشيلي أطول دولة في العالم ثم بدأ خطابه.
«أستطيع أن أقول للعمال إنني لن أستقيل، بحياتي سأدافع عن المبادئ التي توحد أمتنا، ولدي كل الإيمان بهذا البلد ومستقبله، رجال آخرون سيعبرون، وهذه اللحظة الرمادية من تاريخ دولتنا ستنتهي، لتعلموا عاجلا أم آجلا أن آفاقا جديدة لهذه الأمة ستفتح وسيعبرها الرجال الأحرار أمثالكم، هذه كلماتي الأخيرة وأنا على يقين أن تضحيتي لن تذهب سدى»..
في هذه اللحظة أغلق السماعة بكل هدوء وذهب إلى مكتبه، فتح الدولاب وأخرج مسدسا مصنوعا من الذهب أهداه له الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، وضع إصبعه على الزناد وتأمل العاصمة عبر الشرفة قبل أن يلتفت نحو باب مكتبه وهو يسقط تحت أقدام الجنود قبل أن يطلقوا النار عليه، كانت رصاصة المسدس الذهبي تخترق عنق الزعيم سلفادور.
*****
تشيلي بلاد العنب الفاخر وسهول الأنديز والروايات الجميلة، غافية كشريط ساحلي على ضفاف المحيط الهادي في أمريكا اللاتينية، كانت تنعم بالسلام والاستقرار السياسي، فهي أول دولة لاتينية تتذوق طعم الديموقراطية، أثناء الحرب العالمية الثانية كانت واحة السلام للمهاجرين الأوروبيين، المعادن هي المحرك الأساسي للاقتصاد، لذلك اتجه الاقتصاد بعد الحرب نحو الصناعة، فنشأت اتحادات قوية للعمال وبدأت تؤثر في الحياة السياسية، وبعد عدة محاولات من الفشل فاز السيد سلفادور الاشتراكي ابن الأسرة الثرية عام 1970 بفارق 1% عن أقرب منافسيه.
بعد عام من وصول حزبه للحكم قام بتأميم شركات التعدين والهاتف والخدمات العامة، وعلى إثره توقفت معونات البنك الدولي وانسحبت الشركات والبنوك الدولية من تشيلي، خلال ثلاث سنوات ارتفع حجم التضخم وانتشر الفقر وانقسم شعب تشيلي، العمال والفلاحون كانوا مع الرئيس، بينما الطبقة المتعلمة والتجار وقفوا ضده، كان سلفادور يرى شعبه يتعارك كل يوم ولكنه متمسك بالصندوق وبشرعية الصندوق، يقولون له إن الاقتصاد يتدهور وهو يتهم أمريكا والعملاء الخونة والإعلام ودول الجوار والدولة العميقة، كانوا يطلبون منه أن لا يقتل الحياة الديموقراطية وأن يتوقف عن الإقصاء، وهو يصرخ في وجوههم إن العمال وحزبه معه.
*****
أخيرا وبعد طول صبر دعمت أمريكا قائد الجيش والانقلاب الجنرال بينوشيه بالمال والسلاح، ووصفته بـ«حامي الديموقراطية»، سياسات الحاكم المنتخب كانت فاشلة وهذا سهل مهمة أمريكا، فالانقلاب لم يحدث فقط لأن أمريكا تريد ذلك، بينوشيه ديكتاتور تشيلي حكم 17 سنة حتى عام 1990 عندما عادت الحياة الديموقراطية من جديد وبدأت أطول محاكمة لديكتاتور سابق عرفها التاريخ الحديث.
عبر التاريخ حدثت آلاف الانقلابات السياسية، ولكن شيئا واحدا يجمع بينها، وجود خلل فادح في الأنظمة السابقة كانت تتجاهله أو لا تستطيع علاجه، لم يحدث انقلاب في العصر الحديث لمجرد أن الانقلابيين يشعرون بالفراغ، سفارات تشيلي حول العالم تحتفل اليوم بذكرى مرور 40 عاما على انقلاب العسكر الذي أطاح بالحكومة المنتخبة بدرسين مهمين، أن الانقلاب على الحياة المدنية الديموقراطية أمر ينبغي تجنبه، وأن الديموقراطيات ــ خصوصا الناشئة منها ــ لا تعني شرعية الصناديق على الإطلاق.. وصلت الرسالة؟
قبل أربعين سنة، وبالتحديد يوم 11 سبتمبر عام 1973 أمسك رئيس تشيلي سماعة الهاتف، وبدأ يلقي خطابه الأخير بعد أن نجح مؤيدوه في وصل أسلاك الهاتف بالإذاعة، أزاح الرئيس سلفادور أليندي ربطة العنق وأخذ نفسا بطول تشيلي أطول دولة في العالم ثم بدأ خطابه.
«أستطيع أن أقول للعمال إنني لن أستقيل، بحياتي سأدافع عن المبادئ التي توحد أمتنا، ولدي كل الإيمان بهذا البلد ومستقبله، رجال آخرون سيعبرون، وهذه اللحظة الرمادية من تاريخ دولتنا ستنتهي، لتعلموا عاجلا أم آجلا أن آفاقا جديدة لهذه الأمة ستفتح وسيعبرها الرجال الأحرار أمثالكم، هذه كلماتي الأخيرة وأنا على يقين أن تضحيتي لن تذهب سدى»..
في هذه اللحظة أغلق السماعة بكل هدوء وذهب إلى مكتبه، فتح الدولاب وأخرج مسدسا مصنوعا من الذهب أهداه له الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، وضع إصبعه على الزناد وتأمل العاصمة عبر الشرفة قبل أن يلتفت نحو باب مكتبه وهو يسقط تحت أقدام الجنود قبل أن يطلقوا النار عليه، كانت رصاصة المسدس الذهبي تخترق عنق الزعيم سلفادور.
*****
تشيلي بلاد العنب الفاخر وسهول الأنديز والروايات الجميلة، غافية كشريط ساحلي على ضفاف المحيط الهادي في أمريكا اللاتينية، كانت تنعم بالسلام والاستقرار السياسي، فهي أول دولة لاتينية تتذوق طعم الديموقراطية، أثناء الحرب العالمية الثانية كانت واحة السلام للمهاجرين الأوروبيين، المعادن هي المحرك الأساسي للاقتصاد، لذلك اتجه الاقتصاد بعد الحرب نحو الصناعة، فنشأت اتحادات قوية للعمال وبدأت تؤثر في الحياة السياسية، وبعد عدة محاولات من الفشل فاز السيد سلفادور الاشتراكي ابن الأسرة الثرية عام 1970 بفارق 1% عن أقرب منافسيه.
بعد عام من وصول حزبه للحكم قام بتأميم شركات التعدين والهاتف والخدمات العامة، وعلى إثره توقفت معونات البنك الدولي وانسحبت الشركات والبنوك الدولية من تشيلي، خلال ثلاث سنوات ارتفع حجم التضخم وانتشر الفقر وانقسم شعب تشيلي، العمال والفلاحون كانوا مع الرئيس، بينما الطبقة المتعلمة والتجار وقفوا ضده، كان سلفادور يرى شعبه يتعارك كل يوم ولكنه متمسك بالصندوق وبشرعية الصندوق، يقولون له إن الاقتصاد يتدهور وهو يتهم أمريكا والعملاء الخونة والإعلام ودول الجوار والدولة العميقة، كانوا يطلبون منه أن لا يقتل الحياة الديموقراطية وأن يتوقف عن الإقصاء، وهو يصرخ في وجوههم إن العمال وحزبه معه.
*****
أخيرا وبعد طول صبر دعمت أمريكا قائد الجيش والانقلاب الجنرال بينوشيه بالمال والسلاح، ووصفته بـ«حامي الديموقراطية»، سياسات الحاكم المنتخب كانت فاشلة وهذا سهل مهمة أمريكا، فالانقلاب لم يحدث فقط لأن أمريكا تريد ذلك، بينوشيه ديكتاتور تشيلي حكم 17 سنة حتى عام 1990 عندما عادت الحياة الديموقراطية من جديد وبدأت أطول محاكمة لديكتاتور سابق عرفها التاريخ الحديث.
عبر التاريخ حدثت آلاف الانقلابات السياسية، ولكن شيئا واحدا يجمع بينها، وجود خلل فادح في الأنظمة السابقة كانت تتجاهله أو لا تستطيع علاجه، لم يحدث انقلاب في العصر الحديث لمجرد أن الانقلابيين يشعرون بالفراغ، سفارات تشيلي حول العالم تحتفل اليوم بذكرى مرور 40 عاما على انقلاب العسكر الذي أطاح بالحكومة المنتخبة بدرسين مهمين، أن الانقلاب على الحياة المدنية الديموقراطية أمر ينبغي تجنبه، وأن الديموقراطيات ــ خصوصا الناشئة منها ــ لا تعني شرعية الصناديق على الإطلاق.. وصلت الرسالة؟