-A +A
أيمن الصيدلاني (المدينة المنورة)
أثارت معلومات تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي حول هدم مسجد جهينة وبلي بالمدينة المنورة الجدل حول وجود المسجد من عدمه، ففيما أشار البعض إلى أن المسجد الذي اختطه الرسول صلى الله عليه وسلم يقع جوار مدرسة الناصرة الابتدائية في حي باب الكومة، أكد بعض الباحثين والمهتمين في المساجد النبوية والآثار الإسلامية في المدينة المنورة أن مسجد جهينة وبلي قد أزيلت معالمه سابقا وهو ليس موجودا على أرض الواقع.



وفي السياق أوضح عضو مركز بحوث المدينة المنورة الباحث في تاريخ المدينة المنورة الدكتور تنيضب الفايدي، أن مسجد جهينة وبلي يعتبر من المساجد النبوية التي اختطها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك جميع المؤرخين بدءا من تاريخ ابن شبة (في المائة الثانية للهجرة)، حيث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حدد مسجد جهينة، وأكد ذلك المطري أن النبي صلى الله عليه وسلم خط المسجد الذي لجهينة ولمن هاجر من بلي، وقد تعددت صيغ ذكر مسجد جهينة، وذكر المؤرخون أن مسجد جهينة فقدت معالمه في القرن السابع تقريبا، إلا أن موقعه محدد ومعروف وبناء على ذلك أعيد إنشاؤه مرة أخرى، وأزيل قبل فترة ضمن التخطيط الحديث للمدينة المنورة ولا وجود له حاليا على أرض الواقع بينما مكانه محدد حيث ربط بجبل صغير يسمى جبل سليع ويطلق عليه أحيانا جبل جهينة ويقع فيما يسمى في الوقت الراهن بباب الكومة ويبعد عن مكتبة الملك عبدالعزيز من الغرب بمسافة 250 مترا تقريبا.
وذكر الدكتور الفايدي بأن المسجد لا يعرف له بناء خلال فترات متقطعة ولكنه معروف الموقع، حيث يقع غربي حصن صاحب المدينة على جبل سُليع الذي كان متصلا بجبل سلع وبينهما ثنية عثعث والثنية معروفة إلى وقت قريب ويطلق على سُليع (جبل جهينة) وتذكر بعض المصادر (درب الجهينة) وقد يلحق هذا الجبل بجبل سلع وقد فصل بينهما الدائري الأول، والقلعة معروفة إلى وقت قريب وقد كانت في فترة من الفترات مستودعا للأسلحة (الجبخانة). أما مسجد جهينة فمن المؤكد أنه يقع غربي جبل سُليع يميل إلى الجنوب قليلا، وتوالت الأعوام على هذا المسجد ويذكر المطري المتوفى عام (741هـ) في كتابه (التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة) أنه لم يبق من مسجد جهينة إلا بعض الآثار وذكر قريبا من ذلك المراغي صاحب كتاب (تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة) المتوفى عام ( 816هـ) وذكر كذلك السور القديم وعندها أثر باب للمدينة معروف بدرب جهينة إلى سنة ست وستين وسبعمائة ولعله موقع المسجد، وأعيد بناء مسجد جهينة وقد ارتبط مسجد جهينة بباب الكومة وباب الكومة من الأسماء الحديثة نوعا ما، حيث ذكر السيد أحمد ياسين الخياري المتوفى عام (1380هـ) باب الكومة وارتباطه بمسجد جهينة وبلي.
وقال الدكتور الفايدي: قمت بزيارات متقطعة لهذه المواقع منذ عام 1385هـ ثم لازمت جنوب جبل سلع من عام 1387هـ مع المتابعة حتى التاريخ الحالي وأعرف المواقع بكاملها سواء مربط النعم (العطن أو تلعة الحشيش)، إضافة إلى السفح الجنوبي لسلع ولا يوجد أي مسجد أثري يتعلق بجنوب جبل سلع عدا المساجد التي في الجزء الشمالي الغربي لجبل سلع منها (مسجد الفتح أو الأحزاب أو المسجد الأعلى أو في غربي سلع مثل مسجد جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أما مسجد جهينة لا علاقة له البتة بجبل سلع، وإنما ارتبط ذكر مسجد جهينة بسُليع الذي انفصلا عن جبل سلع حاليا بعد أن كانا متصلا به، وقد ذكر المؤرخون أن بناء المسجد قد اندثر ولكن موقعه معروف، وأعيد بناء مسجد جهينة في موقع يظن أنه موقعه الأساس وجعلت تحت البناء مجموعة من المحلات (الدكاكين) إلى عام 1410هـ تقريبا غرب مكتبة الملك عبد العزيز وكان معروفا والذي يعرف أحوشة المدينة القديمة لا سيما القريبة من باب الكومة فإن مسجد جهينة يقع شمال حوش كرباش (غرة باش) كما يقع شرق حوش صغير يطلق عليه حوش (علي خضرة).