قبل عدة سنوات، ساقني القدر، إلى أن أدخل على أحد القضاة بالمحكمة العامة، وبين يديه يقف شيخ كبير ذو لحية بيضاء طويلة وكثيفة، كان رأسه محنيا ورجلاه من شدة الخوف بالكاد تحملانه وكأنه طالب في أحد الصفوف الأوليـة تم إحضاره لغرفة الناظر لينال عقابه. انتابتني حالة من الدهشة حين كان القاضي يوبخـه لكن سرعان ما فهمت من وقائـع الجلسة أن ذلك الشيخ استغل مظهـره وغياب الخصم وتعاطف القاضي معه فأوهم الجميـع بأنه مظلوم، وفي كل مرة يسرد قصة مأساوية تقشعر لها الأبدان وتتفطر منها القلوب، وفي الموعد المحدد للنطق بالحكم ظهـر الخصم كاشفا زيـف الادعاءات الموجهـة ضده وفبركة القصص المرويـة بحقه !!.
المشهد الحي لهذا الشيخ الكبير، بات يراودني مع كل مشهد مشابه، وقد تعلمت منه أن لا أستعجل الحكم على أي حادثة أو قضية قبل سماع كافـة الأطراف المعنية، وفي مساء يوم الاثنين الماضي وقفت أمام اختبار حقيقي من هذا النوع، عندما شاهدت حلقة برنامج (الثـامنـة) والتي خصصت بالكامل لسماع (أم أمـل) وهي تنفرد بروايتها المحزنـة، التي حملت بين طياتها مجموعة قصص مأساوية وتهما خطيرة للغاية سواء بحق زوجها أو والدها أو منسوبي القنصلية في إسلام أباد وكراتشي، وقد تم التصريـح بأسمائهم والتشهـير بسمعتهم هكذا أمام الجمهور دون أن يمنحوا فرصة تحقيق دفوعهم وإبداء أقوالهم حيال ما نسب إليهم !؟.
ومع تقديري البالغ للجانب الإنساني الذي تبناه هذا البرنامج للوصول إلى حل للمشكلة التي تدعيها هذه السيدة إلا أن الحلقة خالفت أبسط المبادئ المهنية والضوابط الإعلامية واعتمدت كليا على أسلوب الإثارة القائمة على مخاطبة مشاعر الناس لا عقولهم، ولهذا ضج موقـع التواصل الاجتماعي (تويتر ) فور انتهاء الحلقة بردود فعل غاضبة وانهال المغردون عبر هاشتاق (# أم ــ أمل ــ بنت ــ الوطن) بالسخط والدعاء على المتهمين ! إلا أنني أمام هذا كله تمسكت بمبدئي الذي تعلمته، فذهبت أدعوا إلى ضرورة التحلي بالحكمة والروية قبل الحكم على البقية حتى لا ننتقد ونلعن الظلم من جهة ثم نأتي من جهة أخرى ونمارسه بكل قسوة !!.
لم تكن قصة هذه السيدة هي الأولى من نوعها، فقد سمعنا من قبل عن (ابنة فلان) الذي يسكن تلك القرية أو ذلك الحي الشعبي هربت مع أجنبي للزواج منها، وأكثر ما يحز في صدورنا هو الوضـع الذي آل إليه والدها وهو لا يدري (وين يودي وجهه؟!)، كم من سيدة ظهرت من قبل في برنامج تليفزيوني أو إذاعي شهـير وهي تجهش بالبكاء وتشتكي ضيق الحال وما أن يبدأ التحري ثاني يوم إلا والخبر يقول (طلعت القصة مفبركة).. هل نسينا كل هذا ؟!، ونسينا أن أغلب عبارات العتاب التي نتداولها تتلخص في (طيب اسمعني وبعدين احكم).. ونسينا أن لكل من المتهمين أسرة قد تواجه نفس المصير بسبب أحكام المجتمـع المستعجلة والجائرة !!.
المشهد الحي لهذا الشيخ الكبير، بات يراودني مع كل مشهد مشابه، وقد تعلمت منه أن لا أستعجل الحكم على أي حادثة أو قضية قبل سماع كافـة الأطراف المعنية، وفي مساء يوم الاثنين الماضي وقفت أمام اختبار حقيقي من هذا النوع، عندما شاهدت حلقة برنامج (الثـامنـة) والتي خصصت بالكامل لسماع (أم أمـل) وهي تنفرد بروايتها المحزنـة، التي حملت بين طياتها مجموعة قصص مأساوية وتهما خطيرة للغاية سواء بحق زوجها أو والدها أو منسوبي القنصلية في إسلام أباد وكراتشي، وقد تم التصريـح بأسمائهم والتشهـير بسمعتهم هكذا أمام الجمهور دون أن يمنحوا فرصة تحقيق دفوعهم وإبداء أقوالهم حيال ما نسب إليهم !؟.
ومع تقديري البالغ للجانب الإنساني الذي تبناه هذا البرنامج للوصول إلى حل للمشكلة التي تدعيها هذه السيدة إلا أن الحلقة خالفت أبسط المبادئ المهنية والضوابط الإعلامية واعتمدت كليا على أسلوب الإثارة القائمة على مخاطبة مشاعر الناس لا عقولهم، ولهذا ضج موقـع التواصل الاجتماعي (تويتر ) فور انتهاء الحلقة بردود فعل غاضبة وانهال المغردون عبر هاشتاق (# أم ــ أمل ــ بنت ــ الوطن) بالسخط والدعاء على المتهمين ! إلا أنني أمام هذا كله تمسكت بمبدئي الذي تعلمته، فذهبت أدعوا إلى ضرورة التحلي بالحكمة والروية قبل الحكم على البقية حتى لا ننتقد ونلعن الظلم من جهة ثم نأتي من جهة أخرى ونمارسه بكل قسوة !!.
لم تكن قصة هذه السيدة هي الأولى من نوعها، فقد سمعنا من قبل عن (ابنة فلان) الذي يسكن تلك القرية أو ذلك الحي الشعبي هربت مع أجنبي للزواج منها، وأكثر ما يحز في صدورنا هو الوضـع الذي آل إليه والدها وهو لا يدري (وين يودي وجهه؟!)، كم من سيدة ظهرت من قبل في برنامج تليفزيوني أو إذاعي شهـير وهي تجهش بالبكاء وتشتكي ضيق الحال وما أن يبدأ التحري ثاني يوم إلا والخبر يقول (طلعت القصة مفبركة).. هل نسينا كل هذا ؟!، ونسينا أن أغلب عبارات العتاب التي نتداولها تتلخص في (طيب اسمعني وبعدين احكم).. ونسينا أن لكل من المتهمين أسرة قد تواجه نفس المصير بسبب أحكام المجتمـع المستعجلة والجائرة !!.