-A +A
محمد المصباحي
** عجبا! حينما تسمع عن إنسان لم يصب بالأرق في زمن تزداد فيه مطالب الحياة يوما بعد الآخر!
** كما تعجب من الذين مروا بهذا الداء ــ ولو لليلة واحدة ــ فسهروا ولم يجدوا حلا يسعفهم، وفوق ذلك ما زال بعضهم يتعايش مع الأرق فيظل على وسادته فاتحا عينيه يجفف عرقه، وينهك عقله وجسده..

** والأغرب أن تجني مكانة الإنسان التي حصل عليها بعقله على نومه الهادئ! أو تكون النعمة سببا لحلول هذه النقمة!
** تلمست من مجالستي للبعض أن معيار الأرق يختلف من شخص لآخر وإن مروا بذات الظروف! فالبعض يصاب به من غير مشكلة حقيقية، وآخرون ينامون رغم المشكلات التي تلاحقهم، ويبقى السر في قوة قلب البعض أو واسع حكمتهم وتهوينهم الأمور ومعالجتها في أوقاتها، أو ضعف الفكر ورقة القلب أو فراغ العقل الذي لا يجيد حكمة التدبير فيستسلم صاحبه لأقل المشكلات، حتى الوهمية منها.
** أجزم.. أن أعدادا غير قليلة من مراجعي العيادات النفسية ممن يشتكون الأرق إنما يصارعون الوهم..
** الحل ليس في العقاقير ــ وإن كانت فعالة ــ لأنها ستظل بمثابة بنادول! إنما في إرادة الإنسان حتى يصل إلى العلاج الحقيقي وهو النوم دون تدخلات..
** ما أجمل أن يبتعد المرء في شبابه عن مآزق الإصابة بالأرق مستقبلا حينما يدرك خطأ المراهقة! وما أجمل أن يواجه الأرق ــ إن لزم الأمر ــ بشجاعة وعقلانية فيتخلص مما يعكر صفو هدوئه بشتى الوسائل، ثم إن لزم الأمر اتجه إلى الطبيب، متخليا عن أفكار المسلسلات: «أنا مجنون»؟!
** يظل النوم الهانئ من النعم التي لو أيقن المرء أن الأقدار تسير بحكمة الإله! وتمعن في قوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، لكان ذلك كفيلا للاطمئنان المفضي إلى إغماض العينين ليلا! ولكن ــ وللأسف ــ ولى أهل هذا الفكر! فبقي السهر مستمرا ــ مع آلامنا ــ رغم رفضنا له.