تتكون مجموعة مهارات التعلم والابتكار، من أربع مهارات هي: التفكير الإبداعي والأصالة، والتفكير الناقد، وأسلوب حل المشكلات، والتواصل والعمل الجماعي. أوضحت في مقال الأسبوع الفائت، المفهوم والمكونات واستراتيجيات التفكير الإبداعي الأصيل، وأتناول بالتوضيح اليوم، ما يخص ذلك بالنسبة للتفكير الناقد. للتسلسل الذي أتبعه في طرح أنواع المهارات المكونة لمجموعة مهارات القرن الحادي والعشرين سبب وجيه؛ إذ يتطلب فهم وإتقان مهارة حل المشكلات، معرفة وإتقان مهارتي التفكير الإبداعي والناقد. فالتفكير الناقد يمكن المتعامل مع أي مشكلة من النظر إليها بعين فاحصة، مجردة من العواطف التي تجعل المتعامل معها يميل نحو حل معين أو طرف دون آخر. وللتفكير الإبداعي دور مهم أيضا في التعامل مع المشكلات إذ من خلاله نصل إلى حلول مبتكرة، لما نواجهه في حياتنا المهنية والشخصية.
يعرف التفكير الناقد، بكونه نمطا في التفكير، مبنيا على أسلوب منضبط، في تحليل المعلومات، وتوليفها وتقييمها، يؤدي إلى الأحكام المسببة المبنية على معايير محددة للحكم على جودة الأفكار والأشياء. تشتمل مهارة التفكير الناقد على ثلاث مهارات رئيسة، وأخرى فرعية هي: التفكير المنطقي المستقل من خلال الملاحظة، وتمييز الحقائق، والتفريق بين المعلومات المتعلقة بالموضوع؛ المرونة من خلال البحث عن الأفكار التي تتستر تحت المشاعر، والمشاعر التي تغطيها الأفكار؛ عدم الحكم المسبق مع التحلي بالشجاعة الأدبية والتواضع، من خلال دقة الملاحظة، وصياغة الأسئلة وطرحها، والتمييز بين الافتراضات الصحيحة والخاطئة.
غالبا ما تقسم استراتيجيات التفكير الناقد إلى ثلاثة أنواع هي: الاستراتيجيات العاطفية، والماكرو إدراكية، والمايكرو إدراكية. والتفكير الناقد ليست مهارة أكاديمية محضة، فالاستراتيجيات العاطفية تخاطب الحاجة إلى التحكم في العواطف، وممارستها لصالحنا. كما يمكن أيضا استخدام الاستراتيجيات العاطفية للحكم على المشاعر، والاستجابة لمشاعر وقيم الآخرين. تخاطب استراتيجيات الماكرو إدراكية ــ التي غالبا ما تدور حول المعلومات ــ الكيفية التي نرى بها المعلومات، والتي نقرر من خلالها إذا ما كانت تلك المعلومات قيمة لاحتياجاتنا. ويتأتى ذلك من خلال الاستماع، والقراءة، والمناقشة الناقدة، وكذلك من خلال التحليل والتقييم. وتمكننا الاستراتيجيات الماكرو إدراكية من تطوير أفكار أكثر نضجا، وأيضا من فهم أفكار الآخرين. وأخيرا، تدور الاستراتيجيات المايكرو إدراكية عموما حول التفكر، واستخدام معلومات معينة. يشمل ذلك توظيف مهارات أخرى مثل المقارنة، والمغايرة، للتعرف على المتشابهات، والفروق البارزة، وتقييم الأدلة، والافتراضات، واستكشاف الآثار والعواقب.
ويتصف التفكير الناقد بكونه يفترض الشك والانفتاح، فلا تؤخذ الأفكار والأشياء على علاتها، بل تفند بدقة وعناية، بحثا عن الحقيقة، وعدم التحيز، فلا تؤخذ المواقف المسبقة لأي سبب، مثل: الميل، أو التفضيل الشخصي، واحترام الدليل العلمي والمنطق، فلا يقبل أي طرح لا يسانده دليل يمكن إثباته علميا ومنطقيا، والوضوح والدقة، فلا مجال للغموض المبني على قلة في المعلومات، أو ضحالة التفكير، وبكونه يتناول المواضيع من زوايا، و وجهات نظر مختلفة ومتعددة، فلا يقبل بالرأي الواحد المفروض بسلطة الجاه، أو المنصب، أو المكانة، وقابل للتحول من موقف لآخر، إذا ما قاد التفكير المنطقي لذلك، فلا مجال للإصرار على رأي لا يوافق المنطق، أو ينقصه الدليل. كما يتصف التفكير الناقد بالقدرة على المناظرة بالحجة والبرهان المبنيين على معلومات القضية المطروحة، من خلال تحليلها، والبناء المنطقي للدفاع عن الرأي المطروح.
يتضمن التفكير الناقد ــ من حيث التطبيق ــ ثلاثة أجزاء متداخلة هي: التداول، والتقييم، والتطبيق. وتتم عملية التفكير الناقد في محاولة التوصل إلى استنتاج حول طائفة من الخيارات الحاسمة حول الموضوع أو المشكلة قيد النظر. وعلى ذلك فإن التفكير الناقد يتم في سياق مداولة بين البدائل الممكنة؛ لتحقيق هدف محدد، ويتطلب التداول، تقييم البدائل، من خلال المقارنة، والمفاضلة بينها لاختيار الأفضل. عادة ما يتم هذا عن طريق تقييم البدائل بناء على المبادئ أو المعايير التي تعكس قيما تبدو مناسبة لذلك في ذات الوقت، وبالتالي، يتطلب التقييم تطبيق معايير لكل من الخيارات. ويمكن هذا الأسلوب من اتخاذ قرار بشأن الخيارات المطروحة في نهاية مرحلة التقييم..
يلعب التفكير الناقد ــ مثله في ذلك كالتفكير الإبداعي ــ دورا مهما في مسيرة الطالب التعليمية، وفي حياته المهنية من بعد دخوله مجال العمل. فليس كافيا أن يتعلم الطالب القراءة، بل الأهم من ذلك، هو تعلم الكيفية التي يتفهم المحتوى الذي يقرؤه من خلال التحليل الناقد. كما أن دراسة مواد العلوم الطبيعية، لا تتقن من خلال حفظ المصطلحات، والقوانين، والتطبيق المباشر لها، بل من خلال تطبيق مهارات البحث العلمي، والتي بنيت أساسا على مهارات التفكير الناقد. وما تدني مستوى الطلاب في اختبار قياس إلا مؤشر واضح، على تدني مهارات التفكير العليا لديهم، والتي من أهمها التفكير الناقد.
للموضوع بقية.
a-batterjee@althikr.edu.sa
يعرف التفكير الناقد، بكونه نمطا في التفكير، مبنيا على أسلوب منضبط، في تحليل المعلومات، وتوليفها وتقييمها، يؤدي إلى الأحكام المسببة المبنية على معايير محددة للحكم على جودة الأفكار والأشياء. تشتمل مهارة التفكير الناقد على ثلاث مهارات رئيسة، وأخرى فرعية هي: التفكير المنطقي المستقل من خلال الملاحظة، وتمييز الحقائق، والتفريق بين المعلومات المتعلقة بالموضوع؛ المرونة من خلال البحث عن الأفكار التي تتستر تحت المشاعر، والمشاعر التي تغطيها الأفكار؛ عدم الحكم المسبق مع التحلي بالشجاعة الأدبية والتواضع، من خلال دقة الملاحظة، وصياغة الأسئلة وطرحها، والتمييز بين الافتراضات الصحيحة والخاطئة.
غالبا ما تقسم استراتيجيات التفكير الناقد إلى ثلاثة أنواع هي: الاستراتيجيات العاطفية، والماكرو إدراكية، والمايكرو إدراكية. والتفكير الناقد ليست مهارة أكاديمية محضة، فالاستراتيجيات العاطفية تخاطب الحاجة إلى التحكم في العواطف، وممارستها لصالحنا. كما يمكن أيضا استخدام الاستراتيجيات العاطفية للحكم على المشاعر، والاستجابة لمشاعر وقيم الآخرين. تخاطب استراتيجيات الماكرو إدراكية ــ التي غالبا ما تدور حول المعلومات ــ الكيفية التي نرى بها المعلومات، والتي نقرر من خلالها إذا ما كانت تلك المعلومات قيمة لاحتياجاتنا. ويتأتى ذلك من خلال الاستماع، والقراءة، والمناقشة الناقدة، وكذلك من خلال التحليل والتقييم. وتمكننا الاستراتيجيات الماكرو إدراكية من تطوير أفكار أكثر نضجا، وأيضا من فهم أفكار الآخرين. وأخيرا، تدور الاستراتيجيات المايكرو إدراكية عموما حول التفكر، واستخدام معلومات معينة. يشمل ذلك توظيف مهارات أخرى مثل المقارنة، والمغايرة، للتعرف على المتشابهات، والفروق البارزة، وتقييم الأدلة، والافتراضات، واستكشاف الآثار والعواقب.
ويتصف التفكير الناقد بكونه يفترض الشك والانفتاح، فلا تؤخذ الأفكار والأشياء على علاتها، بل تفند بدقة وعناية، بحثا عن الحقيقة، وعدم التحيز، فلا تؤخذ المواقف المسبقة لأي سبب، مثل: الميل، أو التفضيل الشخصي، واحترام الدليل العلمي والمنطق، فلا يقبل أي طرح لا يسانده دليل يمكن إثباته علميا ومنطقيا، والوضوح والدقة، فلا مجال للغموض المبني على قلة في المعلومات، أو ضحالة التفكير، وبكونه يتناول المواضيع من زوايا، و وجهات نظر مختلفة ومتعددة، فلا يقبل بالرأي الواحد المفروض بسلطة الجاه، أو المنصب، أو المكانة، وقابل للتحول من موقف لآخر، إذا ما قاد التفكير المنطقي لذلك، فلا مجال للإصرار على رأي لا يوافق المنطق، أو ينقصه الدليل. كما يتصف التفكير الناقد بالقدرة على المناظرة بالحجة والبرهان المبنيين على معلومات القضية المطروحة، من خلال تحليلها، والبناء المنطقي للدفاع عن الرأي المطروح.
يتضمن التفكير الناقد ــ من حيث التطبيق ــ ثلاثة أجزاء متداخلة هي: التداول، والتقييم، والتطبيق. وتتم عملية التفكير الناقد في محاولة التوصل إلى استنتاج حول طائفة من الخيارات الحاسمة حول الموضوع أو المشكلة قيد النظر. وعلى ذلك فإن التفكير الناقد يتم في سياق مداولة بين البدائل الممكنة؛ لتحقيق هدف محدد، ويتطلب التداول، تقييم البدائل، من خلال المقارنة، والمفاضلة بينها لاختيار الأفضل. عادة ما يتم هذا عن طريق تقييم البدائل بناء على المبادئ أو المعايير التي تعكس قيما تبدو مناسبة لذلك في ذات الوقت، وبالتالي، يتطلب التقييم تطبيق معايير لكل من الخيارات. ويمكن هذا الأسلوب من اتخاذ قرار بشأن الخيارات المطروحة في نهاية مرحلة التقييم..
يلعب التفكير الناقد ــ مثله في ذلك كالتفكير الإبداعي ــ دورا مهما في مسيرة الطالب التعليمية، وفي حياته المهنية من بعد دخوله مجال العمل. فليس كافيا أن يتعلم الطالب القراءة، بل الأهم من ذلك، هو تعلم الكيفية التي يتفهم المحتوى الذي يقرؤه من خلال التحليل الناقد. كما أن دراسة مواد العلوم الطبيعية، لا تتقن من خلال حفظ المصطلحات، والقوانين، والتطبيق المباشر لها، بل من خلال تطبيق مهارات البحث العلمي، والتي بنيت أساسا على مهارات التفكير الناقد. وما تدني مستوى الطلاب في اختبار قياس إلا مؤشر واضح، على تدني مهارات التفكير العليا لديهم، والتي من أهمها التفكير الناقد.
للموضوع بقية.
a-batterjee@althikr.edu.sa