قبل عدة سنوات كانت لأساتذة الجامعات حجة في الانصراف عن البحث العلمي وكانت حجتهم داحضة عندما كان الدعم المالي شحيحا خاصة البحوث التجريبية التي تحتاج إلى معامل وأجهـزة وبرامج ومواد، لكن اليوم ليس كالأمس فلم تعد تلك الحجة تغني عن الحق شيئا، والمجلس الأعلى للتعليم العالي في جلسته الأخيرة وبموافقة كريمة من خادم الحرمين الشريفين تمت الموافقة على إنشاء ثمانية مراكز تميز كلها في الجامعات الناشئة الجديدة وقد تم اختيار تخصصات ومهام تلك المراكز بعناية وتنوع بحيث لايتكرر وجود تلك المراكز في الجامعات، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من مراكز التميز في الجامعات العتيقة وهذه المراكز سواء منها القديم أو الجديد في جميـع الجامعات تعد بحق انطلاقة بحثية ووثبة حضارية خلفها بعد الله معالي وزيـر التعليم العالي الدكتور خالد العنقري فكرة ودعما وتشجيعا، ومـع أن عمرها كتجربة لم يتجاوز الثماني سنوات ألا أنه يمكن اعتبارها حراكا بحثيا جديدا في الجامعات ولكن قبل أن تمضي الوزارة قدما في اعتماد الجديد والكثير من مراكز التميز البحثي عليها أن تقيم التجربة لتصقلها. ولاطلاعي على سير العديد من تلك المراكز في الجامعات ومعرفتي الوثيقة بمراكز التميز خاصة بجامعة الملك عبدالعزيز حيث هي الرائدة في هذا المضمار والجامعة الأولى على مستوى جامعات المملكة ولا أقول هذا تحيزا لكنه واقع تشهد له الوزارة بذلك، وحرصا على تميز هذه المراكز الحالية والمستقبلية في جميـع الجامعات فإنني أرى أنها بحاجة إلى خطوات تصحيحية في أوضاعها تجعلها أحسن عطاء وأجمل بهاء وأكثر رخاء، وأول خطوة تصحيحية هي تحقيق ما تصبو إليه الوزارة من تحويلها مستقبلا إلى مراكز ثابتة لتخصصات علمية تنافس المراكز العالمية وعندما يحتاجها الوطن يجدها، وثاني خطوة تصحيحية هي ما له علاقة في الإشراف على هذه المراكز أو مديري المراكز حيث إن بعضا منها وضعت تحت إشراف غير متفرغ أو أعطي له المركز مجاملة فكان الإهمال وعدم الإنجاز ، والبعض الاخر نظرته لها نظرة تملك وأقرب لأن تسور بشبك مكتوب على بابه ممنوع الدخول وهو نتيجة غياب مفهوم العمل الجماعي الوطني في البحث العلمي وتحكم ذهنية التفرد بحجة أنها أنشئت بجهد فرد أو مجموعة أفـراد ولعل مما يعمق مفهوم التملك هو بقاء الإشراف عليها لمدة طويلة من قبل شخص واحد، وثالث خطوة تصحيحية هي التأكيد على سلامة الهدف ألا وهو أن تكون محضنا للجيل الجديد من الأساتذة السعوديين وعدم تحولها إلى شركة مكتظة بالباحثين من جميـع دول العالم إلا المملكة العربية السعودية وتظل فقط مراكز تمطـر بعشرات الأبحاث باسم مدير المركز وبعضا ممن هم حوله وهذا خطأ لأن هذه المراكز إذا لم تكن لأبناء الوطن فإنها عديمة الفائدة مع كل الحرص للاحتكاك وجذب بعض الباحثين المميزين عالميا. أما الخطوة التصحيحية الرابعة فهي تفعيل دور الأقسام العلمية والتعاون البحثي معها وتبني طلاب وطالبات دراسات عليا تحت إشراف الأقسام العلمية. أما الخطوة التصحيحية الخامسة وهي مهمة جدا فهي تفعيل مجالس إدارتها وربطها كليا بعمادة البحث العلمي لكي تصبح تحت مظلة إشرافية تكون معها في سرائها وضرائها وهذا يقتضي على الجامعات الكبيرة مثل جامعة الملك عبدالعزيز والتي بها العديد من مراكز التميز وبها حراك بحثي واسع وناجح أن يكون بها وكيل للجامعة لشؤون البحت العلمي وأن تنفصل وكالة الجامعة للدراسات العليا وتصبح مستقلة لتقوم هي الأخرى بدورها وتتفرغ له وذلك لتوسع دائرتها.
Prof.skarim@gmail.com
Prof.skarim@gmail.com