رأيتني أجلس على كرسي وثير، في مكتب فخم وكبير، العاملون يقفون أمام مكتبي، هذا ينتظر توقيعا، وذاك يطلب نصيحة، وثالث يرغب في إلقاء قصيدة تمجد في إدارتي، وآخر يرغب في كتابة مقال يذكر فيه محاسني، وخامس يود أن «يولم» لي في بيته ويذبح الخرفان المخصوصة لحضرتي. الكل يقف على مكتبي يحاول التقرب، لينال رضاي.
أصدرت تعليماتي بمنع الجميع عن الدخول. وفجأة ظهر عامل قصير القامة، أسمر البشرة، قبيح الوجه، أشعث، أغبر وطلب أن يدخل إلى مكتبي. استغرب الجميع أنه تجرأ بطلب الدخول والحديث معي..! وتصدى له مدير مكتبي حسب توجيهاتي، ولكن العامل أصر أن يدخل، وتصاعد الحوار، وتعالت الأصوات، سمعت الجدل، فأمرت مدير مكتبي بالحضور، وأخبرني بما حدث. فأمرت بإدخال العامل.
ووقف أمامي رجل لم أره في حياتي من قبل رغم أنني أدير هذا الصرح منذ زمن، نظر لي بثقة وقال: «جئتك اليوم أطلب منك أن تساهم معي في عمل إنساني». قلت: ومن أنت حتى تطلب مثل هذا الطلب مني؟ وتصاعدت حمى الحوار بيننا وتجاذبنا حديثا ساخنا، حتى اقتنعت.
فتحت دولابا سريا بجدار مكتبي الضخم وأخرجت «مليون» كنت للتو استلمتها مكافأة عن أعمال العام الماضي وسلمتها للرجل «الغريب»، على أمل أن تأتي ملايين أخرى لاحقا.
وخرج أمام العاملين منتصرا وسط استغراب الجميع. دارت الأيام، فصلت من الشركة بعد خلافات بيني وبين الملاك ورئيس مجلس الإدارة.
تغير الحال، وانقلب الزمن، وبدأ الوهج يخبو، والصحة تذهب، والفقر يطرق أبوابي المفتوحة، ويدخل علي دون انتظار ولا مدير مكتب فقد غادر العز بلا رجعة. مشيت في الشوارع المظلمة وحيدا، جائعا، مشردا، لا أحد يسأل عني، ولا أحد يعرفني. وفجأة وجدت قصرا كبيرا، جميلا، لامعا، أدهشني من رونقه العجيب. وعلى باب القصر وجدت رجلا طويل القامة، أبيض البشرة، مشرق الطلة، هندامه مرتب بعناية. بالكاد تمكنت من تمالك نفسي من إنهاك الجوع، والمرض، والفقر. نظر لي الرجل بسعادة كبيرة، وابتسم لي «ابتسامة» دائما ما أتذكرها وأنا أجلس في قصري الفسيح، تحيط بي الأشجار من كل جانب. وصوت «الماء» يجلجل في المكان.
hishamk32@gmail.com
أصدرت تعليماتي بمنع الجميع عن الدخول. وفجأة ظهر عامل قصير القامة، أسمر البشرة، قبيح الوجه، أشعث، أغبر وطلب أن يدخل إلى مكتبي. استغرب الجميع أنه تجرأ بطلب الدخول والحديث معي..! وتصدى له مدير مكتبي حسب توجيهاتي، ولكن العامل أصر أن يدخل، وتصاعد الحوار، وتعالت الأصوات، سمعت الجدل، فأمرت مدير مكتبي بالحضور، وأخبرني بما حدث. فأمرت بإدخال العامل.
ووقف أمامي رجل لم أره في حياتي من قبل رغم أنني أدير هذا الصرح منذ زمن، نظر لي بثقة وقال: «جئتك اليوم أطلب منك أن تساهم معي في عمل إنساني». قلت: ومن أنت حتى تطلب مثل هذا الطلب مني؟ وتصاعدت حمى الحوار بيننا وتجاذبنا حديثا ساخنا، حتى اقتنعت.
فتحت دولابا سريا بجدار مكتبي الضخم وأخرجت «مليون» كنت للتو استلمتها مكافأة عن أعمال العام الماضي وسلمتها للرجل «الغريب»، على أمل أن تأتي ملايين أخرى لاحقا.
وخرج أمام العاملين منتصرا وسط استغراب الجميع. دارت الأيام، فصلت من الشركة بعد خلافات بيني وبين الملاك ورئيس مجلس الإدارة.
تغير الحال، وانقلب الزمن، وبدأ الوهج يخبو، والصحة تذهب، والفقر يطرق أبوابي المفتوحة، ويدخل علي دون انتظار ولا مدير مكتب فقد غادر العز بلا رجعة. مشيت في الشوارع المظلمة وحيدا، جائعا، مشردا، لا أحد يسأل عني، ولا أحد يعرفني. وفجأة وجدت قصرا كبيرا، جميلا، لامعا، أدهشني من رونقه العجيب. وعلى باب القصر وجدت رجلا طويل القامة، أبيض البشرة، مشرق الطلة، هندامه مرتب بعناية. بالكاد تمكنت من تمالك نفسي من إنهاك الجوع، والمرض، والفقر. نظر لي الرجل بسعادة كبيرة، وابتسم لي «ابتسامة» دائما ما أتذكرها وأنا أجلس في قصري الفسيح، تحيط بي الأشجار من كل جانب. وصوت «الماء» يجلجل في المكان.
hishamk32@gmail.com