أوضح القنصل العام للجمهورية الإيطالية في جدة سيموني بتروني، أن العلاقات السعودية الإيطالية بنيت على أسس متينة وساهمت بذلك في تطور أواصر الروابط بين البلدين على جميع الأصعدة والمستويات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
وأكد القنصل في حوار لـ«عكاظ» أن الاحتفالية بمناسبة مرور أكثر من 80 عاما على العلاقات السعودية الإيطالية أظهرت قدر وحجم العلاقات المتميزة والقوية بين البلدين، الأمر الذي ينعكس بكل تأكيد على الصورة المشرقة للتعاون البناء، إذ تخللت الاحتفالية فعاليات ثقافية وتراثية لها دور هام في توثيق تاريخ العلاقات بين البلدين، وإلى تفاصيل الحوار:
• ما تصوركم العام عن الاحتفالية الخاصة بمناسبة مرور 80 عاما على العلاقات بين المملكة وإيطاليا؟
هذه الاحتفالية بالتأكيد حدث كبير واحتفاء بالعلاقات التاريخية المميزة، التي استمرت بصورة إيجابية وبناءة، منذ انطلاقتها مطلع شهر شوال عام 1350هـ، الموافق فبراير 1932م، بعد توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين، وأنا شخصيا توقعت نجاح تنظيمها، خاصة أن الجهات القائمة على هذه المناسبة حظيت بوقت كافٍ للتحضير، إلى جانب أن الاحتفالية كانت ستقام العام الماضي، ولكنها أجلت للعام الميلادي الحالي لبعض الظروف التنظيمية.
وهذه المناسبة حضرها العديد من الشخصيات القيادية رفيعة المستوى من كلا الطرفين، كما أنها عقدت حوارات دبلوماسية واقتصادية وثقافية خلال فعاليات المنتدى السعودي الإيطالي، وتخللها أيضا العديد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية والمحاضرات والعروض الفلكلورية، التي تهدف إلى التعريف بثقافة البلدين وتقارب الشعبين، ونظرا لذلك فإن برنامج المناسبة مكثف ومحاوره مميزة بلا شك وبحجم الحدث.
• على الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ مؤخرا قرابة 40 مليار ريال، إلا أنه لا يزال على غير المستوى المأمول لدى الكثير من المستثمرين، كيف ترى هذا الأمر؟
حجم التبادل التجاري يزداد سنويا لكلا الطرفين، وحتى خلال الأزمة المالية العالمية في السنوات الثلاث الماضية، ولكن نسبة الزيادة في التبادل مازالت غير مرضية، وهذا الأمر يعود إلى محدودية التنوع والتوسع في أنواع الصادرات من كلا الطرفين، فصادرات المملكة إلى إيطاليا ترتكز على ما يتعلق بالمنتجات النفطية بشكل كبير، ومن جانبنا نقوم بتصدير ماركات الأزياء والتصميم الداخلي والمعماري والمنتجات الشهيرة، لكن في الآونة الأخيرة، ومع انطلاق مشاريع ضخمة في المملكة أصبح هناك مجالات استثمارية جديدة جذبت عددا كبيرا من الشركات الإيطالية بأحجامها المتعددة في قطاعات مختلفة، مثل الصناعة والتعمير والإنشاء والتقنية، بدأت في الدخول في شراكات استثمارية في المملكة لأول مرة، وهو ما سينعكس إيجابيا على اقتصادات البلدين قريبا، ويوسع من حجم الاستثمارات وتنوعها.
• خلال الستينات وحتى منتصف الثمانينات الميلادية من القرن الماضي بلغت أعداد المقيمين الإيطاليين في المملكة قرابة المائة ألف، ولكن في السنوات الأخيرة انخفضت إلى قرابة الألف مقيم فقط، ما السبب في ذلك؟
نعم هذا الكلام صحيح، ولكن في الماضي وخلال الفترات التي ذكرتها، كانت هناك أعداد كبيرة من العمالة الإيطالية في مجالات الإنشاء والتعمير، وهذه العمالة استبدلت في السنوات الماضية في المجالات الذكورة بالعمالة الآسيوية؛ بسبب ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة الأوروبية بشكل عام، والمقيمون الحاليون غالبيتهم يعملون في مناصب استشارية مرموقة وخبراء ومستثمرون، وهو ما يفسر انخفاض أعدد الجالية الإيطالية.
• الكثير من السياح ورجال الأعمال يتذمرون من كثرة الاشتراطات، وطول الإجراءات الخاصة بإصدار تأشيرة «شنجن»، هل من خطوات اتخذت لتسهيل الإجراءات؟ وما فرص الحصول على تسهيلات أكثر للدخول إلى أوروبا من دون هذه التعقيدات؟
مؤخرا بدأنا في تقديم تسهيلات كثيرة من حيث الإسراع في إصدار التأشيرات، ولم تعد تستغرق اليومين، بل وفي حالات عدة استلم البعض تأشيرة «شنجن» في نفس اليوم، ولكن يجب أن نوضح أن الإجراءات ليست مقتصرة فقط على السفارات والقنصليات الأوروبية، بل هناك إجراءات تتم مع مكاتب الخارجية في الدول الأوروبية، وبالتالي يحدث تأخير في بعض الحالات.
أما بالنسبة لاشتراطات تأشيرة الدخول فهي مبنية على معاهدات مفروضة من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومن الصعب إلغاء التأشيرة أو إعطاء امتيازات خاصة لرجال الأعمال على سبيل المثال، إلا في حدود الدولة المانحة لهذا الامتياز، وبالتالي إن حصل البعض على تسهيلات وامتيازات بدخول إحدى الدول الأوروبية دون تأشيرة فلن يستطيع التنقل داخل الاتحاد الأوروبي إلا داخل حدود الدولة، التي صرحت له بدخولها دون تأشيرة، إن كان الأمر كذلك، وسيحتاج موافقة كل دولة يريد زيارتها.
• نعود إلى الاحتفالية التي انطلقت أمس الأول بمناسبة مرور 80 عاما على العلاقات بين البلدين، ما الذي تأمل تحقيقه من خلالها؟
العلاقات التاريخية بين البلدين بنيت على أسس متينة، كما أوضحنا سلفا، وبالتالي ستظل في تطور دائم، ونحن في هذا المحفل الكبير نحتفي بمنجزات العلاقة، وفي حدث كبير مثل هذه الاحتفالية أتمنى أن تساهم محاور الفعاليات سواء في صعيد الحوار الدبلوماسي أو الاقتصادي والثقافي، وما يتخللها من محاضرات وندوات في التقريب بين المجتمعات، وإعطاء الصورة الحقيقية الزاهية عن ثقافة المجتمعات الشرقية والغربية على السواء.