من أكثر الأخبار إثارة وتداولا في مثل هذه الأيام المباركة، ذلك الخبر الذي يتحدث عن أن الحج أنهى قطيعة أب وابنه أو أنهى قطيعة شقيقتين أو اثنين من الأصدقاء دامت لأكثر من عشرين سنة، وأن سبب القطيعة يعود إلى (وجود خلاف قديم) حول مطالبة أحد الأطراف بحقه الشرعي في التركة أو إصرار أحد الأطراف على نهج وسلوك معين ترفضه عادات وتقاليد العائلة، أو بسبب اشتباك أو تلاسن حدث بينهما لأمر ما ونجح المتواجدون في فضه، إلا أن أحدهما فضل الرحيل درءا للمواجهة وعملا بالمثل القائل (أبعد عن الشر وغني له) فكان هذا اللقاء بعد كل هذه السنين مفعماً ــ كما صور لنا ـــ بالعناق المتواصل والدموع ولوعة الفراق!!
من جهتي أرى أن هذه المشاعر لحظية، ونتاج طبعي لما يعيشه الحاج في حينه من مشاعر دينية تكرسها هذه الشعيرة المباركة، بعدها سيمضي كل منهما إلى حال سبيله، ليكمل خط سير حياته كما رسمه لنفسه لحظة وقوع الحادثة حين أعلنها صراحة (يا آخذ حقي يا أنا من طريق وأنتم من طريق)، أيام وأشهر وسنين طويلة من القطيعة لم يلتفت أي منهما ولم يأبه لمشاعر الآخر، عاشا متباعدين، لكل منهما همومه ومشاكله اليومية التي أسهمت في زيادة الشقاق وقطع حبال الوصل بينهما، لن تعيدها من جديد صدفة غريبة جمعتهما دون ميعاد، ولن يغامر كل منهما في إعادة العلاقة إلى سابق عهدها، وهدم كل الأشياء المهمة التي بناها بجهده وعرقه، وإلا فإن ذلك سيفتح جرحاً عميقاً ومؤلماً يصعب تضميده أو تجاهله!؟
اتفهم بالطبع وعيناي تغرورقان بالدموع لحظة بث ذلك المشهد للقاء أم مكلومة ابنها الأسير ساعة الإفراج عنه، أو لحظة عناق أم بابنها الذي فرقته عنه ظروف الحياة الصعبة وأب لا يحمل في قلبه ذرة رحمة كان سبباً في قطيعتهما لزواجه دون ترخيص أو لطلاقه ومنعه لحق الزيارة مما أسفر عن ذلك عيش الأم في بلد والابن في بلد آخر، ليصبح هم كل منهما في هذه الحياة رؤية الآخر قبل أن يدركه الموت، هنا لا وجود للخصام أو الضغينة بين الطرفين، وإنما جاء البعد لأسباب خارجة عن إرادتهما، هنا يمكن لكل منهما أن يملأ بالوصال الفراغ الذي خلفه في حياة من يحبه ويعوضه عن سنين الحرمان التي لطالما عاناها لحظة بلحظة.
كثير من الجرائم البشعة التي ترتكب في محيط العائلة أو المجتمع الواحد يكون تفسيرها (لوجود خلاف قديم) فأيهما أفضل أن يبتعد الإنسان غير المرغوب فيه ليكف شره عمن هم حوله، أو يتمسك بعناده (واللي في راسه) ويصر على البقاء في جو مشحون الصدام فيه قائم ومحتمل في كل لحظة، لا شك أن القطيعة فوق ثلاث ليال منهي عنها، ولكنها تستثني إذا كان الغرض من الهجر إصلاح دين وأخلاق الهاجر والمهجور، ويمكن القياس على ذلك إذا ما كان الهجر سيكف الشر عنهما حتى لا يقع بدوام تواصلهما ما لا تحمد عقباه.
من جهتي أرى أن هذه المشاعر لحظية، ونتاج طبعي لما يعيشه الحاج في حينه من مشاعر دينية تكرسها هذه الشعيرة المباركة، بعدها سيمضي كل منهما إلى حال سبيله، ليكمل خط سير حياته كما رسمه لنفسه لحظة وقوع الحادثة حين أعلنها صراحة (يا آخذ حقي يا أنا من طريق وأنتم من طريق)، أيام وأشهر وسنين طويلة من القطيعة لم يلتفت أي منهما ولم يأبه لمشاعر الآخر، عاشا متباعدين، لكل منهما همومه ومشاكله اليومية التي أسهمت في زيادة الشقاق وقطع حبال الوصل بينهما، لن تعيدها من جديد صدفة غريبة جمعتهما دون ميعاد، ولن يغامر كل منهما في إعادة العلاقة إلى سابق عهدها، وهدم كل الأشياء المهمة التي بناها بجهده وعرقه، وإلا فإن ذلك سيفتح جرحاً عميقاً ومؤلماً يصعب تضميده أو تجاهله!؟
اتفهم بالطبع وعيناي تغرورقان بالدموع لحظة بث ذلك المشهد للقاء أم مكلومة ابنها الأسير ساعة الإفراج عنه، أو لحظة عناق أم بابنها الذي فرقته عنه ظروف الحياة الصعبة وأب لا يحمل في قلبه ذرة رحمة كان سبباً في قطيعتهما لزواجه دون ترخيص أو لطلاقه ومنعه لحق الزيارة مما أسفر عن ذلك عيش الأم في بلد والابن في بلد آخر، ليصبح هم كل منهما في هذه الحياة رؤية الآخر قبل أن يدركه الموت، هنا لا وجود للخصام أو الضغينة بين الطرفين، وإنما جاء البعد لأسباب خارجة عن إرادتهما، هنا يمكن لكل منهما أن يملأ بالوصال الفراغ الذي خلفه في حياة من يحبه ويعوضه عن سنين الحرمان التي لطالما عاناها لحظة بلحظة.
كثير من الجرائم البشعة التي ترتكب في محيط العائلة أو المجتمع الواحد يكون تفسيرها (لوجود خلاف قديم) فأيهما أفضل أن يبتعد الإنسان غير المرغوب فيه ليكف شره عمن هم حوله، أو يتمسك بعناده (واللي في راسه) ويصر على البقاء في جو مشحون الصدام فيه قائم ومحتمل في كل لحظة، لا شك أن القطيعة فوق ثلاث ليال منهي عنها، ولكنها تستثني إذا كان الغرض من الهجر إصلاح دين وأخلاق الهاجر والمهجور، ويمكن القياس على ذلك إذا ما كان الهجر سيكف الشر عنهما حتى لا يقع بدوام تواصلهما ما لا تحمد عقباه.