-A +A
رؤى صبري
منذ بضع سنين والمملكة تخطو خطوات جبارة في مجال التعليم بدأت بتوفير الأرضية المناسبة للتعليم بشقيه العام والعالي عبر إنشاء آلاف المدارس وعشرات الجامعات والكليات والمعاهد العليا، مرورا بإنشاء جامعة الأميرة نورة بمدينة الرياض عام 2008 م التي تستوعب أكثر من 40 ألف طالبة كأول جامعة سعودية يجري تخصيصها للبنات فقط ، ثـم جامعة الملك عبدالله عام 2009م على شاطئ «ثـول» شمال مدينة جدة والتي خصصت للأبحاث والدراسات العليا ، ثم ببرامج الابتعاث لدراسة البكالوريوس والدراسات العليا وتوجت ذلك بتخصيص 204 مليار ريال خلال ميزانية العام الحالي لقطاع التعليم العام والعالي وتدريـب القوى العاملة وتحسين البيئة التعليمية وتطويرها.
هذه النهضة يدرك أهميتها الكثير من أبناء الشعب السعودي لأنهم يعون أهمية التعليم وقدرته على التغيير والتقدم للأفضل، لكننا على الرغم من ذلك مازلنا متأخريـن في التعليم مقارنة بالدول الأخرى، وهذا يتطلب إعادة النظر في سياسة التعليم العالي في المملكة لتجاري مثيلاتها في الدول المتقدمة حتى تكون مخرجات التعليم العالي ملبية لمتطلبات السوق من جهة وبرامج التنمية من جهة أخرى ، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن مسيرة التنمية التي نخوضها يشارك فيها إلى جانبنا مئات الآلاف من الوافدين الحاصلين على المؤهلات الجامعية والكثير منهم أيضا يتأمل أن يكمل دراساته العليا في المملكة ومع ذلك يجد رفضا قاطعا لأسباب عدة.

والواقع أن هذا الوضع لم يستغل بطريقة صحيحة لصالح التنمية في المملكة، لأننا إذا أوجدنا فرصا تعليمية للوافدين وحصلوا على دراسة جيدة سيعطي ذلك سمعة ممتازة عن المملكة وقوة نظام التعليم فيها ، مما يسهم في منحها مكانة عالمية كما سيمنح جامعات المملكة مكانة علمية رفيعة ، هذا بالإضافة إلى المساهمة بدعم وتطويـر الأبحاث العلمية التي نحتاجها في المملكة والوطن العربي على مستويات واسعة.
أعرف مسبقا الاعتراض على هذا الطرح بحجة أن الجامعات في السعودية الآن لا تكاد تستوعب أبناء الوطن فكيف بالوافدين؟ ، وأرد قائلة: إنه يجب إنشاء جامعات جديدة تشمل أقساما عديدة ومسارات جديدة مما يسمح باستيعاب كل المتقدمين ويخلق فرص عمل إداريـة خصوصا للحاصلين على شهادات الدكتوراه والعائدين من الابتعاث، إضافة إلى المنفعة المادية التي ستعود على الجامعات من رسوم الدراسة التي سيقوم الطلاب غير السعودين بدفعها.
وهذه الإستراتيجية كذلك ستساعد على إيجاد كوادر جيدة من الوافدين للاستفادة منهم في سوق العمل، كما أنها ستخلق فرصة لإكمال الدراسات العليا لأبناء الوطن الذين لا يريدون أن يتركوا وظائفهم عبر ما يسمى بالدوام الجزئي خاصة أن الشهادات التي يتـم الحصول عليها بهذه الطريقة غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي..
وأخـيرا، لابد من معرفة أن هناك عدة فوائدة سوف نجنيها عند إتاحة فرص تعليمية جديدة للمقيمين ولأن اللحاق بركب العالم المتقدم والسريـع لن يتـم بدون تعليم متطور وحديث لأنه وحده سبيلنا للنهوض بالوطن أرضا وإنسانا.