ابن الحزب العتيق، تحدث عن مسيرة الحزب والقيادات التي تولت الصدارة في حكم حافظ الأسد، معتبرا أن الشخصيات التي بقيت مع الأسد بعد انقسام الحزب هي من الدرجة الثانية والثالثة.
عبدالحليم خدام، الذي تحدث بإسهاب عن الحرب الأهلية اللبنانية، قال إن الزعيم الراحل كمال جنبلاط تحدث مع الرئيس الراحل حافظ الأسد لمدة 6 ساعات من أجل التوصل إلى توافق لوقف الحرب الأهلية اللبنانية، إلا أن نتيجة القاش كانت بلا اتفاق.
وقال «لو وافقت سوريا على طلب جنبلاط بإمداده بالسلاح لدخلت إسرائيل على خط الحرب الأهلية اللبنانية»، مؤكدا أن سوريا كانت تخشى من تحركات إسرائيل في لبنان، باعتبار لبنان الخاصرة اللينة نحو دمشق..
ورفض خدام في حديثه الموسع لـ«عكاظ» أي اتهامات ضده حول تأييده التطبيع مع إسرائيل، معتبرا أن كل من يتحدث بهذا الأمر إما مجنون أو لا يعرف تاريخ عبدالحليم خدام في السياسة الخارجية السورية.. فإلى تفاصيل الحوار:
• كنت السني الوحيد المقرب من الأسد؟
لا لم أكن السني الوحيد في الحكومة بل الغالبية من السنة ولكنني كنت السني الوحيد المؤثر في قرارات حافظ الأسد.
المشكلة التي برزت بعد ذلك أن الحزب بعد حركة تشرين الثاني انقسم: قسم كان معنا، وقسم كان ضدنا مع القيادة السابقة، ومن ثم عندما اخترنا قيادة قطرية مؤقتة عمليا كان الاختيار من الصف الثاني والثالث بالحزب وصار هناك فرق من حيث الخبرة والتجربة.. فجاء جيل جديد للقيادة وجيل جديد للحكم.. كانت هناك تعثرات وهو أمر طبيعي بهذه الظروف.
• كيف كان تأثيرك على حافظ الأسد؟
أولا: في صلات مع الرجل في الواقع.. نعرف بعضنا منذ 47 ونحن من منطقة واحدة من اللاذقية.
ثانيا: عندما أمسك بقضية أدرسها بشكل جيد من مختلف جوانبها وأطرح الموضوع بحيث لا أترك فرصة أو ثغرة فيه تثير النقاش حولها.. أما حافظ الأسد كان مشغولا بشكل أساسي بالقضايا الداخلية وإعادة تشكيل الجيش.
• يعني ذلك أن لك التصرف المطلق في السياسة الخارجية؟
لا.. ما في شك أن حافظ الأسد كانت له علاقة بالسياسة الخارجية لأنه رئيس دولة والفصل في القرارات لا يمكن أن يتم إلا بموافقته.. لكن أنا كنت أعد السياسة وأعد القرار وأعد المشروع وأتناقش معه في ذلك.
• كنت وزيرا للخارجية وكان لك دور كبير في المنطقة العربية وبشكل خاص في الملف اللبناني وفاوضت كمال جنبلاط أثناء الحرب الأهلية؟
كمال جنبلاط كان صديقا لسوريا وهو رجل وطني لاشك، ولما وقعت الحرب الأهلية في لبنان قررنا إطفاء الحرب وإنهاءها لأن استمرارها يؤدي إلى تدخل إسرائيل باعتبار أن كثيرا من اللبنانيين حوصروا من قبل القوى الوطنية، وما عاد عندهم تنفس إلا الدول الغربية أو إسرائيل. خفنا أن يستنجد هؤلاء بإسرائيل، وفعلا اتجهوا إلى إسرائيل.. هذا الأمر صار هاجسا لنا بحيث إذا دخلت إسرائيل على المنطقة ستأخذ لبنان كله، وتصبح إسرائيل على حدود سوريا الجنوبية من طرابلس شمال لبنان حتى الحدود الأردنية.. وهذا أمر يؤذي مصالحنا من جهة، ومن جهة أخرى يضيع لبنان، وليس من مصلحتنا أن يتم تفكيك لبنان، ولم تكن لدينا طموحات بلبنان ولا تحقيق وحدة مع لبنان.. نفكر بالوحدة مع موريتانيا قبل لبنان لأننا نعرف أن ظروف لبنان معقدة ولا يجب الانجرار وراء قرار يزيد الأمر تعقيدا في المنطقة.
المرحوم كمال جنبلاط كان متشددا في رفض وقف الحرب واختلفنا كثيرا معه.. التقيته عدة مرات مع العماد حكمت الشعبي والعماد ناجي جميل وأصر على استمرار الحرب ولا تفاوض على هذه النقطة.
في إحدى الليالي اتصل بي ياسر عرفات على الساعة 12 بالليل وقال «شفت كمال بيك وعنده رغبة في زيارة سوريا ويقدم موافقته للرئيس حافظ الأسد على إنهاء الموضوع»..
• هل نجح ياسر عرفات في ما فشلت أنت فيه مع كمال جنبلاط؟
هنا مربط الفرس.. ناقشت الموضوع مع حافظ الأسد قال لي «تأكد من أبو عمار إذا الكلام صحيح أم لا».. اتصلت بياسر عرفات وقلت له «هل أنت متأكد مما قاله لك جنبلاط؟» رد علي ياسر عرفات وقال «أعوذ بالله لما حكيت معك كنت خارج من بيته» قلت له: «إذاً أهلاً وسهلاً».. وجاء كمال جنبلاط واجتمع بالرئيس حافظ الأسد لمدة ست ساعات.. حافظ الأسد يحكي عن وقف الحرب وانعقاد مؤتمر وطني وكمال جنبلاط يقول له: «سيادة الرئيس إذا ممكن تعطينا كم مدفع وبعض الذخيرة».
طبعا هو يطلب السلاح حتى يكمل الحرب ويقضي على الموارنة ويحرر بكفية وجولي والمناطق المسيحية المتبقية.
بعد ست ساعات خرجا بدون اتفاق.. ورفضنا مطالبه ولو وافقنا لحظتها لدخلت إسرائيل لبنان مباشرة.
وفي 21 يناير 1976، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار. ومع ذلك في مرحلة لاحقة استطاعت إسرائيل دخول لبنان.
• كنت صانعا للحكومات التي تشكلت بلبنان أو على الأقل شاركت ببصماتك فيها؟
عمليا كل الحكومات التي تشكلت في لبنان كانت صديقة لسوريا وبالتالي كل القضايا السياسية التي لها علاقة بالأمن تتم بين قيادة الجيش السوري بلبنان وبين السلطات العسكرية اللبنانية. العلاقات المتعلقة بالسياسة الأمنية والسياسة العامة تتم بمناقشات بيننا وبين الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء اللبناني. لذلك سياسة لبنان الخارجية متلائمة مع السياسة الخارجية السورية، وعندما يعقد مؤتمر عربي أو لقاء عربي يتبنى لبنان الموقف السوري مباشرة، كان هذا هو واقع الحال.
• هل حاولت أن تدفع سوريا للتطبيع مع إسرائيل أثناء تواجدك في الحكم؟
أنا قطعت كل الطرق أمام إسرائيل ووقفت أمام أطماعها وكنت عدوها الأكبر. فكيف أدفع بالتطبيع معها؟ الذي يتحدث بمثل هذا الحديث هو واحد من اثنين، إما مجنون، أو واحد حاقد وله أغراضه، ولا أحد يمكنه الطعن في تاريخي ولا أحد يستطيع أن يصمني وصمة سوء في وطنيتي وعملي الوطني.
عبدالحليم خدام، الذي تحدث بإسهاب عن الحرب الأهلية اللبنانية، قال إن الزعيم الراحل كمال جنبلاط تحدث مع الرئيس الراحل حافظ الأسد لمدة 6 ساعات من أجل التوصل إلى توافق لوقف الحرب الأهلية اللبنانية، إلا أن نتيجة القاش كانت بلا اتفاق.
وقال «لو وافقت سوريا على طلب جنبلاط بإمداده بالسلاح لدخلت إسرائيل على خط الحرب الأهلية اللبنانية»، مؤكدا أن سوريا كانت تخشى من تحركات إسرائيل في لبنان، باعتبار لبنان الخاصرة اللينة نحو دمشق..
ورفض خدام في حديثه الموسع لـ«عكاظ» أي اتهامات ضده حول تأييده التطبيع مع إسرائيل، معتبرا أن كل من يتحدث بهذا الأمر إما مجنون أو لا يعرف تاريخ عبدالحليم خدام في السياسة الخارجية السورية.. فإلى تفاصيل الحوار:
• كنت السني الوحيد المقرب من الأسد؟
لا لم أكن السني الوحيد في الحكومة بل الغالبية من السنة ولكنني كنت السني الوحيد المؤثر في قرارات حافظ الأسد.
المشكلة التي برزت بعد ذلك أن الحزب بعد حركة تشرين الثاني انقسم: قسم كان معنا، وقسم كان ضدنا مع القيادة السابقة، ومن ثم عندما اخترنا قيادة قطرية مؤقتة عمليا كان الاختيار من الصف الثاني والثالث بالحزب وصار هناك فرق من حيث الخبرة والتجربة.. فجاء جيل جديد للقيادة وجيل جديد للحكم.. كانت هناك تعثرات وهو أمر طبيعي بهذه الظروف.
• كيف كان تأثيرك على حافظ الأسد؟
أولا: في صلات مع الرجل في الواقع.. نعرف بعضنا منذ 47 ونحن من منطقة واحدة من اللاذقية.
ثانيا: عندما أمسك بقضية أدرسها بشكل جيد من مختلف جوانبها وأطرح الموضوع بحيث لا أترك فرصة أو ثغرة فيه تثير النقاش حولها.. أما حافظ الأسد كان مشغولا بشكل أساسي بالقضايا الداخلية وإعادة تشكيل الجيش.
• يعني ذلك أن لك التصرف المطلق في السياسة الخارجية؟
لا.. ما في شك أن حافظ الأسد كانت له علاقة بالسياسة الخارجية لأنه رئيس دولة والفصل في القرارات لا يمكن أن يتم إلا بموافقته.. لكن أنا كنت أعد السياسة وأعد القرار وأعد المشروع وأتناقش معه في ذلك.
• كنت وزيرا للخارجية وكان لك دور كبير في المنطقة العربية وبشكل خاص في الملف اللبناني وفاوضت كمال جنبلاط أثناء الحرب الأهلية؟
كمال جنبلاط كان صديقا لسوريا وهو رجل وطني لاشك، ولما وقعت الحرب الأهلية في لبنان قررنا إطفاء الحرب وإنهاءها لأن استمرارها يؤدي إلى تدخل إسرائيل باعتبار أن كثيرا من اللبنانيين حوصروا من قبل القوى الوطنية، وما عاد عندهم تنفس إلا الدول الغربية أو إسرائيل. خفنا أن يستنجد هؤلاء بإسرائيل، وفعلا اتجهوا إلى إسرائيل.. هذا الأمر صار هاجسا لنا بحيث إذا دخلت إسرائيل على المنطقة ستأخذ لبنان كله، وتصبح إسرائيل على حدود سوريا الجنوبية من طرابلس شمال لبنان حتى الحدود الأردنية.. وهذا أمر يؤذي مصالحنا من جهة، ومن جهة أخرى يضيع لبنان، وليس من مصلحتنا أن يتم تفكيك لبنان، ولم تكن لدينا طموحات بلبنان ولا تحقيق وحدة مع لبنان.. نفكر بالوحدة مع موريتانيا قبل لبنان لأننا نعرف أن ظروف لبنان معقدة ولا يجب الانجرار وراء قرار يزيد الأمر تعقيدا في المنطقة.
المرحوم كمال جنبلاط كان متشددا في رفض وقف الحرب واختلفنا كثيرا معه.. التقيته عدة مرات مع العماد حكمت الشعبي والعماد ناجي جميل وأصر على استمرار الحرب ولا تفاوض على هذه النقطة.
في إحدى الليالي اتصل بي ياسر عرفات على الساعة 12 بالليل وقال «شفت كمال بيك وعنده رغبة في زيارة سوريا ويقدم موافقته للرئيس حافظ الأسد على إنهاء الموضوع»..
• هل نجح ياسر عرفات في ما فشلت أنت فيه مع كمال جنبلاط؟
هنا مربط الفرس.. ناقشت الموضوع مع حافظ الأسد قال لي «تأكد من أبو عمار إذا الكلام صحيح أم لا».. اتصلت بياسر عرفات وقلت له «هل أنت متأكد مما قاله لك جنبلاط؟» رد علي ياسر عرفات وقال «أعوذ بالله لما حكيت معك كنت خارج من بيته» قلت له: «إذاً أهلاً وسهلاً».. وجاء كمال جنبلاط واجتمع بالرئيس حافظ الأسد لمدة ست ساعات.. حافظ الأسد يحكي عن وقف الحرب وانعقاد مؤتمر وطني وكمال جنبلاط يقول له: «سيادة الرئيس إذا ممكن تعطينا كم مدفع وبعض الذخيرة».
طبعا هو يطلب السلاح حتى يكمل الحرب ويقضي على الموارنة ويحرر بكفية وجولي والمناطق المسيحية المتبقية.
بعد ست ساعات خرجا بدون اتفاق.. ورفضنا مطالبه ولو وافقنا لحظتها لدخلت إسرائيل لبنان مباشرة.
وفي 21 يناير 1976، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار. ومع ذلك في مرحلة لاحقة استطاعت إسرائيل دخول لبنان.
• كنت صانعا للحكومات التي تشكلت بلبنان أو على الأقل شاركت ببصماتك فيها؟
عمليا كل الحكومات التي تشكلت في لبنان كانت صديقة لسوريا وبالتالي كل القضايا السياسية التي لها علاقة بالأمن تتم بين قيادة الجيش السوري بلبنان وبين السلطات العسكرية اللبنانية. العلاقات المتعلقة بالسياسة الأمنية والسياسة العامة تتم بمناقشات بيننا وبين الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء اللبناني. لذلك سياسة لبنان الخارجية متلائمة مع السياسة الخارجية السورية، وعندما يعقد مؤتمر عربي أو لقاء عربي يتبنى لبنان الموقف السوري مباشرة، كان هذا هو واقع الحال.
• هل حاولت أن تدفع سوريا للتطبيع مع إسرائيل أثناء تواجدك في الحكم؟
أنا قطعت كل الطرق أمام إسرائيل ووقفت أمام أطماعها وكنت عدوها الأكبر. فكيف أدفع بالتطبيع معها؟ الذي يتحدث بمثل هذا الحديث هو واحد من اثنين، إما مجنون، أو واحد حاقد وله أغراضه، ولا أحد يمكنه الطعن في تاريخي ولا أحد يستطيع أن يصمني وصمة سوء في وطنيتي وعملي الوطني.