-A +A
نوف محمد
تشتكي صديقة لي من كثرة المشكلات التي يتسبب لها بها ابنها المراهق، وكثرة تعمده لإيذاء إخوته الصغار وكثرة انصرافه إلى أصدقائه والخروج المتكرر معهم أو قضاء وقت كبير معهم على الهاتف أو على مواقع التواصل الاجتماعي، أو برامج الدردشة، في حالة تصفها بالعجيبة «كما تقول»!، خاصة أنها تـتحمل أعباء تربية أبنائها لوحدها تقريبا، بعد تنصل الأب وانشغاله عنهم.
وهي لا تعلم أن المشكلة الحقيقية لديها هي لدى الأب، وليست لدى المراهق أو المراهقة من الأساس، وأنه من الخطأ أن يفكر الأبوان أن تربية مراهقي اليوم هي ذات التربية التي كانت صالحة قبل 20 عاما.

فكثير من الآباء يشكون من تصرفات أبنائهم المراهقين وما يتسببون به من مشكلات لربما تهدم مستقبل المراهق إذا لم يتم التعامل معه بالشكل السليم.
لذا فعلى الآباء أن يفهموا هذه المرحلة فهما صحيحا، وأن يستوعبوا بأنهم يرزحون تحت ضغط إفـراز هرموني كثيف يؤثـر على نفسياتهـم، ولا بد أن يتم التعامل معهم بحذر شديد، وأن يغضوا الطرف عن بعض الأمور ليسير المركب بالمراهق والمراهقة ويصل بهـم إلى بـر الأمان.
ولا بد للأبوين أن يراعيا شيئا مهما للغاية، وهو اختلاف شخصيات المراهقين وأفكارهم، فلا يقارنا بين شخص وآخر ويعاملاهم على أنهم الشخص نفسه، فهذا خطأ فادح.
ولا بد للأبوين أن يعرفا ويتفهما ويقدرا رغبة المراهقين في الاستقلال عن عائلاتهم، وفرض شخصياتهم على من حولهم من أمهاتهم وأخواتهم ومن هم أصغر سنا منهم، من باب إثبات الذات، أو حتى التأثـر الشديد بشخصيات لربما تكون بعيدة عن دينهم وأخلاقهم ومجتمعهم.
وأفضل طريقة لفهم المراهـق هي:
أن تـتذكر أيـها الأب وأيتها الأم كيف أنكما كنتما تحلمان وتفكران وتخطئان حين كنتما في مثـل سنهم.
ولذا يجب أن يكون تعامل الأبوين مع أولادهما مبنيا على الثقة والبعد عن الشك والارتياب.
وليعلما أن جهاز الفهم لدى المراهقين لا يساعدهم على استيعاب الكثير من التفاصيل، وهنا تقـع الكثير من المشكلات؛ بسبب إصـرار الوالدين على أولادهم لإجبارهم على تنفيذ كل ما يطلبونه منهم، فيكثر الضغط على الفتيان والفتيات حتى يؤثـر سلبا على نفسياتهم، فالأبوان يريدانهم كما يريان هما، لا كما يريـد الأبناء لأنفسهم، وهنا مكمن الداء الذي لا بـد من التنبه له ومعالجته.
كما لا ننسى أن الخصام والتشاحن بين الأبوين أمام الأبناء يدخلهم في حالة من التوتـر والقلق وعدم الاستقـرار، وعندما يعاقب المراهق عقابا كبيرا على ذنب صغير؛ فإن هذا يثـير لديه روح العداء، ويعبر عن تلك الروح بإيذاء إخوته الصغار أو من يقدر على إيذائه، وكذلك العكس يمكن أن يحدث؛ لو تغاضى الأبوان عن أخطاء المراهق وزادا في تدليله؛ فإن ذلك سيشجع لديه السلوك العدواني أيضا..
أما عن نضج العاطفة لدى المراهقين والمراهقات، فهي بلا شك لدى الإناث أسرع من الذكور، وهذا دليل ومؤشر على تحمل الإناث بشكل عام لأعباء الحمـل والتربية في سن مبكرة جدا، ولربما تحملت كل ذلك وشريك حياتها في عالمه الآخـر، لا يعرف عن تعبـها شيئا. لذلك نلمس منها دائما درجة عالية من الصدق والإخلاص والتفاني في حماية أسرتـها وحياتـها، ويتنامى ميـل شديد للتضحية لدى الفتاة بعكس الرجل.