-A +A
د. علي لطفي
لاشك أن غياب الإرادة السياسية للدول العربية، سبب ضعفا لتأثير الجامعة العربية سواء فى محيطها العربي والإقليمي أو الدولي، بل إن غياب هذه الإرادة هو السبب الحقيقي والأبرز فى ضعف الجامعة العربية وعدم تبوئها مكانتها الإقليمية والدولية التى تنتظرها الشعوب العربية من جامعتها التي تأسست قبل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، ومن ثم لا بد أن تبدأ الدول العربية بالتعاون الاقتصادي، إذ أن المزيد من التعاون الاقتصادي سيدفع تلقائيا لمزيد من التعاون السياسي والاجتماعي، ولدينا مثال واضح وناجح هو الاتحاد الأوروبي الذي بدأ عام 1957 بـست دول أوروبية فقط هي ألمانيا الغربية قبل أن تتوحد عام 1991، وفرنسا وإيطاليا وهولندا ولكسمبورج وبلجيكا وأسسوا معا ما سمي بالسوق الأوروبية المشتركة، واستمروا في تلك السوق التي تسمح لهم بحرية انتقال رؤوس الأموال والسلع والبضائع والأشخاص حتى وصلوا لتشكيل البرلمان الأوروبي والوحدة النقدية، ونتيجة البداية الصحيحة تسابقت كل الدول الأوروبية للدخول فى هذا الاتحاد حتى وصل عدد الدول الأعضاء 28 دولة أوروبية.
ورغم أن الجامعة العربية تأسست عام 1945؛ أي قبل الاتحاد الأوروبي بسنوات، فإنها لم تنجح كما نجح الاتحاد الأوروبي؛ لأنها بدأت بداية خاطئة وما زالت تسير فى نفس الطريق الخاطئ، وقد عقدت القمة الاقتصادية والاجتماعية فى الكويت عام 2009 ، وكانت أول قمة عربية اقتصادية اجتماعية تتفق عليها الدول العربية، وبدلا أن تركز على تعميق التعاون الاقتصادي والاتفاق على مشاريع عملاقة يستفيد منها المواطن العربي، استنزفت الخلافات العربية ــ العربية وقت وجهد الزعماء العرب فيما سمى بجهود تنقية الأجواء العربية، وهو حال معظم القمم العربية للأسف التي غالبا ما تنتهي دون أي نتيجة ترفع من قيمة معدلات التجارة البينية العربية أو الاستثمار المشترك أو إلغاء عقبات تحول دون حرية رأس المال والسلع بين الدول العربية. ورغم أن اتفاقية التجارة الحرة بين الدول العربية من العلامات القليلة المضيئة فى تاريخ الجامعة العربية، إلا أنها غير ناجحة أيضا بسبب أن كل اجتماع يتعلق بهذه الاتفاقية يأتي مندوب كل دولة عربية ليتقدم بورقة تشمل مجموعة من السلع والخدمات التي تطالب حكومته باستثنائها من التجارة الحرة، وهنا تفقد الاتفاقية معناها ومحتوها، وكل هذا بسبب غياب الإرادة السياسية فى التخلي عن مصلحة آنية ذاتية وصولا إلى مصلحة جماعية بعيدة سوف تعود بالنفع على الجميع. لكن رغم كل هذه السلبيات فى مسيرة العمل العربي المشترك، إلا أننى أعتقد أن الزمن يمكن أن يغير هذه الظروف لتصبح الجامعة العربية أكثر فاعلية وقوة من الآن، وربما الضغوط الشعبية من الأجيال الجديدة التي تدرك أن المخاطر التي تحدق بالدول العربية كثيرة وخطيرة، وأن هناك مخططات لتقسيم الدول العربية، ربما مثل هذه المخاطر مع الوعي الشعبي والزخم السياسي يمكن أن تكون أداة لإصلاح « بيت العرب».
رئيس وزراء مصر الأسبق