-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
كان من المفترض أن يكون مقال اليوم عن «الاستراتيجيات المستقبلية» التي تضعها الدول، لقراءة مستقبل المهن لديها، وما الذي تحتاجه بعد خمس وعشر سنوات، فتساعد شبابها وبناتها قبل دخولهم للجامعات باختيار التخصصات التي سيطلبها سوق العمل بالدولة بعد تخرجهم؟
وكيف هي بعض الدول تجاوزت خدماتها لمواطنيها، وأصبح يمكن لغير مواطنيها حاملي الشهادات العاطلين عن العمل والقابعين في دولهم الفقيرة، أن يحددوا البلد الذي سيهاجرون له لاحتمالية وجود طلب على تخصصهم، وأنه يمكن لمؤسسات الدولة فعل هذا لتضيء المستقبل للأجيال الجديدة المقبلة على الجامعات قبل أن تنتقل لخدمة الذين يفكرون بالهجرة من أوطانهم الفقيرة، شريطة ألا نوكل هذه المهمة لمفسري الأحلام القادرين على قراءة مستقبل بعض الطيبين وليس الدول؟

ولكن مطالبة المؤسسات المعنية بقراءة المستقبل فيما هي ونحن غارقين «بشبر مية»، أعني بسبب أمطار عادية تهطل على دول شبه يوميا ولا يحدث «لحارة جانبية» ما حدث لأهم الطرقات في «العاصمة الرياض»، يجعل المقال وكاتبه وقارئه أشبه بفقراء يخططون لبناء شركات عابرة للدول، فيما كوخهم لا يوجد فيه رغيف واحد يسكت جوعهم.
بقي أن أقول: إن ما حدث للرياض من أمطار كان من المفترض أن تكون عادية، ولا تغلق الطرقات أو تجبر المؤسسات على تعليق الدراسة، مع أن أسر الطلاب والطالبات لن ينتظروا قرار التعليق، لأنهم غير قادرين على إيصال أبنائهم للمدارس فالطرقات غارقة «بشبر مية».
قلت: ما حدث للرياض جراء أمطار عادية لا يستحق تشكيل لجان «لتقصي الحقائق»، لنغرق بها بعد أن غرقنا «بشبر مية»، فالقضية واضحة جدا، أمانة وبلديات لا تقوم بمهامها «في الفسح للبناء»، ولا تراقب عمل شركات صيانة الطرقات.
وشركات صيانة تستنزف مئات الملايين من ميزانية الدولة، ولا تشتري «مكنسة كهرباء» لشفط الرمال العالقة في فتحت المجاري بالأنفاق بسبب ما تتعرض له الرياض من «رياح رملية طوال العام».
وكل ما نحتاجه قرارات بمحاسبة مديري الأمانة والبلديات لعدم قيامهم بمهامهم، وجر شركات الصيانة للمحاكم لتغريمها وفسخ العقود.
إذ ذاك لن تتكرر المسألة وسيراقب المديرون الجدد عمل الشركات، وستشتري الشركات «مكنسة كهرباء»، وسنتحدث عن «الاستراتيجات المستقبلية» بعد ما «تنشف ثيابنا».