منذ فترة طويلة لم أسمع أي خبر عن المحميات الطبيعية في بلادنا رغم أنني من المهتمين بمتابعة أي تطور يخص هذه المواقع المهمة وهو ما يجعلني أتساءل عن حدوث أي تقدم يخص هذه المحميات أو أنشطة الحفاظ على الطبيعة والحياة الفطرية بصفة عامة في بلادنا. لذا سرني قراءة ما نشر مؤخرا عن مشاركة المملكة في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى في جزيرة كورسيكا الفرنسية الذي نظمه الاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة والهيئة الفرنسية للمحميات البحرية في أكتوبر الماضي على هامش المؤتمر الدولي الثالث للمحميات البحرية المنعقد في مرسيليا، حيث شارك في الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز وسمو الأمير بندر بن محمد رئيس الهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.. من أهداف هذه الاجتماعات مناقشة الإجراءات الدولية الخاصة بوضع خطة لحماية نسبة 10 في المائة من البحار والمحيطات والمناطق الساحلية حول العالم بحلول 2020م (صحيفة الحياة في 20/12/1434هـ). وفي الحقيقة لبلادنا حضور عالمي مشرف فيما يخص المؤتمرات الدولية الخاصة بحماية الحياة الفطرية مثـل مشاركتها في المؤتمر المذكور أعلاه وخلافه. كذلك يتمثـل الحضور المشرف للمملكة دوليا في ما تقوم به مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات من دعم للبحوث والدراسات العلمية التي يقوم بإجرائها فرق عالمية متميزة تجوب كافة البحار والمحيطات. وقد شكل تدشين كرسي الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على البيئة البحرية مؤخرا بجامعة الملك عبد العزيز بجدة امتدادا لجهود هذه المؤسسة في تشجيع البحث العلمي على المستوى المحلى. على الجانب المقابل، نلاحظ غيابا واضحا فيما يخص الأنشطة والمشاريع الخاصة بالحياة الفطرية في الداخل. هذا الغياب يدعوني إلى دعوة الجهات المختصة بأمور البيئة والحياة الفطرية والجامعات في بلادنا لإلقاء مزيد من الضوء على وضع المحميات الطبيعية وأي تقدم حاصل فيها. كان إنشاء الهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في عام 1406هـ إجراء ضروريا للحفاظ على الطبيعة في بلادنا، وقد كان إنشاؤها تحت إشراف أعلى الجهات الرسمية وبمباركة كبار الشخصيات الحكومية مثـل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل حفظه الله. قامت الهيئة بعد تأسيسها بإنشاء عدد من المحميات الطبيعية البرية والبحرية، هي محمية حرة الحرة، و محمية الخنفة، ومحمية الطبيق، ومحمية الوعول، ومحمية محازة الصيد، ومحمية جرف ريدة، ومحمية عروق بني معارض، ومحمية التيسية، ومحمية الجندلية، ومحمية نفود العريق، ومحمية سجا وأم الرمث، ومحمية مجامع الهضب، ومحمية فرسان، ومحمية جزيرة أم القماري، ومحمية الجبيل للأحياء البحرية . يختلف مستوى الحماية في هذه المحميات من محمية إلى أخرى وتـتعرض كثير منها لتعديات مستمرة تجعل مراقبتها ووقف الصيد غير المسموح به شغل الهيئة الشاغل. كثيرا ما تكون أخبار التعديات هي الأخبار الوحيدة التي نسمعها عن المحميات وهو ما يعكس، للأسف انخفاض مستوى الوعي العام بالهدف من إنشاء المحميات وأهمية التقيد بأنظمة المحافظة على الحياة الفطرية بها. كان من المفترض وفقا لخطة الهيئة أن يزيد عدد المحميات تدريجيا في أماكن حددتها الهيئة بالتعاون مع جهات دولية إلى أن يصل إلى 103 محميات، وهو ما وافق عليه مجلس الشورى وأوصى بتنفيذه. للأسف لم نسمع عن أي إضافة لمحميات جديدة منذ عدة سنوات مما يدل على تعثر مشاريـع الزيادة. وفي رأيي أن الإسراع في تمكين الهيئة من استكمال مسيرة إنشاء محميات جديدة، وخاصة في المناطق الشديدة الحساسية مثـل السواحل والجزر التي تـتعرض للتلوث الشديد والهجوم العمراني المجحف، هو أمر في غاية الأهمية ولا يحتـمل أي تأجيل. كذلك لم نر أي تطور في الاستفادة من بعض المحميات التي تسمح طبيعتها بالاستفادة منها أو بأجزاء منها كمتـنزهات وطنية وفقا للتنظيمات المناسبة، وهو شيء تحتاجه بلادنا بصورة كبيرة،كما أنه يؤدي إلى توسيع مفهوم المحميات وربطها بالمجتمـع مع تغيـير الشعور الخاطئ عند البعض بأنها مساحات محتكرة من قبـل فئات معيـنة..
أتمنى أن تنتهي حالة الجمود التي تعاني منها مسيرة المحميات الطبيعية في بلادنا وأن يتـم تخصيص كافة أنواع الدعم اللازم للهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية لاستكمال منظومة المحميات وتطويرها بما ينعكس إن شاء الله على الوطن والمواطنين بالخير العميم.
أتمنى أن تنتهي حالة الجمود التي تعاني منها مسيرة المحميات الطبيعية في بلادنا وأن يتـم تخصيص كافة أنواع الدعم اللازم للهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية لاستكمال منظومة المحميات وتطويرها بما ينعكس إن شاء الله على الوطن والمواطنين بالخير العميم.