كانت الترجمة ولا تزال هاجس الكثير من الكتاب والشعراء العرب الذين يدغدغهم بشكل دائم حلم الانتقال من المحلية إلى العالمية. وقد ارتفع منسوب هذا الهاجس إلى حدوده القصوى بفعل التقدم المطرد لوسائل الاتصال والتقنيات العابرة للحدود بين الأمم. ولعل أكثر ما يلفت في هذا السياق هو أن معظم الشعراء الذين يطلب إليهم تقديم ثبت موجز عن سيرهم الذاتية يحرصون على الإشارة إلى أن قصائدهم قد تمت ترجمتها إلى العديد من لغات العالم الحية، في حين أن ما ترجم لهم لا يتعدى القصائد أو المقطوعات القليلة والمتناثرة. وهي غالبا ما تكون ترجمات سريعة ورديئة تفرضها مناسبات المشاركة في مهرجان شعري أو أنطولوجيا أعدت على عجل.
يحق للشعراء والكتاب بالطبع أن يعملوا على ترويج أسمائهم وتلميعها من جهة، وعلى السعي المشروع من أجل دخول نادي «العالمية» الأدبية من جهة أخرى. لكن ذلك الأمر لا ينبغي أن يتحول إلى هاجس مرضي يعملون على تحقيقه بأي ثمن، ويعتبرونه المعيار الأهم لتحديد قاماتهم الإبداعية على المستويين الداخلي والخارجي. ولا يكاد البعض منهم يحظى بفرصة الترجمة، ولو في إطار ضيق، حتى يدغدغه حلم الحضور العالمي، أو يجلس قرب سماعة الهاتف منتظرا الصوت الذي يزف إليه نبأ الفوز بجائزة نوبل أو غيرها من الجوائز الكبرى.
لا يعني ذلك بأي حال انتقاصا من قيمة الشعراء والكتاب الذين تمت ترجمتهم إلى لغات أخرى، أو الذين يطمحون باستمرار للخروج من الدائرتين الوطنية والقومية باتجاه الأفق الإنساني الأرحب. فالقصد من هذه الكلمات هو إخراج الترجمة من إطارها الفولكلوري العابر، ومن بازار العلاقات الشخصية والشللية، باتجاه أرض للانتشار أكثر صلابة وثباتا. إذ أن معظم ما أنجزت ترجمته في السابق خاضع للارتجال والاستنساب، أو للعلاقات الشخصية مع المترجمين العرب والأجانب، وهو لا يعكس، عدا استثناءات قليلة، الهوية الحقيقية للإبداع العربي.
إن المحصلة الأكثر سلبية للترجمات العشوائية تتمثل في تشويه صورتنا لدى الأمم الأخرى، وفي تزوير حقيقتنا الإبداعية التي تبدو للآخرين سطحية وعقيمة ومدعاة للتجاهل والاستخفاف. وقد آن الأوان ــ في رأيي ــ لأن تخرج الترجمة من عهدة العشوائية والارتجال والإعجاب المرضي بالنفس، لكي تتولاها مؤسسات رسمية وأهلية وثقافية ذات مصداقية عالية، وأن يتم تمويلها بسخاء ويعهد بها إلى لجان مختصة من كبار الدارسين والعارفين بقضايا الأدب. إن الغرب ليس مسؤولا ــ بأي حال ــ عن الصورة التي نقدم أنفسنا بها، وهي في الغالب مزورة ومضللة، وعلينا نحن أن نقدم للآخرين ما يعكس حقيقتنا العميقة وما هو جدير بحضورنا في العالم.
يحق للشعراء والكتاب بالطبع أن يعملوا على ترويج أسمائهم وتلميعها من جهة، وعلى السعي المشروع من أجل دخول نادي «العالمية» الأدبية من جهة أخرى. لكن ذلك الأمر لا ينبغي أن يتحول إلى هاجس مرضي يعملون على تحقيقه بأي ثمن، ويعتبرونه المعيار الأهم لتحديد قاماتهم الإبداعية على المستويين الداخلي والخارجي. ولا يكاد البعض منهم يحظى بفرصة الترجمة، ولو في إطار ضيق، حتى يدغدغه حلم الحضور العالمي، أو يجلس قرب سماعة الهاتف منتظرا الصوت الذي يزف إليه نبأ الفوز بجائزة نوبل أو غيرها من الجوائز الكبرى.
لا يعني ذلك بأي حال انتقاصا من قيمة الشعراء والكتاب الذين تمت ترجمتهم إلى لغات أخرى، أو الذين يطمحون باستمرار للخروج من الدائرتين الوطنية والقومية باتجاه الأفق الإنساني الأرحب. فالقصد من هذه الكلمات هو إخراج الترجمة من إطارها الفولكلوري العابر، ومن بازار العلاقات الشخصية والشللية، باتجاه أرض للانتشار أكثر صلابة وثباتا. إذ أن معظم ما أنجزت ترجمته في السابق خاضع للارتجال والاستنساب، أو للعلاقات الشخصية مع المترجمين العرب والأجانب، وهو لا يعكس، عدا استثناءات قليلة، الهوية الحقيقية للإبداع العربي.
إن المحصلة الأكثر سلبية للترجمات العشوائية تتمثل في تشويه صورتنا لدى الأمم الأخرى، وفي تزوير حقيقتنا الإبداعية التي تبدو للآخرين سطحية وعقيمة ومدعاة للتجاهل والاستخفاف. وقد آن الأوان ــ في رأيي ــ لأن تخرج الترجمة من عهدة العشوائية والارتجال والإعجاب المرضي بالنفس، لكي تتولاها مؤسسات رسمية وأهلية وثقافية ذات مصداقية عالية، وأن يتم تمويلها بسخاء ويعهد بها إلى لجان مختصة من كبار الدارسين والعارفين بقضايا الأدب. إن الغرب ليس مسؤولا ــ بأي حال ــ عن الصورة التي نقدم أنفسنا بها، وهي في الغالب مزورة ومضللة، وعلينا نحن أن نقدم للآخرين ما يعكس حقيقتنا العميقة وما هو جدير بحضورنا في العالم.